منتدى الموج للشعر والقصة – تونس
كتب سعدالله بركات في منتدى الموج للشعر والقصة – تونس
عندما يتمثّل الأدباء قيمهم :
منيرة أحمد مثالا
*بقلم الكاتب الإعلامي سعدالله بركات

من محاسن النت وصدفه، حين يقودك ، إلى معلومة مفيدة، وقصيدة تتذوقها ، أو تتمتع بحوار رفيع شفيف ، فكيف إذا قادك إلى صداقة ثقافية ، ومنبر أدبي راق ، على نحو ما لفحني عبق موقع ،، نفحات القلم ،، ويراع مديرته ،، منيرة أحمد ،، حين استوضحتها معلومات عن قامة ثقافية توثيقية سورية ، شجعني تعاونها ،على أمل أن تصيب واحدة من نفحاته قلمي المتواضع ، فكان ترحابها والنشر ، من دون سابق معرفة أو تزكية ، لأسعد ب،، نفحة ،، صداقة موقع وشاعرة ، وزميلة قلم ومهنة ،وبتحفيزها الأثير ، وقد حمل قلمي بين ضفتي المتوسط شراع ، من شواطئ لاذقية العرب ، إلى تونس الخضراء عبر منصة ،، الموج ،، ومنتداه الأثير للشعر والقصة ، فحين طالعتني،، نفحات القلم ،، بحوار شيّق مع مديرة ،، الموج ،، المبدعة ” منى الماجري” ، سرعان ما استوقفتني نفحة يراعها الثرّة قيما وثقافة وأدبا راقيا ، قبل أن تعيدني سنوات إلى ذكريات وأيام ماتعة في تونس خلال 4 زيارات ساقتني لها حسن المصادفات أيضا وأيضا..
كان الحوار جاذبا شفيفا بامتياز ، ولا غرو فالأديبة المبدعة ،، منيرة أحمد ،، تعرف كيف تختار ضيوفها ، وكيف تنثر عطر إبداعهم ، خياراتها دوما موفقة ، وضيوفها من نوع ،، الصيد الثمين،، وبصنارتها الماهرة تملأ شباكها بوفرة زاهية دسمة من” أسماك” أدبية ثقافية محمولة على قيم ورؤى ، تموج في بحر الأدب والإبداع ،على نحو ما قدمتها لنا ،، الماجري ،، وغيرها لألئ بعدما تحرّضهم على بوح مجد للقراء ، تراها ربانا بارعا لسفينة الحوار ، ما يجعل يراعها ،وضيوفها وكتّابها في تألق سواء على صفحات ،،نفحات القلم ،، أوغيره من منصات تعبق بعطر إبداعها ….
لم تطل دهشتي ، لحماسها إزاء التحفيز الإبداعي حتى حين حاورتها على صفحات مجلة ،،أزهار الحرف،، المصرية ،لفتني حرصها على المواهب ،ودعوتها الأدباء الأخذ بيد أصحابها إلى شاطئ الأمان الإبداعي ، فلها من اسمها نصيب كبير ، بل اسم،، منيرة،، على مسمى ،هي التي مازجت بين الإبداع الأدبي والإعلامي والعطاء التربوي ، وترى :((العمل التربوي وخصيصا مع الأطفال ،عالما مليئا بالمتعة والفائدة ،فيه تكتشف المعنى الحقيقي للنقاء حيث تستمد كل يوم طاقة روحية خلاقة )).
منيرة ، لا تتصنّع ذلك ، فقد نشأت في بيت شعاره العملي ( التربية بين الحب والحزم ) : ،، ما جعلني أعشق هذه المهنة بل الرسالة , وخلال سنوات عملي مع الأطفال كنت أتجدد كل يوم , كان عملي تشاركيا ما بين التربية والثقافة والإعلام , هذه الاندماج الروحي الوجداني والعملي ، كان له وبشكل تراكمي أثر كبير، وثلاثي الأبعاد ،،
سيدةُ العسل
……………………………
“أخرجت من فمِه الجبل شهداً
تساوى عندها إبرُ النحل
و وخزُ الحياة
امرأةُ الصبارِ و العسلِ
تقارعُ في نهاراتِ العمرِ
شيبَ الشَّعر و القلب
تستجدي الضوءَ
تعتصرُ الصبرَ
زوادةَ ابتسامة لعجوزٍ
عندها السّمعُ و البصر
كلمة السر في يراع شاعرتنا عشق المعرفة والعمل :” عشقي للكلمة ، كان رفيقا لاحساسي ، ابحث في طيات الحروف حزنا وفرحا ، وأعجنها بلغة روحي لتكون … أكتب إحساسا لا كلمات .. أخط روحي مع كل حرف … لست ممن يجرون الحروف في ترتيب يشبه طلاب مدرسة في باحة ..أكتب حين يفيض نهر المواجع أو الأفراح وتضيق به جعبة الروح ..حينها أدعه يتنفس .. أطلق له العنان … لا ..أحفظ من المعجم إلا القليل .. وأنا لا أحب الرياضيات لذلك لا أمسك مسطرة لأقيس الكلمات وأرصفها كصف عسكر”.
