و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
هذا طبعنا نحن الجزائريون، وضوح و صراحة و قول فصل، غير قابل للتأويل و لا حمّال أوجه لفظنا، و واهم من لم يجد حجة لدحض موقفنا سوى غثيان الهجاء الذي يجتره في مقالاته، أننا لا نملك خطامه، و إنما تمسك سواعد أخلاقنا لجامه، فقواميسه مرمية على قارعة الطريق، هذا لمن اتهم الشعوب العربية في مقاله الأخير بأنهم مجرد "ابناء شوارع"؛ اللغة العربية الأصيلة في المغرب العربي الكبير، تشد لها رحال أهل المشرق، و تشرئب لها أعناق رجاله؛ الكاتب تشهد مقالاته في صحيفتي "القدس العربي" و "رأي اليوم" أنه معارض قوي و شرس للنظام في بلده، لا مزايدة ها هنا، و فرق بعيد بين معارضة تهدف لإصلاح الوضع بأيادي أبناء الوطن فقط، و البناء على هو موجود، بأدوات سلمية و ان اقتضى الحال التضحية بالروح فضلا عن المال و الولد، و بين ممارسة التهريج و الهبل في عواصم العالم، برسم لوحة كاريكاتورية عن الشجاعة من فنادق خمسة نجوم، نحارب ببسالة أفنان الجواري، على أسرة الخيانة نمارس فحولة مصطنعة، نتدرع بأموال الخليج ندفع بأوطاننا الى الجحيم، فرق لا ينكره إلا أعمى بحق. ثم أليس يزعم هؤلاء فداءهم للوطن بالروح، لم لا يمارسون دونكشياتهم من داخل وطنهم بدل الفضائيات، و يمضون شهداء في سبيله، بدل استدعاء من ينوب عنهم من المارينز و البلاك ووتر؟ لم لا يختارون علم وطنهم كفنا عوض التمسح بأعلام دول طالما احتلتهم جيوشها و أذاقت آباءهم و أمهاتهم الويل؟ أم هي مجرد شعارات و هرطقة.
أقول هذا الكلام ردا على أحد أبرز قادة ما يسمى بالإتلاف السوري، حين صرح لقناة البي بي سي
2013/11/10 بعد اجتماعهم في اسطنبول، و الذي افتتح فيه النقاش بالصفع و اللطم، بأن مشروع قرارهم دولي و عربي، و قال بامتعاض شديد يبطن سخرية غبية:" كل الدول العربية وافقت على نص المشروع، إلا الجزائر و لبنان". التعاطي مع الجزائر بهذا الاسلوب المفتقر لأبسط قواعد الدبلوماسية، فضلا عن العلم و المعرفة، ليس جديدا على مكونات هذا الجسم المشلول عقلا، و المعطل حركة، بل هناك حصة في قناة "المستقلة" أفردت لأحد الوجوه السورية ساعة من وقتها، لا يمر عليه اسم الجزائر إلا و كال لها ما يعكس وقوفه أمام مرآة، و كذلكم قناة "الحوار" مع الأسف الشديد، دون أن تكون للمحطتين الفضائيتين روح الديمقراطية المزعومة، قناعة بضرورة إعطاء ذات الفرصة لممثل الرأي الجزائري للرد. دون أن ينتبه هؤلاء السادة بأن الجزائر تعد الآن و دون مزايدة أكبر و أقوى دولة عربية، و الأكثر تماسكا و استقرارا و استقلالية قرار، هنا أعتمد تقارير الولايات المتحدة و الامم المتحدة، و ليس هذيان بعض النخب و أشباه الدكاترة، الذين جعلوا من صفحاتهم الشخصية على الفايسبوك مكب نفاياتهم، موهمين أنفسهم و متابعيهم بأنهم فقهاء في العلوم السياسية و خبراء في العلاقات الدولية؛ و هم عاجزون على التمييز بين الواقع المُدرك و الواقع المُتوهم.
الغاء جون كيري زيارته للجزائر، لم تكن بسبب مرض الرئيس كما توهم البعض، لأنه ببساطة لو كان لوزير الخارجية أدنى سلطة تأثير، لجاء للجزائر و التقى نظيره ليصدر له أوامر الولايات المتحدة، فالأعراف الدبلوماسية لا تقضي بضرورة لقاء رئيس الجمهورية، غير أن الحقيقة التي لم تتداول على وسائل الاعلام، هي موقف الجزائر الراسخ حيال مشروعية النووي الايراني، و وقوفها بكل قوة الى جانب ايران في هذا الملف، ذلك ما هو معلوم لدى أهل الاختصاص و المتابعين الجادين في المحافل الدولية، و موقفها الغير قابل للتفاوض بخصوص سورية، فالجزائر ترفض بشكل قاطع التدخل الأجنبي بكل أشكاله سياسيا كان أم عسكري، و لما علم جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة بتصميم الجزائر حيال الملفين، ألغى الزيارة تفاديا لبيان فشلها و تجنبا للإحراج. إذن الجزائر ليست ملطشة و لا مسخرة كما يتوهم قادة الاتلاف.
