– تل حلف (غوزانا)
تلال الحسكة في سورية تحتضن أرقى حضارات الإنسانية
اعداد : د. سمير ميخائيل نصير
*- يقدر عدد التلال الأثرية في محافظة الحسكة بأكثر من 1000 موقع… سجل منها 750 لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف… ولغاية العام 2010 تم التنقيب في 10 % منها بمشاركة عشرات البعثات الأثرية.
* أشهر تلال الحسكة التي تم التنقيب فيها : حموكار, ليلان (شوباط أنليل), براك (ناكار), شاغر بازار, بيدر (نابادا), موزان (أوركيش), تنينير, بري (كحت), حلف (غوزانا).
*- في مثل هذا اليوم منذ 6 سنوات (25/08/2014)…, نشرت في صفحتي العلمية العامة مقالا عن تل حلف, بداية لسلسلة عن القلاع والتلال والمغاور السورية.
*- منحوتات وكنوز تل حلف في متاحف سورية وألمانيا والعالم :
– نقلت الكثير من كنوز ومنحوتات التل الى متحف Pergamon في برلين وعرضت حتى العام 1943 حيث تعرض المتحف الى حريق نتيجة قصف الحلفاء… فأصيبت بأضرار العديد من القطع.
– بعد الحرب, وضعت 27000 قطعة داخل صناديق في برلين الشرقية, ليعيد إحياء الموضوع في زمن قريب مجموعة من علماء الآثار والمهتمين, فقاموا بعمل استمر 9 سنوات لإصلاح الأضرار التي أصابت القطع الأثرية والتي أغلبها من البازلت.
– يضم متحفا حلب ودير الزور أيضا العديد من المنحوتات والكنوز. وقد صمم مدخل المتحف الوطني في مدينة حلب بشكل يشابه واجهة القصر الملكي في تل حلف… والواجهة يعود تصميمها للقرن 9 ق.م ولكن القطع الأصلية موجودة في متحف برلين.
– تتوزع أيضا بعض منحوتات التل في متحف المتروبوليتان Metropolitanبنيويورك ومعرض “Walter Art Gallery” في بالتيمور بأمريكا، ومتحف اللوفر Louvre في فرنسا.
– أقيم في برلين بين شهري شباط وأيلول من عام 2011 معرضا لمنحوتات التل بمناسبة مرور 100 عام على اكتشافه. كما أقيم في مدينة بون معرض فني استمر من بداية عام 2014 حتى 10 آب, عرضت فيه أكثر من /500/ قطعة جمعها ماكس فون أوبنهايم مكتشف التل.
*- موقع التل واكتشافه :
– “تل حلف” هو الاسم المعاصر للموقع الذي كان يدعى باسم المدينة – الدولة الآرامية “غوزانا” أو “جوزانا” في الألف 1 ق. م.
– يقع التل بمحافظة الحسكة, على بعد 3 كيلومتر جنوب غرب مدينة رأس العين في منطقة ينابيع نهر الخابور, أحد أكبر روافد نهر الفرات.
*- يعود اكتشاف التل عام 1899 الى الدبلوماسي وخبير الآثار ماكس فون أوبنهايم ” Max von Oppenheim ” (1860-1946), ابن أحد أصحاب البنوك الألمانية الأثرياء, والذي انتظر حتى العام 1911 ليقوم بحملة تنقيب استمرت عامين لإزالة الغطاء الترابي عن آثار التل المطمورة.
*- تاريخ تل حلف :
– دلت التنقيبات, أن الانسان سكن التل من الألف 8 ق.م, والاستيطان الجماعي المنظم تم في فترتين رئيسيتين، امتدت الأولى من أواخر الألف 6 ق.م وحتى منتصف الألف 5 ق.م والثانية من الألف 1 ق.م الى القرن 5 ب.م, حيث غدا فيها التل عاصمة لمملكة “بيت حيلاني” الآرامية والتي اعتبرت الأقوى بين ممالك الشمال الآرامية.
– في القرن 9 ق.م.، اتخذ حكام المملكة الآرامية الصغيرة “بيت حيلاني” عاصمة ملكهم ، التي أعادوا تأسيسها تحت اسم “غوزانا”. و “بيت بحياني”، عبارة عن قصر من الطراز الحيثي المملوء بزخارف من التماثيل و اللوحات والمنحوتات البارزة وقد بناه الملك “كابارا بن قاديانو”.