“إني أقضم أصابع الوقت
لكن الوقت هو الذي يقطع
كل مسافاتي
باتجاه
الهدوء
يسرف في سرقة
ثوان
كنت اخفيها
مخافة الضياع
لكنه
أشهر كل اسلحته
ونهبها
حتى آخر
رمق”
، من سفوح اللاذقية الغنّاء ، حيث جنّة القمم ، يصدح يراع ،، منيرة ،،شعرا ، لتتوهّج شعلته ، فكيف حين تشدوه في غير منبر ! من الساحل وملتقى عشتار، إلى عاديات السلمية وأطلال التاريخ على بوابة البادية … مكرّمة ،أو تنثر أزاهير القصيد ، بدفق شعوري وصوت شاعرة يتردد صداه وسع المدى وفضاءات الأمل :
نصها،،صرت مثل كافا،، يدهشك ويأخذك بمعانيه وتراكيبه إلى عالم من فضاء ممتع.. كيف لا والصور تتراكض فيه ، أو تتكامل على وقع جرس خفيف شفيف ..،كيف لا وهو يحمل من تعاطف ومشاعر انسانية ويصرّ على فتح بوابة الأمل .. هل ثمة أروع من صورة (( ..وحبّات المطر ..أقدام تركض نحو ذاكرتي ، تقطع حبل وصالها ..،مع حاضر اختلسته من خيوط فجر ربيعي)) ، وما (( تحمله ريح صرصر كذرات طحين ،أمام جائع يبحث عن كسرة أمل .. حبّة حلم …)) أما أن يغرس الشاطئ أشواك موجه .. وتلسع … أنّاته.. فذلك لعمري منتهى التماهي معاناة الانسان من،، الآهات ومستنقعات الاغتراب ،، و مع الاحساس ب،، شوك صبار ..يدمي بقايا أمل ،، تراها تؤكد أننا محكومون به..
من يقرأ نصها ،، لوحة فاشلة ،، يجده أيقونة من روائع منيرة ، فكرة وأسلوبا ،بل قصة هادفة تحمل في طياتها عبرا ، أما رمزيتها الشفيفة فأعطتها أبعادا دلالية ، وأبعدتها عن الضبابية والغموض ، كما أبعدت القارئ عن التعسّف في التفسير ، أو النأي عن المقصد ، هي قصة مشغولة بمهارة حائكة ،لاتجيد رصف الحروف.. ولا القياس بمسطرة هندسية ،، بل تجيد هندسة الأفكار و البوح ، محمولة على لغة سلسة تنساب برفق لتجذب القارئ فتثريه ، وأحسب أنه كنص من أديبة بقامتها متمكنة فكرا ولغة ، ينحاز موضوعيا ومنطقيا إلى جانب المرأة ليحفّزها أن تكون حكيمة وذات شخصية واثقة .،..ولعلي لامست بعض ألق هذ النص الشاعري والشعوري بامتياز ،.. نص غاص في عمقه وثنايا بنيته د. برهان بخذافش – من فضاء عدن – ، لقد طاف مع رؤاه وفضاءاته قبل مسك ختامه :((و لا مكان للريب في أن الأديبة منيرة أحمد استطاعت باقتدار خيالها واتساق صوره و تآلفها، إضافة الى تنوع أساليب تعبيرها أن تبعث في نصها قوة و روحا .))..
فلتدم شاعرتنا ….أديبة بروائع الكلم …
شاعرة ولها نفحات القلم …
” منيرة ” شعلة …إبداع ..ونور على رأس علم..