تقرير : مهران سلًوم – نفحات القلم – اللاذقية 2/9/2023
قدمت الباحثة ” نور نديم عمران” يوم الأربعاء الفائت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة تشرين مناقشة رسالة الماجستير بعنوان :
” جمالياتُ القصّة القصيرة عند الروائي والقاص ، حسن .م.يوسف”
وذلك بإشراف الأستاذة الدكتورة “لطفية إبراهيم برهم” وبمشاركة لجنة التحكيم المكونة من الدكتور ” خالد عمر يسير” ، و الدكتور “زكوان العبدو” وبمشاركة الدكتورة “فيروز محمد عباس” ، وبحضور عميد كلية الآداب الأستاذ الدكتور ” أحمد العيسى” ورئيس قسم اللغة العربية الأستاذ الدكتور “عدنان أحمد” وبحضورٍ مميز من الروائي الأستاذ ” حسن .م.يوسف ” ولفيفٌ من الباحثين والدكاترة والكتّاب والمهتمين ..
وقبل الخوض في تفاصيل البحث المقدم لابدّ من الإشارة إلى مقدمة عن القصة وتاريخها :
حيث أنّها فن من الفنون النثرية الأدبية، التي تقوم بتصوير جانب من جوانب حياة شخص ما، أو تقوم على تصوير موقف ما بشكل مكثف، وهي أقصر من الرواية، وكانت بدايات ظهور القصة القصيرة في منتصف القرن التاسع عشر، وازدهرت في بدايات القرن العشرين.
وفي الأدب العربي … ظهرت القصة القصيرة في الوطن العربي في مطلع القرن العشرين، متأثرة بالقصة القصيرة في الأدب الغربيّ، وكانت بداياتها تغلب عليها الرومانسية، ومن رواد القصة القصيرة الأوائل محمد تيمور، وشحاتة عبيد، وتوفيق الحكيم، وحسين فوزي، وخلال النصف الأول من القرن العشرين، صدر الكثير من القصص القصيرة، لكنها كانت ذا أسلوب سردي تقليدي.
وبعد خمسينيات القرن العشرين، تطورت القصة القصيرة من حيث؛ السرد، والحوار، والبداية، والحبكة، كما استطاعت أن تنفذ وتعبر عن الواقع، وقد استخدم كتّاب القصة القصيرة في عقد الستين من القرن العشرين أسلوباً فنياً متقدماً في كتابة وسرد القصة القصيرة، التي تميزت بتيار رجعية الأحداث .
استفاضت الباحثة في شرح أهمية البحث وتطرقت إلى عدة نقاط نجملها في :
ــــ أسباب اختيار البحث.
توقف قلة من المشتغلين في النقد عند قصّص حسن. م. يوسف، لكنّهم لم يقفوا عند تقنياتها الفنية الجديدة, من مثل: تعدد الأصوات، و التّناصّ، وتنوع أساليب القص، الأمر الذي دفعنا إلى اختيار البحث المُعَنوَن بـ (جماليات القصّة القصيرة عند حسن.م.يوسف)، للوقوف عند بعض تقنيات القص الحديثة في قصصه، وإبراز جمالياتها.
ــــ أهمية البحث والهدف منه.
تكمن أهمية البحث في أنه بحث في النقد التطبيقي, يحدّد تقنيات فنية حديثة، لم يتوقف النقاد عندها في قصص حسن. م. يوسف. أما هدف البحث فهو رصد تلك التقنيات الحديثة للتوقف عند جمالياتها.
الدراسات السابقة .
عُنيت الدراسات القليلة التي تحدثت عن التجربة القصصية لحسن. م. يوسف بالمجموعة القصصية الأولى المعنونة بـ (العريف غضبان), باستثناء ما توقف عنده الدكتور نضال الصالح في كتابه (حكاية القارئ) عندما أفرد الفصل الثالث للحديث عن مجموعة(الساخر يخرس), وبالإضافة إلى بحثٌ منشور في مجلة المعرفة للدكتور عدنان محمد أحمد بعنوان (السرد في قصة هدبا في آخر الدنيا) من المجموعة ذاتها .
ومن ثمّ شرحت الباحثة بشيء من التفصيل كل ما قدّمه القاصّ في مجموعاته القصصية الخمس موضوع الرسالة ، حيّث دفع إلى التحريض العميق للفكر وجعل من المتلقي يبحث عن الحقيقة عن طريق القراءة برغبة جامحة للوصول إلى الحقيقة ،بعدما وقع في إغواء النصوص … حيّث أكدت الباحثة أنَّ القصّة عند حسن .م.يوسف تعتمد على واقعية الأسلوب السردي بالدرجة الأولى ، إذ يُسهم هذا الأسلوب في تنشيط العلامة اللغوية وجعلها أكثر قدرة على استعارة الدال اللفظي الذي يخالطه اللفظ العامي بكلّ تلقائية وقدرة على استيعاب المعطى الفكري للخطاب القصصي .
والمتابع والمتفحص لكتابات الأديب يلاحظ أنّ الكاتب يُمارس في قصصه خطاباً يجذب المتلقي ويصل إلى نتيجة أنّ بعض القصص تكون حالة صلة بين اليقظة بالحلم والواقع المفروض ليهرب إلى خيالات تعشعش في الذات وتنصهر معها ليقودنا إلى دلالة جديدة تتضمن المغزى الباطني للنّص .
وختمت الباحثة رسالتها بالإضاءة على (جماليات أساليب القص عند حسن. م. يوسف), وهي:
جمالياتُ الأسلوبِ الساخرِ المتهكمِ, والأسلوبِ الدراميِّ، وأسلوبِ الحوارِ، وأسلوبِ الوصفِ, وأسلوبِ السردِ, وتداخلُ أسلوبي السردِ والوصفِ .
وخلاصة القول :
إنّ تواشج البناء والرؤية سمة واضحة في خطاب حسن .م.يوسف ، ممّا جعله يتجاوز البنى الذهنية المألوفة، ويسعى إلى إقامة مدلولات عميقة عبر خطاب مباشر ، وتشكيل سردي رافض للواقع بكل أشكاله .
إذ تنبثق الرؤيا من صور الأحلام المُثقلَةٍ بالدلالات تُجسِّدُها تساؤلات في رحلة البحث عن حلم مطموس الملامح، مجهول الهوية، حلم يسكن أعماق الذهن. إنّه الحلم بلحظة خاطفة قصيرة.
إن دراسة الإبداع القصصي للكاتب حسن .م.يوسف تحتاج منا أن نتسلّح بثقافات عديدة ومتنوعة، وذلك لتعُّدد وتنوّع ثقافته الأكاديمية والإبداعية، ولإلمامه باللغة، والمصطلح، والفلسفة، والتاريخ؛ ولتبحُّره في علم المناهج، وإحاطته بنظرية المعرفة قديمها وحديثها، ولتجريبه المنهج النفسي في إبداعه .