إسقاط النظام بالقتل بالدمار بالتخريب بانهيار الاقتصاد بضرب السياحة بالعزوف عن العمل بالتشريد بسفك الدم بعيداً عن الرأي العام لا يهم، المهم الوصول إلى مبتغاه وهو السطو على السلطة مهما كان الثمن. سلوكيات وممارسات تعرّف عليها المجتمع العربي تحت عناوين عدة أهمها (المعارضة) هكذا قدمت نفسها في الأحداث الجارية على مدى الثلاث سنوات من نشوبها والتي تختلف من بلد إلى بلد لكن في مجملها بعيدة كل البعد عن
دورها السليم وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة والتي يعارضها كل شخص غيور على وطنه سواء كان النظام أو المجتمع. كما أنها النقطة الأبرز في رفع وتيرة العنف في الأحداث الجارية على الساحة العربية والإسلامية سواء.
هل من أحد في مجتمعنا العربي ساهم في تسويق ثقافة ماهية المعارضة السياسية ؟
لماذا هي ناجحة في العالم الغربي وفاشلة في العالم العربي ؟
هل قدمت أي معارضة عربية مشروعها السياسي كما تقدمه المعارضة في بلاد الغرب ؟
كيف لدولٍ تدعمها مادياً ولوجستياً وعسكرياً بالوقت الذي لا تسمح بوجودها على أرضها ؟
لماذا تنطلق من الخارج قبل الداخل ؟
كثيرا ما يتردد في الآونة الأخيرة عبارات في غاية الأهمية على كافة وسائل الإعلام ( المعارضة كذا وكذا) بغض النظر عن هويتها لكن عبارات لم يتعود سماعها الشعب العربي لأسباب تختلف بين دولة وأخرى حول مصطلح المعارضة، إلا أن المتعارف عليه دولياً وقانونياً هي عبارة عن مجموعة أفراد أو جماعة يختلفون مع النظام القائم على أساس ثابت وطويل الأمد عادة والمتعلق بالقضايا في إطار تشريع واحد أو اقتراح سياسة تهدف إلى المصلحة العامة وترغب في إيجاد الحلول لها. لكن معارضة اليوم غير فاعلة لغياب المشروع
السياسي لديها لذلك فهي تعاني من تخبط وعدم رؤية وتغيير في التكتيكات ونجد تارة يصرحون بإسقاط النظام وأخرى يتحالفون مع الغرب لمآرب خارجية وبعيدة عن مصلحة الوطن والشعب بآن واحد.
في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية تمارس المعارضة دورها في إطار شرعي وضمن المؤسسات الثابتة بينما في العالم العربي تساهم تلك الدول في إقامة معارضة مركبة من الخارج وفق مصالحها السياسية كانت أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم الدينية لدرجة التطرف.
بداية سمعنا ما يسمى بالمعارضة السورية ومن ثم المجلس الوطني الحر وآخرها الائتلاف السوري لكلٍ منهما أهدافه الخاص به والعائدة للداعم والممول له خارجياً إلا أنهم يشتركون جميعهم بغياب المشروع السياسي الذي قامت على أساسه ما تسمى المعارضة، ليس هذا فحسب بل أن المعارضة السورية تلطخت يداها بالدم وهذا ما لا يقبله الشعب السوري شاء من شاء وأبى من أبى. لكن إنصافاً لمعارضة الداخل بالرغم من التباين فيما بينها، إلاّ أنها رفضت التدخل الخارجي وهنا نقطة تسجل لها، بينما لا تعرّف معارضة بالعرف القانوني والدولي بغياب المشروع السياسي الخاص بها والذي يتلاقى مع المصلحة العامة.
من المستغرب بأن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تساهم في ولادة معارضة عربية باختلاف كل دولة ومصالحها معها باستثناء المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والبحرين لمساندة مشروعها الصهيو أمريكي كما يجري الآن. لهذه الأسباب ما تسمى المعارضة العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص ثمارها ميتة قبل أن تنضج على أمتداد المجتمع العربي.
لا أحد في سورية يعارض بوجود تباين في الآراء لكن ضمن إطارها الشرعي والقانوني وتحت سقف الوطن حتى وان سميت معارضة لا مشكلة في التسمية في حال كانت أهدافها تصب في خدمة المصلحة العامة أولاً ومصلحة المواطن ثانياً، لكن هل من شخص يتمتع بكامل قواه العقلية داخلياً أو خارجياً يقتنع بما تمارسه المعارضة السورية من ممارسات كالتشجيع على التدخل الخارجي ومساندة الإرهابيين على تحقيق مآربهم حتى لو قتل نصف الشعب السوري ودمر الشجر والحجر وشرد الكثيرين من منازلهم .
هكذا معارضة منبوذة من قبل المجتمع السوري ولا مكان لها في جنباته لأنها لا تحمل همّ المواطن ولا تطلعاته وليس لديها أي برنامج سياسي يمكن أن يحقق بعضاً من أحلامه وتتكئ على الخارج.
أخيراً كلمة الحق تقال سواء حضرت مؤتمر جنيف أم لم تحضر، لا تقدم ولا تؤخر في العملية السلمية وإنما التعويل على الشعب السوري وإتمام المصالحة والمسامحة لبعض المناطق التي عاثت فيها فساداً بعد تطهيرها من الإرهابيين بفضل سواعد الجيش العربي السوري.