(الملك "فيصل بن عبد العزيز آل سعود" أوقف تصدير النفط، في حرب تشرين/أكتوبر 1973، ومات شهيداً، ثمناً لذلك الموقف)…. – هذه كذبة كبرى لا أساس لها، فالملك فيصل لم يوقف تصدير النفط، ولكنّه أوقف تصدير ما نسبته (5-10) بالمئة فقط، وبقرارٍ أمريكي بَحْت.
– ومَن يَشُكُّ في ذلك،ماعليه الا ان يقرأ محضر لقاء جوبير كيسنجر مع وزير الخارجية الفرنسية عام 1975 ميشيل جوبير عندما قال له: "وهل تُريدني – يا هنزي – أنْ أصدّق بأنّ نَفَراً من لابسي الجلاليب في الخليج، اجتمعوا وقرّروا، في ليلة ليلاء، مع شاه إيران، رَفْع سعر النفط؟. فأجاب كيسنجر: لا يَهُمُّني ماذا تصدّق أو لا تصدّق، بل يجب على أوربّا أن تعرف بأنّ (مشروع "مارشال" قد انتهى).. وطبعاً "مشروع مارشال" جرى تسميته باسم وزير خارجية أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، لإعادة بناء الدول الأوربية المهدّمة، لِقَطْع الطريق على الشيوعية وعلى الاتحاد السوفيتي، من احتمال السيطرة على الدول الأوربية.
ومايقصدة كسنجر هو أنّ مشروع إعادة إعمار أوربا" كان مبنياً، بالدرجة الأولى، على النفط الرخيص – بِسِعْر التُّراب – وعندما تَقِف أوربّا على قدميها، ويصبح اقتصادها متطوراً، لن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية، بعدئذ، أن يصل الاقتصاد الأوربي إلى درجة يتفوّق فيها على الاقتصاد الأمريكي، ولذلك لا بُدّ من رفع سعر النفط، لكي يتباطأ النمو الأوربي من جهة، ولكي تَدْخُل عشرات مليارات الدولارات النفطية إلى جيوب شركات النفط الأمريكية من ارتفاع السعر هذا، من جهة ثانية..وكانت حرب تشربن /أكتوبر " 1973 " فرصة سانحة للأمريكان ، لزيادة سعر النفط أضعافاً مضاعفة.
– وأمّا مَقْتل الملك فيصل بن عبد العزيز، بيد ابْن أخيه، فقد جرت عملية القتل تلك، نتيجة تصفية حسابات داخلية ضمن العائلة السعودية التي كانت تتأفّف من عَدَم تَرْكِ الملك فيصل، الحَبْلَ على الغارب لها، لكي تأخذ راحتها في النّهب والسلب، هذا من جهة، ومن جهة ثانية كانت الوظيفة المسندة له أمريكياً، قد استُنْفِذت، وصارت المصلحة الأمريكية تقتضي استبداله. – ومَن يَشُكّ في ذلك، ما عليه إلّا أن يطّلع على الرسالة التي أرسلها "الملك فيصل" للرئيس الأمريكي "جونسون" قبل عدوان حزيران (1967)، يطلب منه فيها ضرورة دعم إسرائيل في شنّ حرب على جمال عبد الناصر وعلى سورية، لكي يجري الانتهاء من وجع الرأس في القضية الفلسطينية، ولكي ينتهي أيّ صوت ناصري أو بعثي، ينادي بالوحدة العربية وبالقضية الفلسطينية.
– ولذلك (مَنْ شابَهَ أباه ما ظَلَم): فالهزّاز سعود بن فيصل، وشقيقه الجاسوس الموسادي تركي بن فيصل، تفوَّقَا كثيراً على أبيهما، في العداء لكلّ ما يمتّ بصلة للعروبة وللإسلام القرآني المحمّدي المتنوّر، وللوطنية الحقّة، وللقضية الفلسطينية.
– وقد آن الأوان لإنهاء أكذوبة وطنيّة الملك فيصل بن عبد العزيز السعودي.. وهم يتسابقون لاسترضاء الأمريكان والصهاينة، لأنّ ذلك هو الرصيد الوحيد والضمان الوحيد لبقائهم على كراسيّهم المتخلّعة، حسبما يظنّون.. ولكنّ ظَنّهم هذه المرّة، سوف يُودِي بهم، خلال العقد القادم..