د . م عبد الله أحمد
تكمن أزمة العرب والشرق بشكل عام في مقاربة الواقع الناتجة عن حالة الانفصام، فمن جهة نراهم يتمسكون بالنص الذي يكتسب صفة المقدس ويتقدم على العقل، وبنفس الوقت ينسبون أنفسهم الى مجتمعات مسلمة شكلا، وينتفضون ظاهريا ضد ما يعتبرونه اساءة هنا وهناك ، وبنفس الوقت يهدمون الدين الذي يؤمنون به افتراضيا من خلال نصوص محدثة ” كارثية ” يعتبرونها مقدسة، وهنا تكمن المفارقة . بينما تغذي المؤسسات الدينية وكهنة الاديان هذه الحالة. بكل الاحوال أي خطاب كراهية هو خطاب مرفوض ومدان ويعكس دونية من يصدره، ولكن قتل انسان عمدا وفصل رأسه عن جسده سواء كان في باريس او في دمشق او في بغداد أو في اليمن هو أيضاً مرفوض وهو ما يولد خطاب الكراهية بالاضافة الى كونه جريمة ضد الانسانية ..والغريب في الامر أن ما تحتويه نصوص توصف بالمقدسة “مثل الصحاح ” التي انتجت في العصر الاموي هو أكثر اساءة للرسول ذاته وللدين وللانسان ولكن لا أحد يحتج ..
من جهة أخرى، أن خطاب الاتهام والتشويه والكراهية التي يبثه اصحاب ما يسمى “العلمانية الالحادية” هو خطاب كراهية أيضاً ، وهو بنفس الوقت تبشير وترويج لدين مادي تبلور بشكل واضج منذ فرانسو بيكون وداروين وصولا الى ماركس ولينين والى مفكري الرأسمالية والليبرالية الجديدة وصولا الى كنيسية الشيطان والبرت بايك . وهذا الخطاب هو خطاب متطرف ومرفوض .
المشكلة ليست في الدين وانما في المؤسسات الدينية التي تستخدم الدين كسلعة تجارية و كاداة لاستعباد الناس، فالدين مرافق للانسان كما الفلسفة منذ الازل، والانسان بدون دين أو فلسفة مجرد كائن اجوف. كما أن العلم هو نتاج لفكر انساني حركّه الدين والفلسفة منذ الازل .
غياب العدالة وتنامي الطمع والجشع والانا المتضخمة هو سبب مآسي البشر، وليس الفكر الميتافيزيقي او الفلسفي او العلمي الذي يهدف الى رخاء البشرية وتقدمها .
لا خلاص للعرب وللشرق الا بالتخلص من الانفصام والجهل والانا المتضخمة والجشع و الذي جعلنا أمة تلهث لمجرد البقاء .