بقلم الإعلامي سعدالله بركات
ما أنجزه الأديب د. سليمان الصدي ، من مؤلفات وعلى تنوّع أجناسها الأدبية ، تنضوي في ،، أدب الاغتراب ، قاسمها المشترك تجذّر ووفاء ،كيف لا ! وهو المكنّى ب ،، الصدّي ،، دلالة على متانة تعلق بجذور جدّه في بلدة ،،صدد،، في ريف حمص .
هو الذي يقول ((الغربة ألما ومعاناة ، وتحديّات ..)) وقد عاشها لنحو 5 عقود ، ليرى أنّ ((الإبداع الحقيقي لا ينجم إلا عن المعاناة، وفي الغربة نعرف قيمة الوطن وتصير محبتنا له أشبه بالتصوف ، ..أغادر سوريا ، لكن سورية لا تغادرني، …سورية السياج الذي يسوّر قلبي أينما اتجهت، والعشق الذي يسري بدمي، هي الهواء الذي أستنشقه ، ليتني أمضي بقية حياتي ، تحت أغصان الزيتون الوارفة في بلدتي الوديعة إزرع ))
العنوان الفرعي الذي أراده د. الصدي لهذا المنجز ،، مقالات في الحب وتحديات الرجاء ،، يدلنا على مضمونه ، و قاسمه المشترك مع منجزيه الروائي الشعري ، شوق ومعاناة ، وقد طرح كما أشار في المقدمة ،، أسئلة ترسم إجاباتها معاني الأوراق ….بدلالة منهجها ومنطلقاتها..،، ص 3 تاركا للقارئ دهشة الاكتشاف .
توزعت المقالات على 4 أقسام في 223 صفحة ،أخذت الأوراق السياسية أكثرها ( 125 صفحة ) ، ثمّ الفكرية ، فالأوراق الوجدانية والغزلية ، تراه يلج فن المقال من بابه العريض ، مسلحا بملكة فكرية لغوية وشاعرية ، وبحس وطني ، وهو ينثر قصصه ورسائله على نحو منطقي مقنع ، وبطريقة فنية جميلة.
من،، سياسة الذئب والحمل ،، ص4 إلى ،، وانقلب السحر على الساحر،، ص 5 ،، وردة شامية لغزة ،، ص8 ،،إلى نيسان السلام ،، ص 10 حين ،، تتفجر ينابيع الحب الجمال ….يطلّ القمر بحلة بهية…فيغمرقلوب العشاق بكثير من الحب ..،، وهو يرنّم ،، لفصح وطني ..،، ص
13 و،، فاح ياسمين الشام ،،ص18 ،بمناسبة زيارة الرئيس السوري لأمريكا اللاتينية .. ،
تراه ، يمر على ،،اليمن الذي كان سعيدا ،، ص21 قبل أن يتساءل ،،ما سرّها الشام ؟،، ص24
،، سرّ الشام في صمودها في وجه الزمن… [والمحن ]..لم أجد مثل قلبي يطير ويرتجف ..كلّما ذكر اسمك يا شآمي ،، أما العزّف ،،أوله دمشق ،، ص 49.
يعرّج على القدس ، مصر والصومال ،فإلى ،، أحفاد عمر المختار ،، ص36 ، قبل أن يفنّد ،، سياسة تركيا .. ،، 38 + 71، +86 وخريف أردوغان ..وقبحه،، ص 97 + 122 ليحلل ،، الأزمة السورية ،، فيراها ،- وإن من بعيد – نتاج الربيع العربي كما في تونس وغيرها ..ص59 ، فيصفه ب ،،الشتاء العربي ،، ص73 أو ،،انفلونزا الثورات ،،ص 91
- في أوراقه الوجدانية ، يقلّب ،، د. الصدي ،، صفحات ذاكرته ، ليؤجج مشاعره وتوقه لحبيبته ،،الشامية ،، من مرافئ الذاكرة ،، ص131 وهو متيّم بالشآم ، توأم روحه ..ونبض فؤاده،، ص 136
ولئن كشف وداع أمّه ، ضعفه أمام دموعها ص 139 ، فقد أثار أشجاني ، أنا الذي أخفيت دمعي عن أم سعدالله وقد قاربت المائة ، وكان الوداع الأخير…تراني أتوقف بشجن عند ،،حزن عصفور مهاجر ،،ص155 ،، وطني ياوجودي .. ووجعي الأكبر. شآمي يا أرض الطهر والنقاء ..لأنك حبيبتي أستحق الحياة ،،
- أما أوراقه الفكرية ، فتناولت الإنسان والزمن ، الزواج ، ص 160 و163 قبل أن يقارن بين ،، الحب العذري و الجسدي ،، 176،ثم يكتب في ذكرى رحيل شاعر الياسمين ، وعن ،،جبران ذلك النهر الخالد،، ص 170 فالمعري ،، اللغز المحيّر ،،183 ، ثم ّ ،، أم كلثوم صوت وحّد العرب ،، 185 .
