يحضُرني وكأنّ معدتي يسألتني في هذا الأسبوع الأخير: ( ترى ما الفائدة في انك
جوّعتني هذه الأيام.!) .. وكأنّي أجبتُ بالفور: (يا المعدة.! ترى ما الفائدة في
أني أشبعتك بقيّة الأيام..!).
فكرتُ حينها بصوت غير مسموع: (ترى لماذا خلق الله المعدة.!) .. وخشيت في قرارة
نفسي أن تسمعني المعدة، فتسألني: (لماذا خلق الله الإنسان.!) .. فقررتُ أن
أهاجمها قبل ان تسمعني متّهماً إياها: (يامعدة يابيت الداء..!) .. وكانت مهيّأة
للدفاع فأجابت: (أنا أُبيّتُه (الداء) ولم أخلقه! .. ترى من خلق الداء ثمّ
إضطرّ ليخلق الدواء.! .. فلو لم يكن خلق الداء، لما إحتجت أنت للدواء.!).
ثم إنتقلت المعدة من الدفاع للهجوم:
* ولم خلق الله النخيل وسوسة النخيل؟
* وخلق المحاصيل وخلق الجراد؟
* وخلق القطن ودودة القطن؟
* وخلق الحرير الناعم وفي جوفه القزّ القاطع.!؟
* ثم، ولم خلق الأسنان وخلق التسوّس؟
* وخلق الإنسان وخلق الشيطان.!؟
ثم .. ولم خلق الحياة وخلق الموت، لو كان الموت ضروريا في النهاية فما الداعي
للحياة! .. فلو أن الخالق إكتفى بشريحة واحدة من تلك الخلائق، لما إحتجتم
الصيدليات والأطبّاء والمستشفيات والنعوش والتوابيت والقبور..!
ثمّ ولم خلق الإنسان وخلق معه جيشاً من الأعداء لإغتياله من:
* البعوض والبراغيث
* كوليرا وماليريا
* جذام وسرطان
* السلّ والأيدز
* والحمم الشوكية الحمراء والصفراء
* وجنون البقر بعد جنون الإنسان
* وإنفلونزا الطيور والخنازير
* وفيروس سارس
* وأخيرا (فيروس كورونا..!؟) … القريبة علينا (الشرقية السعودية..!)
فأجبت معدتي الفاضية الشرسة، وتزيدُ شراسةً كلما فضت ..! إن من يرسل جيشا
للإغتيال لا يعلن به، ولا يرسل لك إنذاراً قبل إرساله .. والله أعلن في كتابه
الكريم (لقد خلقنا الإنسان في كبد .. 4/سورةالبلد) .. اي مكايدة وعناء..
معدتي تعشق، ومحتارة بين عشق مباح وعشق مستباح، عشق جائز وعشق حلال، إذ لا حرام
في مفردات عشّاق البطون .. فهى تعشق الكلام وتكره الإصغاء .. وتعشق الشبع
ولاتشبع .. تُملئ الأجواف وتُفضي الآفاق .. تبحث ألف مرة عن كافة أصناف الأغذية
وألذّها للجسم .. ولا تفكر مرة واحدة عن رغيف يابس للفكر والروح.!
إن دخلنا رمضان شهر الرحمن، بعد ان كنا في شعبان شهر عباد الرحمن، فلقد أوقفنا
اليابانيون في هذين الشهرين العظيمين (وهم ايضا عباد الرحمن) على إنجازين
عظيمين: (ثورةُ إستنساخ فأرة من قطرة دم، عاشت وأنجبت مما يُبشّر لحياة بعد
الحياة .. وإختراع دراجة تمشي بالهاتف الجوال، مما قد يحيل ابار النفط إلى
التقاعد المُبكّر..!).
أترى اليابانيون لابطون لهم ولا يعشقوها، أم ان اليابانيين لارمضانيات لهم
ليجوعوا فيها؟
أعتقد أنهم للعقول والأفكار، والبطون لايعبدوها قدرما نحن للبطون وعلى القلوب
أقفالها.
في رمضان، العشقُ حلالٌ لعشّاق الموت والتفجيرات.! فكانوا يسلبوا الحياة على
جانب من الكون بإسم الإسلام، حيث وعلى الجانب الآخر من الوادي كان البوذيُّ
الياباني يمنح الفأرة الحياة من قطرة دم..!
يبدوا المسلمون العرب (المجاهدون منهم) على الخصوص، تعهدوا قتل أكثر عدد من
المسلمين في هذا الشهر الكريم بإسم الإسلام، وبالاخص في عاصمتي دمشق وبغداد،
وربنا يستر على أرض الكنانة! .. ألآنهم عشقوا الإسلام على طريقتهم، فقتلوا
وسيقتلوا أكبر عدد ممكن ممن يعبدوا الله على طريقتهم.!؟
أرسلت لي اليوم صديقة فيسبوكية سعودية من مكّة (كما تزعم) إذ لا أعرف عنها غير
حروفها الرقمية التي كشفت عنها إسماً في الشبكة العنكبوتية، أرسلت لي مقطع
فيديو: تهنئة رمضانية إسرائيلية بالصوت والصورة لشمعون بيريز، يُهنّئ العرب
باللغة العربية (يلاّ تعالوا يا العرب للسّلام في رمضان.!) واللهجة ضمنية
بياعرب: "يلاّ أتركوا الإرهاب.!"
أيقظتني رسالة شمعون، إذ وبعد عقدين من التجوّل فأراً بين المراجع والكتب
التاريخية الإسلامية، مُجنّداً قلمي المتواضع لقرّاء الصحف الورقية والمواقع
الإلكترونية في 22 دول عربية، أكّد لي شمعون بهذا المقطع القصير، أنّ صورة
الإسلام من الخارج لاتزال قاتمة، هشة سهلة الإهتزاز، مضطربة متداخلةُ الألوان.!
وأنت تعرف عزيزي القارئ، انّ الإسلام مكوّناته السلام، مشتقّاته السلام، ولونه
السلام .. فياترى هذه الألوان المضطربة من أدخلها ومن خالطها ليصبح الإسلام
الرمضاني ذو وجهين.!؟ .. وجهاً مضيئاً نراه في أجواء الحرمين الشريفين والمساجد
بالتراتيل والتهاليل يناجي السماء لسلام الدارين .. فنستريح له ويستريح له
الكون والمكان، ووجهٌ آخرٌ قاتمٌ مُعتمٌ نخاف منه فيخاف منه الكون والمكان.!!!
ترى ايُّ وجه علينا ان نعشقه هذا العام.؟ .. ورغم ان الوجه المعشوق بالتفجيرات
لمساجد المسلمين في شهر رمضان، هو الوجه الأوفر حظا للشهرة، بالإحصائيات
المتصاعدة على قدر أضواء القنابل والمتفجرات وشلاّلات الدماء للجثامين والأعضاء
المتطايرة .. إلاّ أن وجهاً نراه دائما من الداخل، ولا يُرى من الخارج كثيرا..!
إنّما هو ذلك الوجه الحقيقي لسلاّم الإسلام ولإسلام السلام .. وأبيكما يا أخي
وإبن عمّي، لو كنّا أبرزنا اليوم، ذلك الوجه السلامي الإسلامي الرمضاني الحقيقي
بوزنه وحجمه، لما كان تجرّأ رأس الإرهاب، طرزانُ صبرا وشاتيلا وقانا وغزة أن
يستعرض عضلاته ايضا من بوابة رمضان الإسلام لإعطائنا الدروس الخصوصية في
الّسلام.!