بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية
صديقي كبريئيل كبرو… كانت مشكلتك التي نقلتها لي تتعلق بطلبك باسم الكثير من طلاب البتروكيميا بحمص ان ينتقلوا الى الحرم الجامعي نتيجة تخوفهم من الطريق الى الكلية لوجوده في مناطق ساخنة. وقد كتبتَ لي حينها :" بصراحة كل الطلاب روحن وحياتن غالية كتير وما فينا نستهين بالوضع او نروح ونغامر (ع قولة البعض لازم نداوم جكارة بجماعة الثورة لان هنن بدن يوقفو التعليم) بس كمان الحياة غالية كتير.." وتابعت توضح المشكلة ثم في ختامها :" اسف للاطالة بس هاد نداء اخ وابن لألك ياريت بمعرفتك توصل ندائنا لحدا واسف لاني بعتلك وانت مانك بسلك الوزارة ..بس انت الاب الروحي والمفتي لكلنا …تقبل فائق احترامي وشكراا كتير لتفهمك" هذا ما كتبتهُ أنت بالحرف….ولكننك لم تتوقع أن تذهب بعد أكثر من ثلاثة سنوات نتيجة الإرهاب، ولم أستخدم كلمة استشهاد ولا موت ولا غيرها من الكلمات الكبيرة، فقط استخدمت كلمة "ذهاب".
من سيترك لي كلمات المعايدة في كل الأعياد؟. من سيتمنى لي البقاء "1000 عام"؟.
ومن سيتمنى لي أن يحميني الله؟. ومن سيعايدني بالاعياد الدينية كلها؟. مع أني لم التق بك، إلا أن ثقتك بي وعرضك علي لمشكلة عامة أنقلها الى مفتي الجمهورية، كما أن اهتمامك بالشأن العام وايمانك القوي جعلني كل ذلك أحبك. وكما كتبتُ لك أنني لمحت فيك الشاب المندفع المخلص المؤمن المحب للناس، كل ذلك جعلني أتصورك مسؤولاً أو وزيرأ، لكنك سبقت أحلامي وأصبحت أميراً من أمراء الشهادة في تفجيرٍ بحمص وذهب ضحيته أنت وآخرين.
سأفتقد لِمن يقول لي كل فترة وأخرى "صباح الخير" أو "كل عام وانت بخير". لقد وعدتك يا صديقي الشاب، أن أضع مقالاتي على صفحتك، ولكن ذلك سيُحزن أهلك، لذلك سأترك صفحتك وسأغادرها.
سأكتب مقالاتي وأوزعها على الناس وأنا عارف أنك بطريقة ما ستقرؤها.
أعرف أنك تشرح الآن "للذين في السماء" ماذا يحدث من قتلٍ وتدميرٍ عبثي، وأعرف أنك تخدم كشماسٍ في السماء على هياكل متعددة. لن أترك رسالتي هذه على صفحتك، فقد طلب أهلك أن لا يكتب أحد عليها، وهم حزانى عليك، هم لا يعرفون مدى سعادتك بمهنتك الجديدة في السماء.
هم لا يعرفون أنك سفيرٌ لبلدك وكنيستك وشعبكَ، أنت ومجموعة السفراء الذين رحلوا معك. سأفتقدك قليلاً لأني أعرف أنك ستطل على جميع أحبائك، وستكون قريباً منهم. وفي الختام…… أودعك يا كبريئيل، يا صديقي في السماء. اللهم اشهد أني بلغت.