هذي طبولي ادناه:
حين افتش عن خصم
فأنا افتش عن حلٍّ لهزيمتي
حلٍّ: له طعم النفوق ونكهة الفوضى وشموخ الثأر
حلٍّ يلبّسني عباءة البطل الوطني
وكأني أعدت للامة خواصر الوطن المسروقة
اتنصّل من عفونة المجاعة والفساد
والسطو والاستبداد في تخوم البلاد
حلٍّ يمسّد وجه الرغيف الذليل
كي يقوم للرقص في الزقاق الهزيل
مزنّراً شمائل القمح الطويل
حين اسافر نحو الخصم ملتحفاًبندقية
أحصل على براءة ذمة وطنية من جلالة الشعب
أتعمّد معمودية البطل البار
أبهّر ذاكرة الشعب اللجوجة رائحة الانتصار
هكذا قالت الاسطوانة في في الدورة الاخيرة من تراث الامجاد
هكذا اتنتهي الاغنية هكذا تبدأ القصيدة في شموسنا الغاديات
هكذا يبدأ الايقاع عند انقشاع الحضارات
من هذه المفردات جئت انا الكئيب الحزين
انا اللاهج من عبء السلالة
أتلمّس اعضاء الحروف التي توالدت
تراكمت كالجثث الموبوءة في مقاهي المستقبل العربية
سقطت – تبخّرت تعفّنت دون ان تتجرّع كأساً من الحقيقة
في زحمة الشعارات وأضواء الكزادات
جئت اتلمّس هياكل الكلمات اعطيها حرية التمطّي
لكن تخذلني النبرات
ينسلّمن صداها صدىً يقارع في تموّجه
صهيل الصرخة الاولى عند طلوع النداءات وا نجدتاه!
هكذا صدح فينا ادب التاريخ الدفين
وها نحن نطارد الاخرين حيث نراهم:
ذاهبين متسابقين متثائبين متضاجعين
نشدهم من سراويلهم نقعدهم على الحصى
نمد بوزنا في وجههم
يعلو نباحنا في وجههم ابعد من حدود الفتوحات العربية
وفي يدنا خرقة خضراء رمزا لحضارتنا نهزها عند الشتيمة
نربطها عند التحدي
نقول لهم وتحت انيابنا ماضٍ غليظ
تعالوا نفرش الكلام في الهواء
نجادل الامس في الابعد
وفي المنعرجات التي سارت على اكتافها
امم من اول الشمس حتى اخر النفق
ومن كان المارد الاوحد؟:
نحن جئنا مع الماء الممزوج بالولادات
بيننا وبين الشمس فرسخ من زمن
وحين صحونا من سكرة الولادات
تنبّأنا حتى تألّهناثم وضعنا في يدينا غربال احياة
حين تثاءبنا: جبلنا من الغبار وحلا للالهة يقصف الريح
حين سئمنا: صنعنا للصوت مفاتيح واقفالا
نسجنا له مقامات للبكاء والغناء
تدور -ترقص في عرسه النجوم بانتظام
حين غفونا لننام : حلمنا بالارقام والالوان
وزهور الارجوان في تاكيمياء والفيزياء
وديمومة المومياء وثأر الدماء
واعمدة السماء وانبعاث الانبياء
جعلنا الطريق تذهب في كل الجهات
وانت انت متى جئت ايها الافطس؟
انا جئت مع اول ظلمة حلّت في سمائكم
واول نزوح للشمس عن سيوفكم
واول غبار تدفّق فوق حروفكم
واول اغنية ناحت ترثي احلامكم
والجلالات في دياركم أضحوا آلهة في خصرهم خنجر
فرّخوا في الساحات والازقة تماثيل في جوفهم معبد
والايام في دورتها باتت كرنفالا واعيادا للملوك تعبد
وصهيل السيوف الذي عرفتموه يوما
راح يحوم حول ارداف النساء مزهواً للكرامة يثأر
والاقمار لا تطل عليكم الا من نوافذ الامراء
والصدق لديكم بات معجزة والمال لديكم بات ديانة
والرغيف لديكم بات وليمة والقوم قبيلة من التعساء
يا ايها النائمون على صولجان الفتوحات وزوبعة الرايات
ألم تستفيقوا على الطبول الهادرة – الزاحفة من سفوح الجليد ؟
جئت اليكم بعدما خرّت شمسكم خلف المحيط
وفي جوفها احلامكم الحمراء
مذاك قدحت شمسي من عويل فجركم المشنوق
سرقتُ كل حروفكم المراهقة من مخادعها
اعلنت ذكورتها بلا ختان
ثم فرشت لها هودجا بين النساء
