بقلم الاستاذ محمد محسن
…..وقف الأعمال القتالية ……………………………
………………………..تخفيف التوتر ………………………………..
……………………أبعاد الحـل السياسي ……………………………..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعونا نتعود على تقبل الرأي والرأي الآخر ، وأن لا نسفه اي رأي لا يتطابق مع رأينا ، وأن نعطي لكل سوري وغير سوري الحق بإبداء رأيه في اية قضية تتعلق بالسيادة السورية ، فالكل مهتم بكل تفصيل من التفاصيل ، وبكل موقف عسكري كان أو سياسي ، هذا الطريق يشكل ألف باء الديموقراطية ، ولكن علينا أن نضع في الحسبان أيضاً أن الكثيرين من الوطنيين الغيورين ، لا يملكون القدرة على قراءة الواقع بدقة ، فينطلقون ومن موقع عاطفي بالتشكيك بخطوة ما من الخطوات ، هنا علينا أن لا نسفه رأيهم بل أن نأخذ بأيديهم من خلال الكلمة المسؤولة ، إلى حيث الرأي الوطني الصائب ، ولكن ومن نفس موقع الحرص أيضاً ، علينا أن لا نلوم اي مواطن غاضب من رأي أو تحليل يمس الوحدة الوطنية ، من المعارضين الذين باتوا " عملاء " لأن المرحلة السوداء التي نمر بها ، جعلت بعضاً من هؤلاء العملاء ، ينطلقون من مواقع حقدهم للجهر بمعادات الوطن ، بدون اي نقطة حياء ، أو وجل ، بل بكل سوداوية وتشف ، فيتسللون إلى الوعي الجمعي الوطني ، فيجاهرون بآرائهم التي تتناقض مع الف باء الانتماء الوطني ، من هنا ظهرت أشكال كثيرة من حالات غضب وامتعاض وكثير من الارباك ، من تلك الآراء غير المنطقية وغير الموضوعية ، وذلك على أهم قضية مطروحة الآن ألا وهي قضية " وقف الأعمال القتالية " .
.
يعلم الجميع من الوطنيين الغيورين أن جيشنا البطل وحلفاءه كانوا يقاتلون على أكثر من ألف جبهة وجبهة ــ ليس في هذا مبالغة ــ لذلك كان مضطراً لتوزيع كوادره المقاتلة وطاقاته على كل تلك الجبهات ، لذلك وبحساب بسيط كلما أغلقت جبهة أو عدة جبهات ، يتيح لجيشنا اعادة توزيع وتموضع قواته تلك على الجبهات المفتوحة ، هذه واحدة .
قرار " وقف الأعمال القتالية " ، تضمن حصر القتال ضد "داعش ، والنصرة ، وما يتفرع عنهما " هذا من جهة يوفر للجيش العربي السوري حشد كل طاقاته ضد هذين العدوين ، وهذا يعني ايضاً وبالمفهوم المقابل ، أن على الحركات المتواجدة في مناطق " وقف الأعمال القتالية " الالتزام بقتال هذين الفصيلين وتفرعاتهما ، وهنا يحدد العدو للجهتين ، كما يسرع ويسهل الانتصار ، وهذه ثانية .
لنفرض أن منطقة من المناطق الأربعة لم تلتزم بوقف القتال ، عندها يحق للجيش ولحلفائه ضربها بكل الوسائل المتاحة ، بما فيها الطيران ، لأنها تعتبر حركة متمردة ، وهذه ثالثة .
لنفرض وهذا الفرض سيكون حقيقة وبعد سحق تنظيمي " داعش ، والنصرة " فنحن أمام حلين لا ثالث لهما :
.
…….. اما أن تلقي تلك القوى المسلحة أسلحتها ، وتدخل ضمن العملية السياسية ، وفق برنامج وطني محدد .
