الحرب بين روسيا، والقطب الغربي كله، لم تعد محدودة في أوكرانيا، بل ستمتد لتشمل الكثير من الساحات.
هذه حرب عالمية بكل المقاييس، بين الغرب كله، والشرق كله، بقيادة روسيا والصين
على القطب الغربي بقيادة أمريكا، أن يدرك، أن زمن الحساب على جرائمه ضد الإنسانية، قد بدأ.
سيستيقظ الغرب، بقيادة أمريكا، على (هبة) معادية له، لم يعهدها من قبل، تعم جميع مستعمراته السابقة، التي عانت ولا تزال من استعباده، هذه الهبة، ستذكرنا بالنهضة التحررية، التي شكلتها حركة عدم الانحياز في الستينات من القرن الماضي، التي قادها عبد الناصر، وتيتو، ونهرو، وسوكارنو، ونيكروما، والتي اغتيلت من قبل الغرب.
حيث تمكن الغرب يومها من اغتيال، تلك الجذوة، باغتيال قياداتها، ومن ثم إسقاطها، ولكن هذه الهبة الجديدة، تختلف عن سابقتها، في جدية القوى المواجهة للقطب الغربي المسيطر، وفي حجمها، وفي طبيعة المواجهة الفعلية، حيث أقدمت روسيا، ومن ورائها الصين، على مواجهة القطب الغربي، ليس على الجبهة الأوكرانية وحدها، بل على أكثر من جبهة.
كل متابع جاد يعرف أن هذه الحرب، بين روسيا والقطب الغربي، ستكون الحرب التاريخية الحاسمة، وأن الخسران سيكون من نصيب القطب الغربي، بكل تأكيد، ولأول مرة منذ خمسة قرون، لأن من المستحيل خسران روسيا لهذه الحرب، لأن هذه الحرب لم تنل من البنية الداخلية للمجتمع الروسي، بل على العكس عززت التلاحم الوطني، كما أيقظت لديه مشاعر مزدوجة عز (الامبراطورية) القيصرية، والزمن السوفييتي.
أما أوكرانيا فكلما طال زمن الحرب، كلما زادت معاناتها، وبالتالي ستجد نفسها تتآكل، عسكرياً، واقتصادياً، وحتى جغرافياً، بل وعلى جميع الأصعدة، وستصل إلى مرحلة لن تتمكن فيها من رفد جبهاتها بمقاتلين جدد، بعكس روسيا، الكبيرة بعدد سكانها، وبقدرتها على تقديم المزيد من الشباب، إلى ميادين القتال، ولأنه ومها زاد الغرب من تسليحه للجيش الأوكراني، لن يتمكن من التفوق على التسليح الروسي، لا بالنوع، ولا بالحجم، ولا يجوز أن نستبعد الدعم الصيني إن لزم الأمر.
فهزيمة الغرب في أوكرانيا، سيكون له انعكاسين متناقضين”
سيعلن بداية انزياح الزمن الأمريكي ــ الأوروبي الاستعماري عن العالم.
وسيبعث بمشاعر التمرد ضد الغرب في آن واحد، وفي كل القارات، وسيعيد الحياة للحركات الثورية، وبدأنا نرى ذلك بصيغته الواضحة في التمردات الإفريقية، ومن يعيد قراءة خطاب الشاب الثوري، إبراهيم تراوري، قائد بوركينا فاسو، في (بطرسبرغ) لابد وان يتذكر، زمن لوممبا، ونلسن مانديلا، ونكروما، وأحمد بن بيلا.
لكن لابد من اليقظة والإدراك، أن الغرب وهو يتراجع في جميع القارات، لن يستكين، بل لابد وأن يشعل الكثير من الحرائق، في كل الدول التي سيخرج منها مهزوماً، وأن يحرك عملاءه من الأنظمة والأفراد، دفاعاً عن مواقعه، وليعرقل الثورات الشعبية.
هذه الإنزياحات، وتلك الثورات، ليست إلا التعبير العملي، عن ولادة مرحلة تاريخية جديدة، لزمن جديد، تهبُّ فيه نسائم الحرية، وتنشر الكثير من الأمل على جميع الأصعدة، وفي غالبية البلدان.