لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك تلبية صادقة من نفسي التي نشأت على حب السلام وعشق الإنسان لبيك محرما عن دنس الشيطان مبتعدا عن همزات ولمزات أتباعه من المسوخ البشرية التي ماتنفك تمتص دماء الإنسانية وتخيم بقبحها على جمال الكون لتحوله إلى أشلاء متناثرة على الأرصفة والشوارع وتحت الأنقاض لبيك يا إلهي بحج يجمع الكلمة ويوحد الصفوف بأفئدة تهوي إليك خاشعة طاهرة موحدة لك لا لغيرك من أرباب الصهيونية والقاعدة ومن شايعهم في ضلالهم وعمى قلوبهم لبيك مصليا مؤمنا بكل أنبيائك لا أقتل الإنسان ولا أبوء بأثمه فأخرج من حجي كيوم ولدتني أمي هكذا الحج كما أفهمه لا كما أحكيه وأنقله لحج هذا العام الذي اقتربت أيامه أن تنقضي ولم تنقض حكاياه وأسراره ولم تجف دماؤه .
حكاية الحج الذي نعيشه هذه الأيام – أيها الأعزاء – تسرد قصة شعوب مخادعة استمرت في غيها وجبروتها تحت مظلة الدين يلبس أبناؤها ثياب الزهد والورع نهارا ويخلعونها لممارسة قبحهم في الأودية والأنفاق ليلا شعوب يرسلون أبناءهم ليقتلوا الإنسان في سفوح سوريا ثم يشدون هم الرحال نحو مكة طلبا للتضرع والتقرب من الله أن يغفر لهم الخطايا ويمحو الذنوب والسيئات شعوب – أيها الأفاضل – ابتدعوا فلسفة جديدة للحج تقوم على امتهان الإنسان وسفك دمه طوال العام ثم البكاء والتوسل ونحر الأضاحي في أيام معدودات بمشاهد – للأسف – تبعث على السخرية والكوميديا الهزلية التي تنال من قدسية وروحانية الحج لا أستطيع وصفها إلا بقوله تعالى : ” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين “.
الرحمة كل الرحمة أرجوها من الله وأدعوه ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا حين أرى الجموع يتزاحمون للوصول إلى رجم الشيطان وهم من ترك شياطين الإنس تقتل وتكفر وتعبر الحدود لتستبيح الأعراض وتأكل القلوب بفتاوى تمنحهم صكوك الجنة ومفاخذة الحوريات ومنادمة الغلمان في إيغال موحش – أيها السادة – للوثنية التي تسكن قلوب هؤلاء من الحمقى وقطاع الطرق وأبناء العاهرات وتجار الدين لنصحو على حج أضحى صورا باهتة وأجسادا ميتة تلبس الأكفان لا أرواح تناجي الله بصدق ولا ألسنة تلهج بالبراءة من أعدائه يسارعون إلى مغفرة من أمريكا والصهيونية ويقدمون القرابين لصنمية الذات في نفوسهم المريضة لتستمر تلك الوثنية المضحكة في تقديم طقوسها عبر رسائل التهنئة والعناق والقبل أن يتقبل الله منهم ولا أدري أي حج مبرور قاموا به أو سعي مشكور تكبدوه أو ذنب مغفور يطلبوه وهم بالأمس -وما زالوا- يمارسون في دمشق صلب المسيح وإيذاء النبي محمد(ص) وقتل ذريته.
أعتقد أننا أمام تناقضات كبيرة وفارقة نراها تشكل ماهية الدين ومكوناته فالحج الذي نراه في مكة بقدسية مصطنعة خاوية من الروح يقابله في دمشق قتل وتهجير واستباحة للأعراض من نفس الفصيل الذي يتباكى على صعيد عرفات يرجو الرحمة في صور ممجوجة بالخداع والزيف والضلال وكأني بالكعبة تهتز أركانها لهذه الوثنية التي تبيح دم الإنسان في دمشق وتفديه بالأضحية في مكة حتى تتحلل من إحرامها وكان حريا بها أن تتحلل من عبودية الطاغوت والذات وتقديس الجهل الذي توارثوه كابر عن كابر وبه قسموا الدين والإنسان في مشهد تخيم عليه السياسة الخبيثة والمصالح الفئوية التي تخدم الشيطان تحت غطاء الشرعية الدينية التي منحها السحرة لفراعين السياسة وجرذان الإرهاب.