وفي ،، التربيع والتدوير في الفكر العربي ،، يرى الأول يضع نفسه في خصومة مع الآخر ، بينما الثاني ، يراه مختلفا ص188.
- مسك الختام في أوراق الغزل ، وما فيها من واقع أو أحلام ص 190+198 وخيال ، وهو يناجي الروح،، الشتات يا غاليتي هو شتات العقل….حين ترحلين ،تتغير كلّ الأشياء حولي ،، ص 195 الشمس انت. القلب أنت …نقشت اسمك في قلبي ونبضه حتى غدا في الغرام شعارا ، ص202 ..أحبك في قربك مني ، وعدك عني ، وأشعر أني صرت منك وصرت منّي …ص204 ، وفي ،،رسالة إلى حبيب مهاجر ،،ص 208 من خلف المحيط تناديه : ،،من خلال حبات المطر التي تحكي كلّ حبة قصة حبّنا ،، وهو الحبيب،، ،،الحاضر الغائب،، 210 ،، كم اشتاق إليك بعدد رمال الصحارى …،، وهي تحلم ،،أنّي أسافر معك كل يوم في رحلة تبدأ بشفتيك…،، ص
في ندوة نقدية مع توقيع الكتاب في اللاذقية تحدث د. خالد الأحمد أستاذ العلوم التربوية عن منشأ المؤلف وسيرته الذاتية موضحا أن كتاب “من أوراق الحياة” (( هو مزيج من متنوع يختلط فيه الوجداني بالسياسي، وأن أكثر ما يميزه العفوية والصدق ، والتأكيد على الانتماء للوطن والإنسان والأم والحبيبة)).
الناقد الدكتور وفيق سليطين أشار إلى(( تميز مقالات الكتاب بالحبّ الغامر و لمس من حرارة المباشرة في القول والكتابة نوعا خاصا من الأب )).
د. غسان غنيم أستاذ الأدب الحديث والمعاصر ، رأى في الكتاب (( أوراقا تسجل الحياة بطريقة تفيض بالوجدان…. حيث يقدم الكاتب قلبه فوق ورق أبيض… فيه الكثير من الحنين إلى تراب سورية وعبق حجارتها)) .
.ولفت غنيم إلى أن الكاتب في الأوراق الغزلية ((دمج بين شيئين هو الغزل بالحبيبة الوطن وبالوطن الحبيبة …..ودائما تأتي بوصفها ،، الشآمية ،، ما يؤشر إلى أن حالة العشق لديه مشتركة بحالة الوطن وهذا ناتج عن واقع الاغتراب)).
بينما أدرجت الدكتورة سمر الديوب أستاذة الأدب العربي القديم، الكتاب (( ضمن أدب الاغتراب الذي يمثل التآخي الإسلامي المسيحي…. مبينة أن لغته كوتها نار الغربة ، فهي لغة شفافة صادقة ، هناك لغة شعرية لم تغب حتى عن المقالات السياسية ، وهي ممتلئة بالمناحي الشعرية من الإيحاء إلى المفارقة إلى السجع إلى الترادف والتضاد )).
ولعلّ الكاتب – الشاعر يواصل الوفاء بما اختتم أوراقه ، أنه سيكتب مجددا ، فلا ينتهي عطاوه .
هامش
===============
- ندوة اللاذقية ،مي قرحالي – سانا الثقافية 2015-04-06