بعد طول انتظار طرقت الباب الموصد متوسماً الوصول لعوالم لجينة عبر مقالة تمر ولو متأخراَ على أعمالها علها ترصد جوانب أخرى في أعماق تجربة الأصيل وتترجمها عبر سرد حسي جميل … طال انتظاري وحين خامرتني أكواب الخيبة والهزيمة أدرت ظهري ( للعودة ) مترنحا بجسدي أما عيناي فبقيت معلقة عند القفل وأذناي ترجوان أي حراك يمكن أن يجدد الأمل بالفعل … حينها وحينها فقط اخترق صوتها الغائر في العمق أوصالي مكرراً ومذكراً مفاتيح أبوابي في قلوب الأطفال والمحبين فهلا جربتها في ذاتك ودخلت واحتي طفلاً يستأنس كل ما حوله من أشياء لتدب الحياة فيك وفي كل متهم بالجماد ….لترقص الورود والأزهار وتضحك الحمر الوحشية والأبقار … لتحكي الطيور عن كل ما رأته من غرائب بعد كل سفر … ليطل القمر من شباك أحلامك مبتسما يمسح عنك آثار التعب ويأخذك إلى بلاد العجب … لتعبر بسلاسة كل الأزمنة والأماكن وتعتبر مما كان ومما هو كائن … لتعيش في الزمن الآتي كما تحب وترغب وكما هو فعل آت ..
ثم .ثم ماذا ؟ تلاطفك الشمس صباحا وتقول احمل احلامك في حقيبتك وامض يا وجع الماضي وحلم الحاضر وأمل المستقبل هي المدرسة بالانتظار لتتعلم منها وتعلم فيها ففي جعبتك ما هو أهم وأجمل أخرج مفاتيح الأبواب الموصدة على غدك لتفرش الورد فيه
ثم ..ثم ماذا ؟ ..استدرت للخلف مددت يدي لجيبي وقبل ان ألمس المفاتيح فتح الباب وصار علي الدخول متقصياً الجواب
أهي عوالم لجينة بروح طفل ؟ أم هي عوالم الطفل بروح لجينة ؟ إلى أي مدى استطاعت لجينة دخول عالم الطفل ومخاطبته عبر أشكال توضيحية للقصص والافكار؟ وهل كان هناك تنازلات على حساب العمل الابداعي الذي تشغله تضاريس السطح الغني وارتعاشات اللون الخادم للتكنيك وقدرة الشكل على التطور والغياب ؟
ووو ..أعتقد وقد فتح الباب على مصراعيه أن الفنانة لجينة الأصيل رسمت عوالمها في البدايات بروح طفل كما الكثير من
الفنانين الذين اشتغلوا بتلك الروح مستفيدين من خصائص فن الطفل المتوافقة مع مواضيع لوحاتهم المتفاوتة ما بين الوضوح و التلاشي والغياب وبما يتناسب مع مدارك الطفل الحي في ذاتهم المشبعة به والمتوافقة مع الخبرة التقنية التي لا يمكن أن يمتلكها سوى فنان مجرب وقادر على استيعاب وتوظيف الخامات المستخدمة
في هذا المكان .
كانت لجينة تبحث عن أناها و بصمتها الخاصة وقد أكدتها من خلال طرحها الأولي الذي لا تعيد عليه مستفيدة من خصائص الألوان وقدرتها على التلاشي سواء كانت اكر ليك أو مائي وهو السر في سحر الضوء المنعكس عن تلك الروح الشفافة العاشقة والصادقة
قدمت لجينة الأصيل في تلك الفترة أجمل الاعمال مؤكدة على ماهية الفن والغاية منه ككاشف عن عوالم الذات الحالمة لا كناقل أصم لتفاصيل خارجية لا يبررها سوى استعراض القدرة على النسخ
أما في رحلتها التالية ( الرسوم التوضيحية ) فقد بحثت عن خادم للفكرة فصارت اعمالها أكثر وضوحا .. وصارت طفلاً يرسم بروح لجينة
وبتلك الروح صار للوحتها مقاييس مرتبطة بقدرة العمل على الوصول لمدارك الطفل ..وربما فرض عليها التزامها الوظيفي الرسم بتلك الطريقة لتقدم من خلالها مئات اللوحات المصورة الهادفة لإيضاح بعض المواقف السلوكية التي تضمنتها القصص الموجهة للأطفال .. وبالتالي صار عمل لجينة محكوماً بقيود تفرضها الفكرة على اللوحة وبمعنى أوضح صار لعملها شروطه ومقاييسه الخاصة بعيداً عن هموم العمل التشكيلي الابداعي الساعي دوما للخروج عن المألوف لرفد الحداثة بمفاهيم اعمق للوحة وماهيتها
ولكن تبقى الغايات النبيلة مبرراً عظيماً وقد استطاعت لجين تحريك مدارك الأطفال وتهذيب سلوكهم عبر الرسوم التي نفذتها بحس فيه الكثير من البساطة والطفولة و المرح ليستأنس الانسان بالحيوان والنبات فوق هذه الأرض الجريحة وفي عيون الأطفال بالذات
ولنقول كلما وقعت بين أيدنا قصة مصورة للأطفال
من هنا مرت سفيرة المحبة والسلام
هنا كان الأطفال معها يفرشون السماء نجوماً وأقمار ويزرعون الأرض زهوراً وفراشات وأطيار يرسمون الضحكة والابتسامة على وجه القمر والشجر وعلى وجوه كل الكائنات بروح عارف مستكشف للمفردات لا ناقل يستعرض المهارات هنا كانت مع الأطفال وكانوا معها يرددون
بلاد العرب أوطاني ..من الشام لبغداد
ومن نجد إلى يمن ..إلى مصر فتطوان ..
هنا كانت وهنا كنا ..هنا عطرت المكان …ثم ..ثم ماذا ..
غابت عنا جسداً ولازمتنا ..ك روح .. لنردد ونقول
لروحك السكينة والسلام ولنا في الأثر الباقي إرثاً نفخر به مدى الأيام