هؤلاء السادة ينطبق عليهم الوصف اسود علينا و في الحروب نعام، حين قلنا لهم بداية الأزمة المصطنعة في سورية أن الأمر مدبر بليل، و أن أعداء سورية يفتعلون صراعا دمويا على ساحتها، لا يمت بصلة لمصلحة الشعب، ثارت ثائرتهم و أمعنوا في كيل السباب لنا، لكن و أقولها بكل مرارة و أسى، حين قالها سيدهم كبير موظفي البيت الأبيض دينيس ماكندو كما نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز
2013/10/30 قوله لأعضاء الكونغرس:" إن الوضع في سورية يمكن أن يبقي ايران مشغولة أعواما عدة" ثم أضاف:" القتال بين حزب الله و القاعدة قد يكون في مصلحة الولايات المتحدة". بعد هذا التصريح بأسبوع، شحذ أحمد معاذ الخطيب رئيس الاتلاف السابق قلمه 2013/11/06، لا للسب و الاهانة كما يفعل معنا، و لا للتكذيب و الاتهام، و إنما للتحذير من الخديعة التي نصبتها أمريكا للشعب السوري.
حين قلنا في بداية الأزمة إن رفع شعار تنحية الرئيس بشار الأسد، مطلب غير واقعي و يصب في مصلحة العدو الاسرائيلي بالدرجة الاولى، ربط جسر جوي بين الفضائيات حمولته قواميس التخوين و العمالة للدكتاتور على حد وصفهم، لكن كأنما هؤلاء أنفسهم ألقموا حجرا، حين قال رئيس جهاز المخابرات العسكرية الاسرائيلي الأسبق (
2010-2006) عاموس يادلين :"سقوط الأسد سيكون بشرى لإسرائيل و قد بدأ انفراط عقد الهلال الشيعي."( 2013/02/03)، و ابتلعوا السنتهم كأنهم بُكمٌ حين نقلت نيويورك تايمز قول السفير الامريكي ريان كروكر 2013/11/09 :"إن من يتوهم سقوط الأسد يفكر سرياليا".
شواهدنا لا يحصرها مقال بأي حال، لكن السؤال: ألا يخجلون من أنفسهم حين "يتمرجلون" على المواطن العربي، و يصابون بحالة الخنث حين يتكلم السيد الأمريكي أو الاسرائيلي؟ أنكروا بداية الأمر أن جبهة النصرة مثلا و غيرها مجموعات قتل مخترقة مخابرتيا، و برءها الخطيب في المغرب، كما دافع عن شرعيتها جورج صبرا
2013/08/20 ، و صمّوا آذانهم و افتعلوا تبرءهم منها حين كشفت نيويورك تايمز 2013/03/22 عن وجود عناصر من جهاز الاستخبارات الامريكية تقوم بعمليات نوعية في سورية، و تتحكم في خيوط الجماعات و حركتها على الأرض.
ختاما أقول لهذا السيد (ممثل الاتلاف في اسطنبول) و من لف لفه: إذا كنتم تزعمون و أنتم مجرد أشخاص استقلاليتكم، كيف تتوهمون بأن الجزائر كدولة عظمى يمكن أن تحكمها أهواؤكم؟ أو برنة هاتف منكم تبني مواقفها على مزاجكم؟ هذا خيال أبعد من السريالية حدودا؛ و الحال أنك في ذات التصريح تخبرنا بأن نص المشروع كتب في وزارة الخارجية الفرنسية، هناك أعد و صيغ، و منها أرسلت نسخ الى لندن و واشنطن، (التصريح مسجل على صفحة قناة البي بي سي) قبل أن يعرض أصلا على أعضاء المجلس في اسطنبول، الذين على ما يبدو لم يكن لهم الا حظ الصفع ثم الامضاء؛ و أيا كان الموقف من النظام الجزائري، فالاحترام يبقى سلوكا و واجبا أصيلا، و للعلم فالكاتب جزائري يفخر و يعتز بموقف بلده إزاء ايران و سورية، بل و يطالب بالمزيد على جميع الأصعدة و كل المجالات بما تعنيه هذه الكلمة، و إن لم يكن يمثل الجزائر و شعبها فهو يمثل رأي مئات الآلاف حتى لا أبالغ، ليس لأي كان حق في الاستخفاف بهم، و يكفي الجزائر عذرا أن هذا المشروع المسخ ولد من رحم فرنسا الـ………… لنقول: لن نسلم سورية و لو على جثثنا.