هل يمكن أن نقرأ علامات الانشقـــــاق، والسقوط، في الدولة الأوكرانية؟ فهو درب الخلاص الوحيد.
وهل لا تزال أمريكا ــ أوروبا على ثقــــــــــــة، من انتصار أوكرانيا على التــرسانة العسكرية الروسية؟
كيف سيكون حال القطب الغربي، بنية، ومواقفاً، بعد (الثقة بالنصر)، وتتالي الخيبات التاريخية في أوكرانيا؟
بقلم المحامي محمد محسن
استخفت أمريكا بالكرامة الروسية، ودفعتها دفعاً للحرب، عندما لم تستجب لطلبها، بعدم قبول أوكرانيا في حلف (الناتو)، آملة إغراق روسيا، في مستنقعات أوكرانيا، وتمزيقها، فكان خطأها الاستراتيجي.
وكان هدفها الثاني، (توريط) أوروبا، وزجها في مواجهة مع روسيا، وقطع حبل السرة بينهما، وإعادة أوروبا إلى الحظيرة الأمريكية مجدداً، وبذلك تكون قد حققت هدفاً واحداً، لكنه مؤقتاً.
وقعت أوروبا في الفخ الأمريكي بكل غباء، وانخرطت بكل طاقاتها المادية، والعسكرية، في الحرب، وكأن الحربَ حربها، وتناست كل مصالحها الأساسية مع روسيا، هنا أكدت أنها (القارة العجوز).
تدرجت المساعدات العسكرية الأمريكية ــ الأوروبية، إلى أوكرانيا، مع تزايد الثقة بالنصر، من الأسلحة الخفيفة، إلى المتوسطة، ثم انتقلت إلى عالية الدقة، وبعيدة المدى، بما فيها القنابل العنقودية، وأحدث الدبابات، والمركبات، ومئات المليارات من الدولارات، كمتوالية هندسية.
ومن كان يتابع مؤتمرات (الناتو) المتتابعة، ويلحظ مدى الحماس، والثقة، (حد الفرح) التي كان يعبر فيها القادة الأوروبيون عن ثقتهم بالنصر القادم، وتلك الاجتماعات، والتصريحات، والبيانات، المشتركة، والمحملة بآلاف العقوبات الاقتصادية، وكل أشكال التحدي، والتهديد، والاستخفاف بروسيا، وكأن سقوطها بات مؤكداً.
وراح الإعلام الغربي يبشر بالهجوم الربيعي المضاد، مع مرافقة إعلامية لصيقة، أغلقت الفضاء الكوني، وهي تبشر وتنذر، مؤكدة أن الهجوم الربيعي المضاد، الذي عُزِّزَ بأحدث الأسلحة، سيعيد جميع الأراضي التي احتلها الروس، بما فيها جزيرة القرم، وسيطرد الروس، مهزومين، مدحورين.
وقف العالم ينتظر الهجوم الربيعي، ولكنه وبعد مدة وجيزة، بدأ يتعثر، ويتسرب اليأس من بين أصابع السياسيين، فتوجه اهتمام القادة العسكريين، للبحث عن مبررات لذلك، ولكن وبعد (لأي) اضطرت الصحف والمحطات الغربية، لتعترف أن الهجوم الربيعي قد خيب الآمال، وأسقط كل الطموحات.
وبدأ الممثل (الكومدي زيلنسكي) يبحث عن كبش للفداء، ليحمله مسؤولية الخسران، فراح يُسرح كبار الضباط، وكبار المسؤولين في الحكومة الأوكرانية، بتهمة الفساد والتقصير، أليست هذه علامات الانشقاق؟
لست عسكرياً، ولكن منطق الأحداث يسوقنا إلى نتيجة لا ثاني لها، أن إطالة أمد الحرب على الأراضي الأوكرانية، سيقود حتماً وبالتتابع إلى تدمير أكثر في البنى التحتية الأساسية وعلى جميع الأراضي الأوكرانية، وإلى زيادات متصاعدة في عدد القتلى من الجنود، والمدنيين الأوكرانيين.
وكلما امتد زمن الحرب، تزايد معه الدمار والموت، إلى الحد الذي ليس بعده إلا الانشقاق، والسعي للتصالح، أو ورفع راية الاستسلام.
نعم روسيا تخسر وستخسر الكثير من ضباطها، وجنودها، وحجم كبير من ترسانتها العسكرية، ولكن انتصارها يعني:
ـــ إعادة أوكرانيا الشقيقة التاريخية، إلى بيت الطاعة.
ـــ إعطاء درس لا ينسى لدول أوربا الشرقية {أن لا تكونوا كبش فداء}.
ـــ وبداية تفكك (الناتو) بعد إثبات عدم جدواه.
ـــ وكثير من الارتدادات التي لا تحصى على المستويين، الأوروبي والأمريكي.
ـــ الالتفاف وراء القطب الشرقي الصاعد.