—————————-
يوجد على مدار السنة أوقات مناخية لافتة للنظر في الصيف والشتاء، وقد أعطيت بعضها أسماء باتت شهيرة عند كثير من الناس مثل الخمسينية والأربعينية والسعودات، ولكن هناك أيام أخرى بعضها معروف في أوساط المتابعين للمناخ، لكنها غير معروفة على نطاق واسع بين الناس، من هذه الأيام ما يسمى بأيام الباحور أو الآبيات، وهي كلمة مشتقة من اللغتين اليونانية والسريانية وتعني “حكم الحكام”.
كان أجدادنا يعتمدون على “أيام الباحور” أو “أيام الآبيات “- وهي الأيام المتتالية الواقعة ما بين (1- 7) آب حسب التقويم الشرقي وتصادف 14-20 آب على التقويم الغربي – من أجل التنبؤ والاستدلال على التغيرات التي تطرأ على شهور الخريف والشتاء وبعض الربيع. حيث يشير كل يوم من هذه الأيام السبعة إلى شهر من الشهور التالية، فاليوم الأول من آب يشير إلى تشرين الأول، واليوم الثاني يشير إلى تشرين الثاني، واليوم الثالث يشير إلى شهر كانون الأول، واليوم الرابع يشير إلى كانون الثاني، واليوم الخامس يشير إلى شباط، واليوم السادس يشير إلى آذار، والسابع يشير إلى نيسان. ويعتمد على ليال ونهارات تلك الأيام السبعة للاستدلال المقبل على الأحوال الجوية في الشهر الذي يشير إلى اليوم.
ويقال بأنه إذا كان في عشاء اليوم الأول من آب غيم في الآفاق فإنك ترى بردا ومطراً في رأس تشرين الأول، وإذا كان مثل ذلك في منتصف الليل كان البرد والمطر في نصف الشهر، وإذا كان في وجه الصبح كان في آخر الشهر. ويمكن الاعتماد على الشق الثاني من اليوم (النهار) بأخذ أوقات رئيسة فيه (الصباح، الظهيرة، الغروب)، تدل الدلالة نفسها التي تدل عليها أوقات الليل السابقة. ولكن يفضل الاعتماد على أوقات الليل …والأمر نفسه يسري على الأيام الأخرى من الآبيات.
هناك طريقة ثانية تعتمد على مراقبة حالة ابتلال أو رطوبة صحن من الملح الخشن يوضع في العراء حتى الصباح ، و تكرر العملية في صباح كل يوم من أيام الآبيات لنستدل على أشهر الشتاء بنفس تراتبية الأيام السبعة السابقة ..إن بقاء الملح جافاً تدل على انحباس الأمطار طيلة شهر تشرين الأول القادم أما تجاوز رطوبة الملح حد الابتلال يدل على أمطار غزيرة للغاية في تشرين الأول، و بالتالي التبشير بموسم فول و بصل و بازيلاء جيد، والتحضير لبذر تلك الأصناف منذ بداية الشهر ..أما الملح الرطب قليلاً يدل على نزول بعض الأمطار في الشتاء. وفي بعض المناطق توضع أكوام الملح جانب بعضها البعض في آخر أيام الآبيات وكل كومة تدل على شهر، وتبعا لدرجة رطوبة تلك الأكوام تتحدد كمية الأمطار المتوقعة.
يذكر البيروني في كتابه الأنواء أن الرعاة استخدموا الأيام السبعة الواقعة بين (8-14) تموز حسب التقويم الغربي للاستدلال على أحوال سبعة من شهور السنة على مجرى أيام الباحور السابقة، وتعرف ببواحير الرعاة.
شهر آب على التقويم الشرقي على الأبواب …فليراقب حالة الطقس من يعنيه الأمر ويدون ملاحظاته إلى حين التحقق منها في الشهور القادمة..
د. رياض قره فلاح
أستاذ علم المناخ
قسم الجغرافية – جامعة تشرين