……. أو أن ترفض كلها أو بعضها الانضواء ضمن عملية الحل السياسي عندها يصبح قتالها أسهل ، والنصر عليها أقرب من حبل الوريد ، لأن المناطق المتمردة باتت محصورة بحيز محدد ، ومن حرر تلك المناطق الواسعة لقادر على تحقيق النصر على الباقي ، قد يقول قائل :
أين دول العدوان من ذلك ، وهل ستقف مكتوفة الأيدي ، لا لن تقف مكتوفة الأيدي ، ولكن ذات الدول المعادية وبكل طاقاتها عبر سبع سنوات لم تستطع تركيع سورية ، فهل ستستطيع بعد أن تكون مساحة الأرض المحررة قد باتت أضعافاً ؟، وبعد أن يرفد الجيش بعشرات الآلاف من المقاتلين من الأراضي المحررة ، وبعد أن اكتسب الجيش العربي السوري وحلفاءه الخبرة في قتال الارهاب ، بشتى صنوفه وأسمائه ، كما أن الثقة الوطنية بالنصر ستزداد رسوخاً وثباتاً عند جميع المواطنين .
.
يزداد التكهن حد الخوف من قبل الكثيرين من الوطنيين ، أن قرار وقف الأعمال القتالية " في أربع مناطق يؤكد الزعم أن هناك مخطط لتفتيت سورية إلى كانتونات ، هذا الخوف ، وذاك التكهن ، ليس له اي مرتسم واقعي على الأرض ، ولا يسعفه أي منطق ، أولاً " منطقة شمال حمص " هي عبارة عن مجموعة بلدات لا تملك أي شرط من شروط الكانتون ، فهي ضيقة المساحة ومغلقة ، ومحاطة بمناطق محررة ، وكذلك في الغوطة الشرقية ،" المنطقة الثانية " هل يمكن أن يكون للغوطة الشرقية كياناً مستقلاً ؟ ليس هذا ممكناً لا من حيث المكان ولا من حيث عدد السكان ، أما الثالثة " درعا والقنيطرة "، هنا تزداد الأقاويل والشروح على أن اسرائيل ستحاول الاحتفاظ بهذه المناطق كشريط حدودي فاصل ، الرد على هذا الوهم ، العبرة التي أخذتها إسرائيل من " شريط لحد " في جنوب لبنان ، فضلاً عن أن أهلنا هناك ــ الواقعون تحت الحصار ـــ لن يقبلوا بأي قطيعة مع الوطن فهذا من المحال .
تبقى الرابعة " ادلب وبعض المناطق المحيطة بها "، هنا تزداد الاحتمالات والأقاويل والتكهنات ، لأن المنطقة محاذية لتركيا ، ولأن أعداداً كبيرة من الإرهابيين ترحلوا إليها من مناطق المصالحات ، وهذه المنطقة تملك الاحتمالين معاً ، احتمال تشكيل " كانتون " ، والثاني قدرتها على المواجهة ، وهذين الاحتمالين رغم ورودهما في اذهان البعض ، ولكن من المستحيل تحقيق أي منهما ، لأسباب كثيرة منها :
.
أنا أراهن دائماً على الموقف الوطني لأهلنا هناك المختطفين من قلة من الزعران والمتوحشين ، فهم على أحر من الجمر للخلاص من ربقة هؤلاء المرتزقة القادمين من كل اصقاع الأرض ، شأنهم شان أهلنا في الرقة ودير الزور ، فلا يجوز أن نشكك ولو بكلمة بوطنية هؤلاء المواطنين المحكومون بظروف قاسية ، وكلنا نعرف الكثيرين منهم من الغيورين والحريصين على وحدة الأراضي السورية ، لكن وحوش الارهاب يحول بينهم وبين أي قول أو فعل ينم عن موقف مساند للدولة السورية ، وعلينا أن ندرك أن محافظة ادلب وحلب أكثر مدينتين عانتا من العثمانيين ولا زالوا من الأتراك ، وذلك منذ ان اغتصبوا لواء الاسكندرون ، الذي كان المرفأ التجاري والحضاري والمتنفس الوحيد لهما .
