
وهو ما يجعل من هذه الاستراتيجيات عرضة للتبدل والتغير وفقاً لتبدل الأوضاع ما دام الهدف واحد وثابت مهما تبدلت المعطيات، وهو ما تجلى في الفترة الماضية في رسم سياسات الربيع العربي بما حققته من نجاحات وفشل مرحلي وفق المفهوم الأمريكي، الأمر الذي يُدخل هذه الإستراتيجية في مرحلة جديدة تقوم على تنفيذ محدداتها بالاعتماد على ديمقراطية الحكام الشباب في المنطقة العربية، ولها في ذلك ريادات ناجحة في ملكي الأردن والمغرب، وتجارب فاشلة في الرئيس السوري، إذ لم تستطع الولايات المتحدة أن تفرض أجنداتها على الرئيس السوري رغم اعتقادها برساخة سياساتها الإستراتيجية في عام 2000 بصغر سنه وحداثة عهده بالسياسة الدولية التي تسيطر على منطقة السياسات المتبدلة ذات الأهداف الإستراتيجية الثابتة لدول الطوق، في حين كانت رياداتها الأردنية بالملك الشاب صاحب الختم التعليمي الأمريكي من جامعة جورج واشنطن، والملك المغربي صاحب الختم التعليمي الفخري الأمريكي من جامعة جورج واشنطن أيضاً.
لقد تجسدت الريادة الأمريكية في الأردن تجسيداً لسياسة الملك الأأب في التعاطي مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، لكن الملك الشاب توجهاً بعلاقات أكثر إنغماساً مع الكيان الصهيوني بعلاقات على مستوى المياه والسدود، وأكملها بوجود جنود أمريكان على أرضه وهو ما لم يفعله والده ظاهرياً على أقل تقدير، في حين تجلت الريادة المغربية بانغماساً أكثر علنية لسياسة والده، باعتبار الملك الشاب رئيس لجنة القدس.
لقد تجسدت الاستراتيجية الأمريكية بعد الفشل المرحلي في سياسة الربيع العربي بالتوجه نحو الشباب الطامح بالحكم وفق طريقة الماكدونالدز والكنتاكي وسياسة (تيك- أويي) TAKE-AWAY، وهو ما تجسد بديمقراطية كركوزية بتسلم السلطة من البرميل القطري حمد إلى ابنه المتأمرك بالنشأة والمباركة وإنكليزي التربية والتعليم والخاتم العسكري. وهو ما يُتوقع أن تشهده الدول التي شهدت الربيع العربي بعد ريادة خليجية أخرى، فهل نترقب شباب أمريكا في ديمقراطية الربيع العربي بعد تورية الأخوان، أم أننا سوف نشهد صراع ديمقراطي زائف يقوم على التناحر الانتخابي بين شباب تيك-أويي الأمريكي أو الأخوان الأمريكيون المتأسلمون -بالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية- مع الشباب القومي الذي انتصر لسورية وانتصرت سورية له من المشاريع الاستعمارية الأمريكية، ومع الجيوش العربية التي تعادي الكيان الصهيوني أو التي كانت تحمل العداء للكيان الصهيوني، خاصة أن الأحداث الأخيرة قد كسرت حاجز سايكس بيكو بين الشباب القومي العربي المقاوم والجيوش التي تحمل الفكر المقاوم في ثنايا أفرادها، وأن الشباب المصري يترقب تطبيق الإستراتيجية الأمريكية بحذر وتيقظ، كما يترقب تحريض الأخوان الأمريكيون المتأسلمون على إضعاف المؤسسة السيادية العسكرية في مصر العربية.