تمطّت … تمطّت حتى شلحت جلدها العربي
سرقتُ انبياءكم بلا اسمائها بلا نبيذها بلا ثمرها
بلا جلبابها او رملها زرعت في حلقها حلقي
وقلن للتاريخ اشهد فأ،ا فعلت
ثم ردد كلمات كالمجنون المجنون
انزلق في جناحين فضيين
ثم طار في موكب ذري فوق الشمس
وانا يا بلادي مشيت في التيه – تدحرجت فوق حماري في لظى الغبراء
عبّأـُ لساني في حلقي استغيث بالماء
وارنو الى السماء دعاء … دعاء.. دعاء
استحضر تجهّم العرّافات وقولهن:
سر كما سار الاقدمون في الصحراء
قد تعثر في غيبوبة ما على النبوءات
بلادي :
السفر نحو التاريخ اتجاه عقيم وإعدام للغد
عقيم كصرخة ياء النداء بالجيوش المحنطة حين يبدأ الجد
عقيم : كالسفر فوق امرأة عاقرٍ باتجاه السلالة
ومقامرة حضارية وتحطيم لبريق العين وانكسار في منارات الفكر
الرحلة في الزحام الى قصور الاجداد
هزيمة نكراء من سؤال الاحفاد
عن غفوة عرجاء غفوناها في ضجيج السماوات
ونحن نغني في احلامنا : آ÷أـ الفتوحات
سعد وعمرو وخالد الفتوحات
ها قد ارتدت سيوفنا من حطين واليرموك والاندلس تقتلنا من نوافذ الغناء
ها خطابات البلاغة : تموء – تنكسر حروفها جائعة فوق وجه الرصيف
والشعراء: اشاحوا وجوههم عن القراء لانهم كذبوا على السلطان قبل الامتحان
ها قطارات الثرثرة تموت في الزوايا قهراً
لان الرواة راحوا ولم يرجعوا
وما زال ابو زيد الهلالي في الزنزانة يشحذ سيفه منذ مئات السنين
والشموس العجفاء ضللت الثوار سرقت من عيونهم
حرارة الاتجاهات وما زالوا في حضرة القرفصاء
ينتظرون ناقة او جملا يجرهم الى حيث هناك او هناك
اما السيوف الدمشقية حكّت نفسها على الجدران محت نقوشها
تنصّلت من تاريخها تمددت على السجاد والرخام تنظر رثاء
حتى من صعاليك الشعراء
بلادي: الغناء في التاريخ منثورا وموزوناً مزّق الجغرافيا
كجسد امرأة عارية تشهّت نشوة ما في حضرة الشمس
حتى استباحت صهيل الجسد
الغناء في التاريخ : نعوش مطرزة نهديها للخلفاء
قبور عميقة نحفرها برفوش غنائنا
مجاعة نصونها لغدنا كروم نزرعها لغزاتنا
سيوف نسنها نقدمها للاستيلاء
الغناء في التاريخ:
أيبس عروق الحنطة في خقول العشاق المراهقين
عفّن طعم الرغيف في حلوق المتعبين
كدّس الطوابير اشكالا واسماء حضارية امام سفارات الجلادين
مهاجرين لاجئين مدعوين وقسما وقسما انهم عائدون لكنهم كاذبون
يا احفاد السيف الذي انكسر
احنوا هاماتكم احنوا رؤوسكم كيلا تنطحوا القمر
كفى تبخترا واختيالا
خبا بريق السيف الذي كان
وكان في الاعراب امس والامس في التصريف موت
ونحن احياء في الآ، طرشان
تيقظي يا مزامير الضاد لايقاعك العذري
شدي اوتار النشيد للامام واثقبي الطبل العتيق كي ينام اهجري زمان السيف والحيف
امزجي رمل القبلة والشرق في معبد خرافي يفوح منه عبق الاسماء تكون افخاذ النساء قربانا له يدخل الرجال مدن النساء دون ان يمروا في معبد التوبة
تخرج النساء من عواصم الرجال دون ان تقرع خافهم طبول الخطيئة واحجار ومزامير جاهلية
يدخلون يخرجون في كرنفال بلا اسماء
سلاما لك يا رمال بلادي سلاما لك يا حروف بلادي
سلاما لك يا نساء بلادي سلاما لكم يا انبياء بلادي
اذا جعلتم من لسان قومي نشيدا مستقيما يشق عتمة الليل البعيدة
يرفرففي سماء شرقي حماما إلهيا
يكسّر سواحل اسمائنا الحجرية يعطس في وجه الغزاة انذارا جهنميا
بقلم الشاعر : انطون دوشي/