لا نستطيع أن نصدّق في سورية أنَّ النُّخب العربية – على الأقل – لم تستطع حتى الآن أن تُدرك حقيقة ما يجري على الأرض العربية
ولاسيما على الأرض السورية، ولا تزال تعتقد أن ما جرى ويجري من خلال الربيع العربي المزعوم، وعلى الرغم من كونه أقرب لأن يكون أقسى شتاء وأبشعه إجراماً وهمجية، أو أشنع خريف وأقذره عريّاً وكذباً وانحطاطاً في القيم والأخلاق، على الرغم من ذلك لا يزالون يصفونه بالربيع، ولا تزال بعض الجهات العربية المريضة فعلاً تصف الذي يجري تأسيساً على الخديعة الربيعيّة بأنه ( اضطرابات شديدة على كل المستويات، ناجمة عن مجموعة من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتراكمة ) ..!! ومن هذه الجهات اتحاد المصارف العربية الذي يقوم هكذا فعلاً بتوصيف ما يجري على الأراضي العربية في هذه الأيام، طارحاً من اعتباراته حجم العداء الشديد الذي تبديه دول المشروع الصهيو أمريكي، الأجنبية منها والعربية للمشروع العربي والإقليمي المقاوم، وهذا الطرح من الاعتبار لن يفيد هذا الاتحاد البائس شيئاً، ولن يُغيّر في الموضوع قيد أنملة مهما حاول أن يحشد من إمكاناته لأجل مساهمته السوداء في قلب الحقائق، وما كان هذا الاتحاد ( الصنمي ) أن يقبل على نفسه تبنّي مثل هذا المفهوم الذي لن يصير ربيعاً بمجرد اتهامه بالربيع، لو لم يكن متورطاً إلى أخمص قدميه من خلال تكريس جهوده من أجل المُضي في تشويه الحقائق، وإلاّ كيف يمكن لهذا الاتحاد الذي يهدف إلى حماية مصالح المصارف والبنوك العربية، ولم نسمع منه كلمة حق واحدة ضد هذا المهرجان العدواني الفظيع في المحاولات الإجرامية لتدمير النظام المصرفي السوري، وفي القرارات الجائرة التي اتخذت ضد مصرف سورية المركزي ومختلف البنوك السورية، حيث بقي هذا الاتحاد ( وسورية واحدة من أعضائه ) يتفرّج على المشهد من بعيد وكأنه لا يعنيه شيئ، مانحاً نفسه استقالة تامة من مهامه وأداء واجباته..!
في الحقيقة كان الأولى بهذا الاتحاد وقبل أن يجهد نفسه بالبحث عن كيفية مساهمته في معالجة الآثار الناجمة عن الاضطرابات الشديدة التي جيَّر أسبابها – وبغباء – إلى تراكم المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كان الأولى به أن يبحث عن طريقة ناجعة يعالج فيها أمراضه، ويحدد من خلالها هويته الضائعة، ويعيد هيكليته بما يؤمّن له الحد الأدنى من احترام الذات، ومن قدرة الدفاع الحقيقية عن أهدافه، ويبحث عن خروجٍ آمنٍ له من هذا العمى المظلم حفاظاً على كرامته كمؤسسة من المفترض أن يكون لها وزنها، وأن تكون بعيدة النظر، وهي لن تستطيع أن تكون كذلك مادامت مستريحة لكونها عمياء، ولذلك فإن المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية الذي يعقد اليوم لن يكون إلا مؤتمراً فاشلاً في تحقيق أهدافه مادام يتعمّد الابتعاد عن الأسباب، ولا يجرؤ حتى مجرّد الحديث عنها .