قبل أن يأتيها الجراد المجاهد لتكون مقبرته على أطرافها كانت دمشق ككل الأماكن المقدسة في العالم توفد إليها البشرية زوارا حفاة القلوب من قذارة الكذب وككل حجاج الكون يأتيها زائريها راكضين ليغتسلوا من خطاياهم في حمام التعري الصادق، فإذا كان العلم اخترع لنا أحواض التجريد الحسي لنحيا الموت ونحن أحياء فإن دمشق تعود بزائريها إلى رحم الكون ليعيشوا الصدق مع الذات.
تختلف دمشق عن بقية الأماكن الذي يعتقد بعض البشر بقداستها بأن كل البشر دونما استثناء يعتقدون بأهميتها وقدرتها على الأقل إن لم يؤمنوا بقداستها ، وبأن حجاجها لا يدينون بطائفة واحدة فمنهم من يأتيها متعمدا بتراب خطوات ابنها المسيح والقديسة مريم ومنهم من يأتيها ليرتاح بكاء كربلائيا عند سورها على عقيلة الحكمة زينب ، منهم يأتي الجامع الأموي وقبور الصحابة فيها تقربا ومنهم من يقدم إليها مصليا ركعتين وفق ترتيل آرامي سرياني فينيقي في جوف التاريخ ففي النهاية لا يكبر دمشق في العمر إلا شقيقتيها حلب الجريحة وأريحا المسلوبة ولا يكبرها في العشق أحد.
كل من حجاج دمشق يزور فيها وليه ومخلصه ثم يحدث أن يجتمع حجاجها أجمعين ليؤدوا ركن حجهم الأعظم ، ليطوفوا بذاوتهم مسقطين عقيدة الكره والحقد وداخلين محكمتها الاستثنائية.
محكمة دمشق حيث يبوح القاضي بخطيئة نفسه الشريرة ويبكي المدعي العام على هزيمته بانتصاره ويشهد المتهم على نفسه وفق أحجية كونية يحضرها الناظرون حتى يكاد النجم يعترف ضد نفسه والليل يشنق نفسه على خطاياه.
محكمة دمشق لا تحتاج شهودا وقضاة وتكاليف محاماة حتى يقوم العدل المزيف فهي تعرف أن المحاكم لا تحتاج ثرثرة منافقين عن العدل وتدرك أن الشعوب تصنع رموزا لما تفقده وتؤمن أيضا بأنه ليس علينا أن نحاكم من يملك ضميرا فوحده الضمير سيقتص من الجاني في حضرة صمت دمشق.
أجل إن حجاج دمشق جناة وطواغيت لكن أي جناة هم؟ ، إنهم جناة مساكين على العشق والذات لذا تراهم في محكمة الضمير "دمشق" يحاكمون أنفسهم بقسوة ليعودوا بعد جلد الخطيئة في الذات إلى الفطرة.
محظوظون هم زوار دمشق أكثر من قاطنيها فقد تعمدوا وتطهروا بالسلام ولم يتطهر الدمشقيين من رذيلة الإجحاف بنعمة أن يكون لهم حجرا أو ذكرى في دمشق…. يوما ما حين يخرج الدمشقيين من رحم الصدق سيصيحون بملء حناجر قلوبهم "يا كون عد بنا إلى دين الحب والإنسانية ، عد بنا إلى دمشق".
تختلف دمشق عن بقية الأماكن الذي يعتقد بعض البشر بقداستها بأن كل البشر دونما استثناء يعتقدون بأهميتها وقدرتها على الأقل إن لم يؤمنوا بقداستها ، وبأن حجاجها لا يدينون بطائفة واحدة فمنهم من يأتيها متعمدا بتراب خطوات ابنها المسيح والقديسة مريم ومنهم من يأتيها ليرتاح بكاء كربلائيا عند سورها على عقيلة الحكمة زينب ، منهم يأتي الجامع الأموي وقبور الصحابة فيها تقربا ومنهم من يقدم إليها مصليا ركعتين وفق ترتيل آرامي سرياني فينيقي في جوف التاريخ ففي النهاية لا يكبر دمشق في العمر إلا شقيقتيها حلب الجريحة وأريحا المسلوبة ولا يكبرها في العشق أحد.
كل من حجاج دمشق يزور فيها وليه ومخلصه ثم يحدث أن يجتمع حجاجها أجمعين ليؤدوا ركن حجهم الأعظم ، ليطوفوا بذاوتهم مسقطين عقيدة الكره والحقد وداخلين محكمتها الاستثنائية.
محكمة دمشق حيث يبوح القاضي بخطيئة نفسه الشريرة ويبكي المدعي العام على هزيمته بانتصاره ويشهد المتهم على نفسه وفق أحجية كونية يحضرها الناظرون حتى يكاد النجم يعترف ضد نفسه والليل يشنق نفسه على خطاياه.
محكمة دمشق لا تحتاج شهودا وقضاة وتكاليف محاماة حتى يقوم العدل المزيف فهي تعرف أن المحاكم لا تحتاج ثرثرة منافقين عن العدل وتدرك أن الشعوب تصنع رموزا لما تفقده وتؤمن أيضا بأنه ليس علينا أن نحاكم من يملك ضميرا فوحده الضمير سيقتص من الجاني في حضرة صمت دمشق.
أجل إن حجاج دمشق جناة وطواغيت لكن أي جناة هم؟ ، إنهم جناة مساكين على العشق والذات لذا تراهم في محكمة الضمير "دمشق" يحاكمون أنفسهم بقسوة ليعودوا بعد جلد الخطيئة في الذات إلى الفطرة.
محظوظون هم زوار دمشق أكثر من قاطنيها فقد تعمدوا وتطهروا بالسلام ولم يتطهر الدمشقيين من رذيلة الإجحاف بنعمة أن يكون لهم حجرا أو ذكرى في دمشق…. يوما ما حين يخرج الدمشقيين من رحم الصدق سيصيحون بملء حناجر قلوبهم "يا كون عد بنا إلى دين الحب والإنسانية ، عد بنا إلى دمشق".