الشاعر شفيق الموعي
جار الشهيد
جارُك البدرُ والضّياءُ سريرُ
والنسيمُ الرَّخيُّ منكَ الزفيرُ
كلّما غاضَ في التراب شهيدٌ
خشعتْ تدلقُ العطورَ الزهورُ
واستعدّتْ إلى العناقِ سماءٌ
وأُعدَّتْ إلى الجوارِ البدورُ
والمسيراتُ في الشوارعِ تشدو
زانها زيتونٌ وتينٌ وحَوْرُ
سُلسلَ المجدُ للشهيدِ وحيداً
وادِّعاءٌ مَنْ يدّعي وفجورُ
أيُّ سرٍّ والمكرماتُ ظلالٌ
أينما سارَ في الزمانِ تسيرُ
أرأيتَ الجلالَ يمشي مُهاباً
وعلى الجانبين نارٌ ونورُ
رفرفَ النصرُ في الجناحين غارٌ
ضفرَ الغارَ باليدين الجسورُ
زحفَ الغارُ نحو نعلِك لثماً
وحبا الــــسنديانُ والـــبــخـــورُ
كلُّ نصرٍ موقـَّعٍ منك نصرٌ
ما تبقى مَيْنٌ وحيفٌ وزورُ
ما لها ظلمةُ الليالي ُأهينتْ
يتوالى صغيرُها المسعورُ
ففلولُ الغزاةِ في البيد ولـَّـت
يتقـفـَّاها صوتُها المذعورُ
صرخةُ العارِ في العراءِ استغاثت
طأطأَ الرأسَ في الوغى الديجورُ
وربيعُ اللصوصِ صارَ جحيماً
وربيعُ الجنودِ زاهٍ زَهورُ
سطـَّـر النصرَ بالدماءِ شهيدٌ
عزمُهُ للبلادِ حصنٌ وسورُ
بعثَ الدفْءَ في الحياةِ أميرٌ
بعثَ الدفءَ في السماءِ الأميرُ
أنتَ للمجدِ في الزمانِ سفيرٌ
أنت للهِ في النفوسِ السفيرُ
كلَّما استيقظ الصباحُ وجدنا
باقةَ النورِ في اللحافِ تزورُ
وعــطــوراً من الفداءِ تروَّتْ
كيفما حُرِّكَ اللحافُ تــفــورُ
وملاكاً يهدهدُ النورَ فينا
بأنـــــاةٍ وهـــــــــدأةٍ يـــــستديرُ
وخيالاً على الجفونِ خفيراً
عنـــــدما نفتحُ الجفونَ يطيرُ
نمْ بعيني يلفـُّك الجفنُ فيها
يتهادى الهُدى وتصفو الخمورُ
وسأبقيها لا ترفُّ وليستْ
تشتكي أو تنام أو تستنيرُ
وَسَتُمْحى منّي تجاعيدُ روحي
ويعودُ الشهيقُ لي والزفيرُ
فسريرٌ لك العيونُ ونفسي
ودمائي ونبضُ قلبي السريرُ