.jpg)
قد يسارع بعض المحللين للقول أن الموقف التركي تجاه الأحداث في سوريا بدأ بالتغير ،وأن الحكومة التركية قد أيقنت خطر التنظيمات المسلحة وعلى رأسها داعش فقامت بخطوات عديدة منها على سبيل المثال اغلاق الحدود ووقف الدعم اللوجستي لهذه الجماعة ومن ثم توجيه ضربة ضد رتل عسكري لها قبل يومين تقريبا .
إن المتابع للشأن التركي يعرف أن البرلمان التركي سوف يناقش في الأيام القادمة مشروع قرار تقدّمت به الحكومة يجيز للجيش التركي استخدام القوة خارج الحدود التركية ، وبمعنى آخر داخل الأراضي السورية ، وهناك تبدأ التساؤلات ؟
ماذا إذا وافق البرلمان التركي وأعطى الجيش الضوء الأخضر للدخول بشكل مباشر في الأحداث الجارية في سوريا ؟ هل سيكون هذا القرار مقيِّدا للجيش بضرب مواقع داعش فقط أم لا؟
وهل سيكون لهذا القرار مدة زمنية معيّنة أم سيكون قرارا مفتوحا ً ؟
لفهم هذه التساؤلات علينا الرجوع بالذاكرة قليلاً إلى الوراء وتحديدا إلى شمال العراق ، فقد دأبت القوات التركية مستغلة منطقة الحظر الجوي التي فرضها الغرب عام 1991 على شمال العراق وتحديدا المحافظات الكردية ، دأبت على انتهاك السيادة العراقية برّاً وجواً بحجة ضرب مواقع حزب العمال الكردستاني تحت مسمّى مكافحة الإرهاب، واستمرّ التدخل التركي حتى سقوط بغداد فتحوّلت علاقات تركيا مع أكراد العراق إلى علاقات صداقة قوية ومتينة . وعليه لن تدّخر الحكومة التركية جهدا للتدخل في الشأن السوري مستغلة وجود الجماعات المسلحة على حدودها الجنوبية
بذريعة محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن الداخلي التركي ، هذا ما سيبدو للعيان ولكن الأهداف الحقيقية والمخفية _ إن حدث ذلك التدخل _ أبعد ما تكون عن محاربة الارهاب ذلك أن الحكومة التركية هي التي فتحت حدودها على مصراعيها أمام قطعان هذه الجماعات المسلحة وقدّمت لها كل الدعم العسكري اللازم ، وهي التي ل ا زالت تعلن صباح مساء وتطالب بإسقاط النظام السوري ، ونفسه أردوغان وأزلام حكومته يستغلون قضية اللاجئين السوريين لتحقيق أهدافهم الخبيثة .
إن ما يقلق في هذا الأمر أن يكون هذا التدخل خطوة لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا تكون نواة لانفصال الشمال عن جسد الدولة السورية والخطوة الأولى لتفتيتها على أساس طائفي وقومي ، قد يكون ذلك هو الهدف المخفي وراء ذلك خاصة إذا علمنا أن الأكراد السوريين قد أعجبتهم تجربة أكراد العراق ، ومن طالع الصحف البريطانية هذا اليوم يجد أن بعضها أشار إلى أن فشل مؤتمر جنيف 2 سيقود إلى تفتت الدولة السورية .
وبعد ، كيف ستوا جه الحكومة السورية هذا الخطر في حال حدوثه ؟ هل ستتغاضى عن انتهاك الأراضي والأجواء السورية من قبل قوات معادية ؟