سحبتُ من عينيَّ خيوطَ النعاس، وأرسلتهما إلى زوايا الغرفة للبحث عنكِ، فما عثرتا.
تتبَّعتُ صدى ابتسامتكِ، ورائحةَ أنفاسكِ التي ملأت فضاء الرّوح، ولكن!!!
مازال صدى صوتكِ يتردَّدُ في مسمعي. وعلى عَجَلٍ ارتديتُ ملابسي، وصارَ بابُ البيتِ خلفي، تقودني عينانِ حالمتان…
الشوارعُ خاويةٌ، وزحمةُ المدينة لمَّا تستيقظ بعدُ.
لا شيءَ على الطريقِ يوحي ببصماتِ قدميكِ.
أية مدينة هذه تلك التي لا تتسع لحضورك؟!!
سلَّمتُ نفسي للقلبِ فجعلَ الأحياءَ الغارقةَ في النومِ خلفَ ظهري، ووجَّهني صوبَ الشرقِ..
رأيتُ الفجرَ يقرأُ الفاتحةَ وهو يفرك عينيه باحثاً عن فردة حذائه .. لقد تأخر قليلا، وأمامَهُ اليوم مهمَّة خاصَّة تبرَّعَ للقيام بها…
برفقٍ مرَّر أناملَهُ الناعمة على عينِ الشمسِ فافترَّ ثغرُها عن ابتسامةٍ ساحرةٍ.
ثمَّ أعطى كلمةَ السرِّ للعصافيرِ فعلا غناؤُها، وللورودِ فشرعت تويجاتُها تتمطَّى بصلبها مفسحةً المجالَ لشذاها بالعبور..
ومدَّ صولجانَهُ باتجاهِ السماءِ فسحب الغيومُ المتبقِّية التي شكَّلت حواجزَ فضائيَّة وجدراناً سماويَّة وصار المدى مدى مفتوحاً يتسع لشعاع عينيك، ولرحابة قلبك.
ورأيت طيفاً يرافقه لحنُ الحياةِ بأنغامِ البلايلِ وباقاتِ زهور النوار البيضاء..
عندها رأيت، وعندها سمعت، وعندها عرفت.
١-٣-٢٠٢٤