نقدم مقدمة الفصل الخاص به في كتابي ( شعراء سلمية ) الصادر عام 2010
خبز ودفء وقصائد
قراءة في قصائد الشاعر الراحل علي الحمصي
يقول الأديب الراحل الدكتور سامي الجندي في روايته ( سليمان ) وعلى لسان أحد أبطال الرواية ( أصيبت مدينتي ( مجيد آباد ) بدائين الأول هو داء الفقس والثاني هو داء الطق أو الفقع "
ومجيد أباد هو أسم قديم لمدينة سلمية والفقس داء يشبه الجنون تماماً بينما الطق أو الفقع فهو الموت المفاجئ نتيجة انفجار في الأوعية الدموية.
والشاعر الراحل علي الحمصي أحد شعراء مجيد آباد ( سلمية ) الذين أصابهم الداء الثاني ، فلم يمهله القدر حتى يصل إلى المشفى .
كانت حاله قد وصلت إلى طريق مسدود .. وماذا يفعل كي يؤمن حياة أفضل لأسرة ربها معلم وشاعر ، ولم تقدم له قطعة الأرض التي يملكها ماقدمه لها ، إذ أن السماء صارت تعانده هي الأخرى ولم تقدم ماكان ينتظر منها ، فطار حلم الموسم الجيد والحصيلة الوفيرة التي تسدد ديوناً تراكمت عبر الشهور والسنين .
كان من الطبيعي أمام لوحة الشقاء هذه أن لانجد ديواناً مطبوعاً لهذا الشاعر ، وهو الذي بدأ الكتابة قبل أن يتم العقد الثاني من عمره ، وكان الفرح يجتاز عتبات بيته وهو يرى مقطوعاته القصيرة منشورة في مجلة أو صحيفة ، يتأبطها ويجول بها على أصدقائه في مدينته المنفية وكنت أتمنى لو استطعت تحقيق أمنيته في طباعة أوراق حصلت عليها بعد وفاته ، لكنني لم أجد عوناً حقيقياً ، بل حماساً وأمنيات وأطفالاً كانوا ينتظرون عوناً من نوع آخر ، فهم لايعرفون ماذا يعني الشعر ، وكل مايعرفونه عنه أنه مجموعة أوراق كان يكتب بها والدهم أحياناً ويحرص عليها ، ويطلع عليها بعض زواره ، وهي في مجملها قصائد أو مقاطع تتناغم مع حالة البؤس التي يعيشها ، يغلب عليها الشعر العمودي .عرفه جمهور الشعر في سلمية من خلال المهرجان السنوي للشعر فيها ، وتميز بشعر الألم والسخرية ، كما استطاع أن يبكي هموم الوطن ويعبر عن أوجاعه ، وسمعنا أصوات الشهداء في الكثير من مقاطعه .
( الشاعر من مواليد عام 1946 ورحل في 17 ك2 1996 )