لست أذيع سرا إذ قلت إن أضاحي الحجاج هي أقل شأنا من أضاحي دمشق فالإنسان يظل أعلى شأنا وحرمة من بهيمة الأنعام فكيف إذا كان هذا الدم يسيل لأكثر من سنتين ونصف أليس هذا بعين الله هل من العقل أن يتقبل الله من قابيل العربان وهو من ذبح الإنسان ويترك هابيل السوري وأبناءه وهم من يُذبحون لأجل أن يرضى النمرود وأتباعه ويعلنوا دولة الاستسلام والرجعية الوثنية التي تعبد البعير وتتبرك ببوله وتتداوى بفضلاته تحت شعار الإسلام وإحياء إمارة “الحجاج بن يوسف” وكأنهم بهذا يجددون العهد مع الله ورسوله ولم يعلموا أنهم مجرد كتل سرطانية خبيثة سلامة المجتمع بكل أديانه هو الخلاص منهم ومن فكرهم القائم على إفرازات القذارة المذهبية والفتن وكراهية الإنسان.
لقد كذبوا وهم يرددون التلبية فما وجدناه في دمشق يقول بذلك ومن لم يصدق هذه الحقيقة فليسأل “قاسيون” وليُشهد جبل “الزاوية” وسيخبرانه أنهم لبوا نداء التكفير والتشدد وقساوة القلب وجفاف الضمائر وأشركوا مع الله شياطين الدم وبعارين الفتاوى وتجار السلاح والنفط وأن الحمد لمن يمول ويغدق الأموال لشراء الذمم وقتل الأبرياء وأن النعمة من آبار النفط والغاز لا من الله والملك لمن يقضي على المسيحيين والشيعة والعلوية حتى تخلو الساحة لـ داعش وخافش وناشف وهابش وغيرهم من طوائف الدم والتكفير اللعين.
على العالم أن يدرك أن الحج نحو دمشق سيكشف مزيدا من زيف الشعارات الدينية التي يتشدق بها التكفيريون الذين يمتطون الرجعية في شؤون حياتهم وأنهم حفاظ الدين والقائمون بحدوده وتشريعاته وعلى المجتمعات الإنسانية بكل أديانها وطوائفها أن تعي خطورة حركات التطرف الديني التي تعرت في شوارع دمشق وبانت سوءتها وأن تسعى للقضاء على شهوة حيوانية ماتبرح تشرب الدم وتأكل الإنسان وتحارب القيم والفكر الإنساني النبيل.
نعم هي دعوة للحج نحو دمشق قلب العروبة ومفترق الطرق وقبلة المقاومة لنرتدِ إحرامنا ولنمر ملبين في أزقتها وقراها لنرتدِ إحرامنا ولنشرب من ماء “بردى” و”بقين” و”الخضرا” ليكن حجنا هذا العام بقوافل المكبرين الموحدين ولنعلن واقفين من على صعيد “قاسيون” أن التكبير ليس لذبح الإنسان وحرقه والتمثيل به لنتقرب إلى الله بالطواف حول المحبة والسلام وليكن سعي خطواتنا بين المساجد والكنائس فرصة لمراجعة الذات وشق الطريق نحو الصفاء والمروءة لملاحقة تجار الطائفية ومصاصي الدماء وهم يلهثون نحو الحدود للقتل والاغتصاب وبقر بطون الحوامل وتعليق الأجنة على أغصان الأشجار والتمثيل بالإنسان بكل حقد وسواد فكر .
لنحتفظ بالجمرات ولنرم بها شياطين العربان الذين احدثوا وبدلوا وغيروا وقتلوا وأجرموا وحرضوا ولنعلن البراءة ممن اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا وتعاهدوا مع أعداء الأمة من الصهاينة ليهدموا كل شرف إنساني اختط لنفسه وأبناء جلدته المقاومة والوقوف بحزم وإرادة صلبة ضد مخططات بيع الأمة وتقسيمها وإذلالها .