بقلم المستشار :محمد ابوزيد فرعون غاضب
١
كل حملة امريكية لإسقاط أى بلد – وبخاصة البلاد العربية – لا بد أن تحمل عنوانا أخلاقيا يبررها من ناحية ، ويخفى حقيقة أهدافها من ناحية أخرى
هذا تحديدا مادفع كولين باول وزير خارجية امريكا لأن يقول للرئيس جورج بوش مع تصاعد أزمة العراق ٢٠٠٢ : ان الولايات المتحدة تستطيع أن تستولى غزوا على العراق ، لكن قواتها المسلحة تحتاج تحتاج بشدة الى غطاء اخلاقى وقانونى تمارس تحته عملها ، لأن ذلك هو الضمان الأساسى لثقة القوات فى مهمتها إلى جانب إحساسها بتأييد شعبها ومساندته . فهذا الغطاء المقنع هو الذى يسقط الفارق بين الراية الوطنية وألوانها ، وبين المنديل الأسود الذى يضعه القرصان فوق رأسه ..
أستقر الرأى نهائيا على إعتماد ذريعة إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ، يستعملها بنفسه عند لحظة يأس ، او تنتقل منه إلى منظمات إرهابية برغبة فى الكيد والإنتقام ..
يقول محمد حسنين هيكل فى كتابه الامبراطورية الامريكية والاغارة على العراق : فى مرحلة الحيرة بين العلل والذرائع ، وبالتوازى مع ذريعة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ، طرح دونالد رامسفيلد المشروع الامبراطورى صريحا
…أمريكا تحيط بالعراق من كل ناحية ، فهى تملك قواعد على تواصل دائرة كاملة تبدأ من الخليج إلى باكستان إلى أفغانستان إلى اوزبكستان إلى قيرغستان الى تركيا الى اسرائيل الى الاردن الى مصر الى السعودية ..وهذه فرصة تاريخية :
– للسيطرة على مركز الدائرة فى بغداد ليكون النقطة الثابتة فى الدائرة الاوسع المحيطة بها
– لتصفية ماتبقى من مواقع للمقاومة اى ايران وسوريا دون حاجة لإستعمال السلاح ، لأن وجود امريكا فى العراق يعنى حصار ايران من ناحيتين ، كما ان سوريا فى وضع اصعب لأنها بعد احتلال العراق تصبح مفتوحة من الشرق بوجود امريكى فى الجوار المتصل بها الى درجة الالتحام ، ومحاصرة من الشمال بتركيا والوجود الامريكى القائم على ارضها ، وبمناطق الاكراد فى شمال العراق وامريكا هناك معهم ، إلى جانب اسرائيل من الجنوب
إضافة الى أن النظام الاردنى ليس صديقا مغرما بالنظام فى دمشق ..كما ان هناك عناصر فى لبنان لا يرضيها تحكم سوريا فى القرار اللبنانى .
– فإحتلال العراق بالنسبة لرامسفيلد هو ضربة واحدة لرسم خريطة جديدة مثالية لشرق اوسط تقوم امريكا بتشكيله ، ورسمه ، وتنظيفه من الجيوب الكارهة لأمريكا والتى ماتزال تجادل وتعاند .
– فسوريا ومنذ عشية غزو العراق تمثل من وجهة النظر الأمريكية احد الجيوب الكارهة والمعاندة للسياسات الأمريكية فى المنطقة ، وأنها تمثل احد مواقع المقاومة المطلوب تصفيتها الى جانب إيران وحزب الله ..
– اما عشية الحملة الإمبريالية على سوريا وإسمها الكودى ( الثورة الثورة ) التى يقمعها نظام شديد القسوة ، والتى توجب على امريكا وحلفائها التدخل أخلاقيا لحماية المدنيبن العزل ومنع النظام من قتل شعبه ، فإن تلك الأكذوبة كانت تخفى حقيقة المستنقع الذى غاصت فيه امريكا بجل قواتها فى العراق وقد اصبحت رهينة هذا المستنقع ، فإن اصابع الاتهام تشير الى سوريا بمساندة المقاومة الوطنية العراقية . كما تسعى أمريكا للحد من عمق المستنقع العراقى بإتخاذ المشكلة المصطنعة الخاصة بالطاقة النووية لايران مبررا لمحاولة ضرب ايران .
ومع فشل فكرة إضعاف التحالف السورى / الايرانى عبر القضاء على المقاومة الشعبية اللبنانية ..لماذا ؟ ..لأن وجودها يحد ويغل إمكانية استخدام اسرائيل فى ضرب ايران . والفشل فى نزع سلاح المقاومة اللبنانية لفتح الطريق عبر كل لبنان ، للقوة العسكرية الامريكية والاسرائيلية نحو سوريا لضرب عصفورين بحجر واحد : القضاء على المساندة السورية للمقاومة الوطنية العراقية والقضاء على حليف ايران …
– واذا كانت هذه الآمال العريضة قد تحطمت على صخرة المقاومة اللبنانية مستندة الى الجدار السورى فى ٢٠٠٦ …فإنه لم يكن هناك مفر من السعى لضرب سوريا من داخلها والسعى لتمزيقها واسقاطها …وهذا ماسنتناوله فى الجزء الثانى …