توفي الكاتب الألماني مارتن فالزر عن عمر يناهز 96 عاما أمس الجمعة 28 يوليو 2023، حسبما أفادت دار النشر الألمانية البارزة “روفولت فيرلاغ” مساء أمس، بعد عدة تقارير إعلامية.
وقد أرسل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير رسالة تعزية إلى أرملته كاثي فالزر قال فيها ( لقد فقدت ألمانيا إنسانا عظيما وكاتبا من الطراز العالمي) .
وأضاف قائلا:” إذا كان للمرء أن يذكر مثالا على الكتابة الواعية تاريخيا والملتزمة في الأدب الألماني بعد الحرب، فمن الذي سيتبادر إلى ذهنكم أولا سوى مارتن فالزر؟”
وقد اعتبر فالزر على نطاق واسع أحد أهم الكتاب المعاصرين في ألمانيا، حيث كان يعد شخصية أدبية بارزة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى جانب غونتر جراس وهاينريش بول.
ولد فالزر في 24 مارس 1927، وهو ابن صاحب نزل في فاسربورغ على بحيرة كونستانس، في جنوب ألمانيا.
حصل فالزر عام 1946 على شهادة إتمام المرحلة الثانوية. ثم انقطع عن دراسته بسبب الحرب ووقع في الأسر. وفي رجنسبورج وتوبينجن درس حتى عام 1951 الأدب والتاريخ والفلسفة كانت بدايات مارتن فالزر الأدبية محاولات متواضعة في كتابة الشعر، لكنه سرعان ما أدرك أنه ليس بالشاعر الحقيقي، فاتجه نحو السرد، نحو كتابة القصة.
حصل فالزر سنة 1952 على درجة الدكتوراه، وكانت رسالته في موضوع “الشكل القصصي عند فرانتس كافكا”. في تلك المرحلة كانت محاولاته في القصة متأثرة بشكل كبير بأسلوب كافكا، فانهال عليه النقد اللاذع من زملائه أعضاء “جماعة 47” الأدبية. فوجد فالزر أسلوبه الخاص في السرد الأدبي وبدأ في تصوير الحياة اليومية عند الناس العاديين في ألمانيا، وخاصة حياة البورجوازيين الصغار الذين لم يستطيعوا التحرر من قيود المجتمع وعاداته. لذلك أطلق عليه النقاد فيما بعد لقب “موثق الحياة اليومية”. وعلى نحو مماثل وصف الرئيس الألماني السابق هورست كولر أعمال مارتن فالزر بأنها “تاريخ للتطور النفسي لجمهورية ألمانيا”.
وفي الفترة من 1949 حتى 1957 عمل في إذاعة جنوب ألمانيا وسافر إلى العديد من البلدان الأوروبية. وكان فالزر عضو في نادي القلم في ألمانيا الاتحادية، وفي العديد من الجمعيات الفنية الأخرى .
ومن أعماله : ( طائر فوق البيت وقصص أخرى (1955) – نصف الوقت (رواية 1960). – وحيد القرن (رواية 1966) – مذبحة الغرفة (1969) – السقوط (رواية 1973) – كيف وعن ماذا يكتب الأدب ؟ (مقالات ومحاضرات 1973) – حصان هارب (أقصوصة 1978) – مدح الوطن كتاب البودنزيه (1978) – بين يدي جوته (مشاهد من القرن التاسع عشر 1982) – تلاطم الأمواج (رواية 1985) – دفاع عن الطفولة (رواية 1991) – بدون بعضنا (رواية 1993).
وشهدت السنوات الخمس الماضية صدور أحدث أعماله: ديوان شعري بعنوان “الحيوان المسلوخ”، وكتابين آخرين، أحدهما هو الجزء الثاني من مذكراته خلال أسفاره بين 1952– 1981 بعنوان “رحلات في حياتي”، وثانيهما كتاب تناول فيه الأديب حياته التي كان مضطراً فيها إلى أن يكون دائماً على حق فيما يقول، حسب ادعائه، وعنوان الكتاب يشي بموضوعه “مقالات في التبرير”.
لم يترك مارتن فالزر جائزة ألمانية رفيعة المستوى إلاّ وحصل عليها. قدم خلال ستة عقود إبداعاته الأدبية في القصة والرواية كما في المسرحية والتمثيليات الإذاعية والمقالات. ومن أهم رواياته “علاقات زواج في فيلبس بورغ” التي صدرت عندما كان في الثلاثين من عمره، ورواية “جواد هارب” التي اعتبرها معظم النقاد وقت صدورها (عام 1978) “لؤلؤة النثر الألماني”. من هذه الرواية بيع أكثر من أربعة ملايين نسخة، وتحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي مرتين.
وبروايته “دفاع عن الطفولة” التي صدرت في عام الوحدة الألمانية (1991) كان فالزر أول كاتب ألماني تناول موضوع وحدة الجمهورية روائياً. وقبل انتهاء القرن العشرين احتفى عديد من نقاد الأدب بروايته “النبع الفوار” الصادرة عام (1998). في هذه الرواية استعاد سنين صباه التي قضاها في مسقط رأسه “فاسّربورغ” أيام النازية.
وحصل فالزر على جائزة جورج بوشنر في عام 1981 وجائزة السلام التي تمنحها مؤسسة “جيرمان بوك تريد” في عام 1998.
وعرف قراء العربية بعض أعمال مارتين فالزر من خلال ترجمتها إلى العربية، إذ صدرت ترجمة عربية لرويته “جواد هارب” عام 2004 عن دار الجمل، وصدرت بعنوان “جواد نافر” بترجمة على أحمد محمود. كما ترجم له سمير جريس رواية “رجل عاشق” وصدرت في سلسلة شرق غرب عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم عام 2008.
إعداد : محمد عزوز
عن ( صحف ومواقع )