– بعد ذلك, انتقلت السلطة الى الآشوريين, حيث سجل الملك الآشوري “عضد نيراري الثاني” موقع التل في سجلاته كأحد مدن الدولة الآرامية الدافعة للجزية.
– “غوزانا” ظلت حية بعد انهيار الإمبراطورية الآشورية, كما ظلت مأهولة حتى الفترة الرومانية.
*- نتائج التنقيبات في تل حلف :
– عمل سكان التل على زراعة القمح والشعير في الأراضي المحيطة الجافة معتمدين على الأمطار, كما كانت لديهم قطعان من الماشية والأغنام والماعز.
– أظهرت الحفريات وجود مدينة تعود إلى العصر الحديدي، مخططها مستطيل أبعاده /600x300/م, محاطة بنظام دفاعي من أسوار تضم أبراجاً بمسافات منتظمة.
– داخل المدينة وفي الجهة الشمالية, وجدت مدينة أخرى أبعادها /200X150/م, تقوم فيها الأبنية الهامة كالقصر والقلعة.
– اكتشف على عمق /22/م شمالي سفح التل وجود مساكن مستديرة وآنية فخارية متعددة الألوان تضم مجموعة كبيرة مزخرفة بطلاء لامع كأنه من الزجاج مزينة بأشكال هندسية ونباتية وحيوانية وإنسانية، بالإضافة الى مجموعة من الأواني الحجرية والنحاسية والصوانية، وتماثيل مصنوعة باليد.
– وجد أن للمجموعة الفخارية شكلها وطبيعتها الخاصة فأطلق اسم الموقع على الفخار المشابه له أينما وجد (فخار تل حلف), حيث وجد مثيلا له في مواقع عديدة منتشرة في شمال وغرب سورية والعراق (رأس شمرة في سورية وتل عربجية وتل ياريم تپه في العراق) وحتى بحيرة “وان” في قلب “القوقاز”.
– اكتشف بالإضافة الى المسكن والبيوت, قصر غربي فيه نقوش ومنحوتات تعود إلى الملك الآرامي كابارا.
– يتألف القصر الغربي من قاعة مستطيلة أولى تليها قاعة العرش وهي مستطيلة أيضا، أمامها باحة مكشوفة مسوّرة، لها مدخل ضخم يليه درج كبير من الحجر المنحوت، وتم تزيين المدخل بمنحوتات حجرية ضخمة، ونقوش بارزة.
– تم تزيين مدخل القصر بمنحوتات حجرية ضخمة ونقوش بارزة لجنود واقفين بأسلحتهم وفي وضع مبارزة و في وضعية صيد الحيوانات، بالإضافة إلى منحوتات لمخلوقات متمازجة متضمنة الإنسان العقرب، الإنسان السمكة، الرجال الثيران، الأسود المجنحة، وشكل آدمي برأس أسد وغيرها. وأيضا, مشاهد الحرب والصيد والطيور، وصراع الوحوش وبعض الكائنات الخرافية، الى جانب مشاهد دينية ومشاهد قرابين.
– اكتشف أيضا مدفن ملكي يحتوي العديد من الأواني والتحف.
– اكتشف أيضا قصر آخر في شمال شرق التل و سور للمدينة وبوابات، ومدافن، وحجرة سميت بالقاعة الثقافية.
– كان لدى ” أوبنهايم ” تصور دقيق حول الشكل الفني الذي يجب أن يظهر به القصر. ولكن مخططات الترميم التي تركها لم تكن كاملة، فالأبعاد لم تتطابق مع القطع والتماثيل الحجرية. ورغم ذلك فقد استخدم مخططه ذلك لتصميم مدخل المتحف الوطني في مدينة حلب حيث زين مدخل المتحف بنسخة من واجهة القصر الملكي في تل حلف وهي من القرن 9 ق.م موجود أصلها في متحف برلين.
*- أصدقائي… ما قدمته نتيجة إزاحة بضع أمتار من الرمال على أرض سوريتكم… افتخروا بها… حافظوا عليها… حدثوا أبنائكم عن غنى تراثها… سورية أكبر من المجد.