جالسته، كان شيخاً جليل تجاعيد وجهه تروي ألف ألف حكايه، أديم اللحظ في كل شيء مع أنه لا ينظر إلى شيء، قليلاً يتكلم ولكني لا أفهم منهُ شيئاً أحاول أن أغيّر لفتَ انتباهه أنْ لا يدركني أني لا أدركه وأني لا أفهم منه ما يلفظ، اتمايلُ أنا كيديّ وعينيّ تغمزان على أني أفهم، وهو يحاول أن يستدرك في كلامه عقلي، تراه هل يعرف أن عقلي عنده وعند الجمهور الذي أتمنى أن يكون مشدوهاً لجلوسه معي فيحسدوني! "أتمنى" .. فاخرت أنا بجلوسه قبالتي.. يا ليتني فاخرت بأني منه أفهم. قال: النور معك زماناً قليلاً بعد، فاتبع النور، اجمع منه ما تستطيع فتأتيك الظلمة، إن لم يكن لديك من النور ما يكفي سقطت. قلت: يا شيخي والنور يأتي كُلّ صباح فلما اجمع منه وهو آتٍ آتٍ. قال: أيا ولدي وأنت تعثرُ في النور، كيف إذا ما أتاك الظلام؟ عجِبتُ لأمر ما يقول ولم أفهم. أردف قائلاً: أنورٌ أنا؟ قلت: وألف نورٍ أنت يا شيخي الجليل. قال: وأنا النور ومني لا تأخذ، وتراني اليوم معك.. غداً لا أحد يعرف أين أكون، احرص على شمس نهارك فمنك إذا ذهبت دون أن تستجمع نوراً ذهب منك يوماً ستتمنى أن لا يأتي، فكم بالحري أن تستفيد من نورها.. اكسب النور قدر ما استطعت حتى إذا ما أدركتك ظلمة الحياة كنت أنت النور لها.. استأذنني ورحل.. ترك النور مكانه وأنا بعد إلى الآن لا قصة لي إلا أنه كان معي.. وياليتني أدركت حقاً أنه كان معي!.