رحل الشاعر الصديق ناجي دلول
رحل ذاك الذي تحدى الإعاقة ، وظل يواظب على حضور مختلف النشاطات الأدبية والثقافية في مدينتنا ( سلمية ) وظل مصرا على التحدث وإبداء الرأي رغم الإعياء ، وظل يقرأ بشغف يضاهي به الأصحاء .
تلقيت صفعة رحيل الشاعر الصديق ناجي دلول صباح اليوم الجمعة ٤ آب ٢٠٢٣ وأنا في أحد أحياء برلين ، فبكيت وتمنيت لو أنني هناك في سلمية مع ثلة الأصدقاء كي أشارك في وداع جثمانه الطاهر .
التقينا قبل أيام من سفري وشاركته مشواره الصباحي الى بيته الآخر في أقصى الشمال الغربي من سلمية .. بيت شبه منعزل .. يقصده كل صباح ليشرب المتة على الحطب ويتمتع ببعض الهدوء والجمال الذي بدده انعدام وصول الماء ، آلمني اتساع الغبار في المكان .. لكني لا أستطيع توجيه اللوم لرجل يعاني من آثار إصابة دماغية ، وهو بالكاد يمشي أو حتى يتكلم .. شربنا المتة ، استمتعت بحديثه وغادرت مشفوعا بأمنياته لي بسلامة الوصول والعودة .
أكبرت هذا التحدي الكبير منه للإصابة لعدة سنوات خلت .. انتهت بفاجعة رحيله هذا الصباح .
سلام لروحك النبيلة أبا بشار ..
وهذا جزء من الفصل الخاص به في كتابي ( شعراء سلمية ) :
( هو شاعر في كلامه ، في مشيته ، في قهقهته ، في بعض أفعاله ..
في هيئته شيخوخة مبكرة ، وفي روحه شباب متجدد ..
لم تعرفه سلمية كثيراً ، له مشاركاته القليلة في مهرجان الشعر فيها ، فقد اختار الإقامة في أقصى الجنوب السوري بعد أن اختار العمل في القوات المسلحة .
ولم تحفظ وجهه ذاكرة الناس في سلمية ، ولم تشفع له فترة تقاعده وإصراره على عشق سلمية ، بشوارعها وحاراتها ، وبعض دروب الغبار والعوسج فيها .
عندما قابلته بعد طول غياب عنا وعنها هتفت في غرابة :
– هذا أنت يا ناجي ..؟ لماذا هرمت إلى هذه الدرجة ..؟
ابتسم كعادته ، وأصر على شباب الروح والذاكرة ..
لم يزد على إصداراته السابقة شيئاً .. ولكنه يصر على اقترافه حرفة الكتابة ، ويصرح أنه يغامر فينشر بعض قصائده في هذه الصحيفة أو تلك ، وأنه لم يتصالح بعد مع عالم النشر الإلكتروني .. *
ولد الشاعر ناجي دلول في سلمية في ١٧ مايو 1954 درس في مدارسها ثم انتسب للقوات المسلحة وأمضى فيها جل سنوات عمره ، تقاعد قبل بضع سنين ، وعاد ليعيش في كنف مدينته ، ويشارك في نشاطاتها الأدبية بشكل أكثر فاعلية .
يكتب القصيدة النثرية وله تجارب في القصة القصيرة
أصدر مجموعتين شعريتين ( طموح الحواس 1994 – جلالة الماء 1997 )
ولم يثنه وضعه الصحي المتردي أخيراً عن المتابعة في كل المنابر الثقافية في المدينة ) .
محمد عزوز
• من مقدمة الفصل الخاص به في كتابي ( شعراء سلمية ) جزء 2 برسم الإصدار .