.
أما الأكراد ومنذ سنتين قلنا في مقالات سابقة أن لا حظوظ لهم بالمطلق في تحقيق حلمهم الانفصالي ، لأن الواقع الديموغرافي يؤكد أن ثلاثة ارباع سكان المناطق الحدودية من العرب ، فضلاً عن الامتداد الجغرافي الطويل الذي يربط المناطق التي يتواجد فيها أكثرية كردية ، كما أن تركيا ليس لها مصلحة بذلك ولن تسمح بذلك ، لأن ذلك يؤثر على وحدتها الوطنية بالذات ، أما أمريكا فهي استخدمتهم ولا تزال كسلاح احتياطي ، لتتاجر بهم أو تقايض عليهم ، لما خرجت من أيديها غالبية أسلحتها ، وهي ستتخلى عنهم في أول الدرب وعند أول مفترق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا لا أعاتب المواطن القلق على وطنه وشعبه ، ولكن على المواطن الغيور أن لا تهتز ثقته عند كل قرار أو موقف ، بل عليه أن يمنح ثقته للقيادات الحكيمة المعنية بحماية ارضنا الوطنية ، والتي صمدت سنيناً سبعة تحت كل أشكال الضغط والتخويف والتجويع ، والقيادة التي تمكنت من تجاوز كل مرارات تلك السنوات ، لابد قادرة على حل ما تبقى من مصاعب وهي الأقل ، وهذا يشمل عدم جواز التشكيك بالأصدقاء والحلفاء ايضاً ، الذين وقفوا معنا وسالت دماء أبنائهم إلى جانب دماء ابنائنا ، والذين وكما قلنا مراراً هم يدافعون عن أرضهم على أرضنا ، فالمصلحة واحدة ، والعدو واحد ، ويجب أن نثق أن هذه الدماء الزكية المشتركة التي ضمها ترابنا ، ستعمد علاقة استراتيجية ، بيننا وبين الأصدقاء الأوفياء ، الذين لا يجوز أن نقيس مصالحهم ومواقفهم معنا ، على ضوء ما عهدناه من مصالح وعلاقات وغايات الدول الاستعمارية الغربية ، فروسيا لم تستعمر أرضنا عبر تاريخها ، بل كانت وعبر التاريخ إلى جانب قضايانا بشكل عام ، وما ينطبق على روسيا ينطبق على ايران .
.
وأخيراً نجمل ونقول التوقيع على قرار " وقف الأعمال القتالية " و " تخفيف التوتر " و المناطق الأربعة الخالية من الاشتباكات " هو قرار استراتيجي يؤشر إلى قرب الحل النهائي ، وان تركيا أدركت بأنها الخاسرة من استمرار الحرب على سورية ، لسببين : تمدد الارهاب ، وانتقاله إلى أراضيها ، والكيان الكردي المهدد ، أما السعودية وقطر ، فكما يشار لهما بالإصبع ، سيوافقون فلا حق لهم حتى بمناقشة اي قرار ……لاكانتونات ولا جذر منفصلة وهي بداية النهاية ، وهذا لا يعني أننا في غد سنحقق الانتصار ولكن ما تم هو خطوة كبيرة ومهمة في طريق الخلاص
…………رغم كل الهنات التي تعشش في أجهزتنا الادارية ، لآبد وأن نعزز ثقتنا بجيشنا ، وبأصدقائنا ، وأن نثق أن ما تم هو خطوة جبارة نحو الأمام ، وليس هناك دولة في الدنيا قادرة على تمزيق سورية ، وعلى تفتيت وحدتها الوطنية ، ويجب أن تثقوا أن سرعة اعادة البناء المادي والبشري سيكون اسرع مما نتوقعه ، بعد النصر القادم .