|
|
"يلي بيترك دارو بيقل مقدارو" .. "زيوان بلادي ولا قمح الغربة" .. بهذه الأمثال الشعبية المتداولة على ألسنة العامة وبصوت مرتفع بعد تنفس الصعداء تحدث باسل الذي عاد للتو مع عدد من أصدقائه من رحلة لجوء شاقة .. باسل العائد من ألمانيا .. عاد بأحلامه المستقبلية التي طالما بقي فترة وهو يخطط لها قبل أن يغادر سورية واصفاً إقامته فيها لمدة 15 يوماً بانها كانت عكس توقعاته وما يتداول على مواقع التواصل وأحاديث العامة .. الشاب العائد, الذي لم يخفِ سعادته برجوعه إلى أرض الوطن, اتّهم أصدقاء له بانهم خدعوه بأحاديثهم عندما صوروا أوروبا بأنها جنة الله على الأرض "فيها مالا عين رأت ومالا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" .. وعندما وصل إليها رآها جحيما أشعلت في قلبه ناراً لم تطفئها إلا قبلة من تراب سورية عند وصوله إلى مطار دمشق .. الأمان والسلام ورفاهية العيش والحرية.. شعارات تغنى الفيسبوكيون بوجودها في قلب القارة العجوز وفي الواقع لم نرَ لها وجودا إلا في مواقع التواصل الاجتماعي .. والذي حصل أننا, رغم الظروف السيئة التي تجتاح بلدنا منذ خمس سنوات, لم نشعر بالإهانة والذل كالتي أحسسناها خلال أيام في بلاد العجائب وحماة الإنسانية .. وعن رحلته الشاقة والمليئة بالمخاطر .. قال باسل : "لم يكن من السهل أن نقرر العودة إلى حضن سورية .. فدربنا كانت مليئة بالأشواك وأي أشواك؟ إنها من النوع المميت".. الابتزاز والاستغلال سمة تميز كل من أرادوا إيصالنا إلى نعيم القارة العجوز.. الشعارات الإنسانية التي نادت بها تلك الصفحات لحظة وصولك إلى الشواطئ التركية تنقلب إلى العبودية ويصبح عليك أن تطيع الأوامر من قاعدة "نفذ وعندما تصبح طعاماً لأسماك القرش يحق لك أن تعترض".. " ما أثار دهشتنا في أيام لن تمحيها سنوات باقيات من العمر بحلوها ومرها .. أن كل من رأيناه وتعاملنا معه في رحلتنا يحمل الجنسية السورية، بعض من شاركنا ركوب البحر اعترف بتزوير أوراقه ليصبح من حاملي الهوية السورية، فاللغة واللون والثقافة والشكل أمور ثانوية أمام حفنة من الدولارات يعود ريعها لمصارف يمتلكها رجالات السلطة في أنقرة ".. سنوات ونحن نحاول العودة إلى بلادنا لأننا مخدوعون واستطعنا الوصول إلى أحد المزورين على الحدود السورية التركية وأدهشناه بالمبالغ التي عرضناها عليه ليزور لنا جواز سفر وهوية سورية نستطيع من خلالهما السفر إلى أوروبا.. وها نحن الآن في عرض البحر في طريقنا إلى أوروبا".. " باسل لم يكن الوحيد العائد بعد أن رأى بأمّ عينه حال سوريين وقعوا فريسة احتيال مافيات وحكومات، صوروا لهم أن الأمان الذي يبحثون يكمن في القارة العجوز، إلا أن التجربة خير دليل ليعرفوا أن المال الذي يسعى إليه تجار المافيات والابتزاز السياسي الذي تريده حكومات التآمر على سورية هما العنوانان الأبرز في إغراء السوريين .. العديد من التقارير الإعلامية قالت إن ما يقارب المليون لاجئ عادوا إلى بلادهم، فهل سنشهد ارتفاعاً ملحوظاً في عدد العائدين من "جنة أوروبا" إلى "جحيم سورية" ؟.. فرح مخيبر_الاعلام تايم |