عميد الروّاد، أستاذي أبو فريد
- بقلم الإعلامي سعدالله بركات
((سأظلّ أذكر جهدك المبذولا .. يا من غرست مبادئ و أصولا
ما كنت أنسى رائدا و معلما .. أفنى الشباب لكي ينير سبيلا
سيظل اسمك في القلوب على المدى.. نغما يردّد بكرة و أصيلا))
ماكنت أحسب أن حسرة ندم ستستوطن وجداني على هذا النحو ، ندم على تقصير بل سهو وجهل ، وحين حاولنا بعض استدراك بتكريم بعض أساتذتنا الروّاد ، عاكستنا الظروف ولم نكمل ، في ثنايا الحسرة ،كسل المبادرة بزيارة ، ولما نويت عاجلني الأسى برحيل عميد رواد ،،صدد ،، المربي أ. اليان سكّر في رحاب ،عيد المعلّم ،، .
يرحلون واحدا تلو آخر ،ولكن ذكراهم لاتفارقنا ، فمازالت لمساتهم تبارك الجباه جيلا بعد جيل ، وجهودهم وما سطّروا من عظات خالدات ، وحكايات تحد ونجاح، وما أضاؤوا من مشاعل على درب طويل من علم وكفاح ، امدّ الله في عمر الأحياء .
كيف لانتذكّرهم ! كلّما أهلّ عام دراسي أو انتهى ! أو حين يلّوح طفل أو طفلة بجلاء مدرسي ، بل كلّما جرى حديث عن علم وتعليم ، أو استعيدت صور هاتيك الأيام ، بقيمهم وقاماتهم ، بجهدهم وتفانيهم ، هم الذين زرعوا فأينعت غراسهم ، وتوسّعت ظلالهم ،فكانوا القدوة والمثال من جيل إلى جيل…
أستاذي الفاضل اليان سكر من أوائل الروّاد قيما وجهدا ، كان أبو فريد ، يأسرنا بابتسامته وما تفيض به من مودة الناس واحترامهم ، كما كانت تأسرنا بلطف جديّته ، وهو يعطينا دروس الصفّ الرابع .
هو واحد من كوكبة ، بل كما يقول أحد تلامذته د. عبد المسيح قرقور هم ((ثلّة أقمار ،أضاؤوا سماء البلدة ، ورفعوا سلاح العلم ماضيا ، في وجه الجهل ، فأناروا عقول الناشئة ، ومكّنوها من ولوج ميادين علم وعمل ، منهم الضابط ، والطبيب والمهندس ، والاستاذ اليان سكر واحد من هذه الثلة الذين تبّنوا تلاميذهم روحيا ، وأغدقوا عليهم معارف علم وتربية ، وبادلوهم المحبة والاحترام ،وأنا واحد منهم ومازلت على تواصل معه أمدّ الله بعمره ،كما كنت مع من رحل إلى ديار الحق )).
لقد زرعوا زرعا طيبا ((ومن ثمارهم تعرفونهم )) كما يقول تلميذه د. سهيل الشيخ – نائب رئيس جامعة حلب سابقا ، حيث عدّهم :
(( مجموعة مميزة ورائدة ، من معلمي قريتنا الغالية ، حملوا راية التعليم والتنوير …… ربّوا أجيالا تمكّنت من التحصيل الجامعي ، بل والعالي و بمختلف التخصّصات ….
أما الأستاذ اليان فقد عرفته معلمي في الصف الرابع الابتدائي ، و أذكره جادّا بعمله ، صارما بحنوّ ، وحريصا على توصيل المعلومات لجميع التلاميذ…رحم الله من غادر الدنيا منهم و أطال بعمر الأحياء ،و لجميعهم الدعاء بأن يجازيهم الله خيرا ورحمة ، لما قدّموا من علم ومعرفة ، وقدوة حسنة لأبناء صدد .))
والأستاذ أبو فريد مواليد 1926 ، ومع العمل وبدراسة حرة ،حصل على الابتدائية 1949، والإعدادية 1951، عيّن معلما في صدد ، نال أهلية التعليم 1957 ، ندب 1967 لعام واحد ،معلما في مدارس المحطة الثالثة لأبناء العاملين في شركة نفط العراق ، كما انتدب موجها 1971 في الثانوية حتى تقاعده ، وفي سجلّه العديد من الثناءات من مديرية تربية حمص ، بناء على تزكية مفتشي التربية الذين تابعوا جهوده التعليمية وجدارته التربوية .
ومن نشاطه الفكري والاجتماعي ، فوزه في انتخابات ،،الاتحاد القومي ،، 1959 ، وتعيينه أمينا للسر في لجنة وحدة صدد زمن الوحدة مع مصر ، فضلا عن دوره مع المرحومين زميله عبداللطيف عبداللطيف أبي رياض، ومطانس مواس أبي نعيم وآخرين ، في تأسيس فرع الشباب لجمعية ،، نور الإيمان ،،باسم جمعية ،،زهرة الشبان ،، 1940.
أمّا، وقد قضت مشيئة الله أن يغادرنا بعد نحو مائة عام ، بهذ الرصيد العطر، وما بنى من عائلة تتمثّل قيمه ، فلا يسعنا إلا استمطار الرحمة له ، سائلين الله أن يلهم أسرته الصبر والسلوان ، مع صادق التعازي للسيدة الفاضلة رفيقة دربه أم فريد ، ولأولاده وأحفاده وطلبته وكل ذويه وعارفيه ، آمين .
=========