في العمق الاقتصادي في سيرورة الحياة بكافة أشكالها ومن أجل استمرارية التنمية وتوازنها و استقلاليتها ,هذه الأسس التي تقود إلى قوة البنى وتماسك المجتمع بشكل يجعله قادراً على الوصول لتحقيق رغبات المجتمع بكافة ألوانه , والوصول للغاية الأساسية لأي مجتمع وهي الإنسان الذي هو غاية وأداة التنمية , ولذلك يجب على المتابع والمراقب و الراعي أن يرى بكلتا العينين و بمنظار يكشف العمق قبل السطح.
فقد ترى الكثير من الأوساخ العائمة على السطح ولكن عمق الجدول يكون نقياً نظيفا ً وقد لا تجد أوساخا ً طافية ولكن العمق يكون مليئاً بهذه الأوساخ التي قد تظهر فجأة و تعكر المياه و تطلق الروائح الكريهة و الرجسة العفنة , وهكذا يكون حال الراعي الايجابي الفعال بحيث لا ينخدع بما يظهر على السطح و لا ينتظر وإنما يبحث بالأعماق , فلا ينقاد وراء ظواهر اقتصادية و اجتماعية تظهر بشكل مؤشرات كلية وإنما يبحث ويتغلغل بالعمق , فحل أي مشكلة يتم بالبحث عن أسبابها الحقيقية ومعالجة كل هذه الأسباب بعلاجات تناسب كل جوانب المشكلة إن كانت مركبة ,ولا يكون بالتخدير أو التضليل أو الهروب عبر التركيز والتسليط على شكلها الخارجي أو عبر البعد عنها بتضليل مبرمج رقمي أو بالكلام المبهم الذي يشخص موضوع آخر أو الشكل النهائي للمشكلة للبعد عن الجذر الحقيقي لها , فهكذا تضليل يفعل للهروب من عمل مقصود تخريبي أو سوء أداء مفتعل لتبرير الفساد أو التهديم .
الطبيب الماهر هو الذي يشخص المرض بدقة و يحيط به وبأسبابه و انعكاساته ويصف له الدواء المناسب الشافي عبر دراسة عميقة متجذرة تاريخية , وهكذا في الأمور الاقتصادية الاجتماعية , الباحث الخبير الوطني هو الذي يتغلغل بأعماق المشكلة للوصول إلى جذورها و ليأخذ من الواقع حلولها حسب الإمكانيات .
الاختباء وراء العموميات كما حصل سابقاً,عندما أطلقنا في أحد الندوات مصطلح النمو الفقاعي على أرقام النمو التي كان يتفاخر بها العطري رئيس الحكومة و النائب الاقتصادي للتعبير عن النمو المحقق ,فقد كان يختبأ بهذا التسليط والتركيز للهروب من هيكليته التي تعتمد على الاقتصاد الريعي وعلى تشجيع الثقافة الاستهلاكية بعيداً عن تكريس القطاعات الإنتاجية التي تؤدي إلى انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة, وكذلك بتسليط الضوء على ما يسمى رفع الدعم من أجل إعادة هيكلية الاقتصاد عبر التخفيف من أعباء هذا الدعم وكذلك لإخفاء حجم الهدر و الفساد الذي كان يشكل حوالي 1000 مليار ليرة سورية ويشكل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي ..
وكذلك ما وجدناه اختباء حقيقيا ً وراء الأزمة لتبرير الكثير من الأخطاء المفتعلة و التي زادت بانعكاسات هذه الأزمة من الأسعار وزيادة الفقر و البطالة إلى رفع سعر الدولار , وكذلك العودة لموضوع رفع أسعار الوقود عبر الطريقة الهدامة لمحاباة البعض , العمق يعطيك صورة حقيقة واقعية للمشكلة و السطحية قد تضللك أو تستخدم للتضليل.