وجدت المعاهدة على رقيم في مملكة ايبلا في موقع تل مرديخ قرب مدينة سراقب وهي من أبرز وثائق الأرشيف الملكي الذي تم اكتشافه في عام 1975 خلال عمليات التنقيب في القصر الملكي، وهذا الرقيم مربع الشكل تقريباً تهشم جزء بسيط من إحدى زواياه وهو سميك ومحدب في الوسط، كتبت المعاهدة على وجهي الرقيم حيث تضمنت ثلاثة عشر سطراً بالوجه الأمامي وأربعة عشر سطراً على الوجه الخلفي، كذلك عليه كتابة في جوانبه الثلاثة، طول الرقيم 24 سم وعرضه 22 سم وسماكته 5سم، ويعود تاريخ هذه المعاهدة إلى عام 2350 ق.م. وهي فترة القوة والازدهار بالنسبة لإيبلا، وقد تم حفظ هذا الرقيم في أحد خزائن جناح إيبلا في المتحف الوطني في إدلب، وقد كتبت باللغة الايبلاوية و الكثير من المفردات السومرية !!
تتحدث المعاهدة عن اتفاق بين دولتين مستقلتين هما دولة (أبرسال) التي لم يحدد مكانها حتى الآن (المرجح أن مدينة أبرسال كانت تقع على نهر الفرات أو في وادي بَليخ، شرق الفرات )ودولة (إيبلا)، حيث تحدثت عن أصول التعامل السياسي والاقتصادي بين الدولتين من حيث تبادل السفراء واستخدام ميناء مسكنة (إيمار) على نهر الفرات والذي كان ميناء إيبلاوياً.
حيث ان هناك أحكام يلتزم بها الفريقان منها:
عدم محاولة احتلال المناطق المجاورة بينهما أي احترام سيادة كل دولة للأخرى، وعدم التشهير واللعن، والمحافظة على سرية الحركة التجارية بينهما، وعدم السماح للأفراد بالسفر إلى الدولة الثانية دون الحصول على موافقة حاكمها، وحماية التجار وتسهيل عودتهم إلى بلادهم، وعدم ارتكاب فعل القتل خلال المبارزات التي تتم ضمن إطار الشعائر الدينية.
وهناك أحكام مفروضة على أبرسال وحدها منها :
لا يسمح لحكام أبرسال بالسفر إلى إيبلا دون الحصول على موافقة حاكم إيبلا، ويعاقب حاكم أبرسال إذا غدر أحد مواطنيه بحاكم تابع لإيبلا، وإعلام إيبلا بالأخبار المتعلقة بأعمال عدوانية موجهة ضدها، وامتناع أبرسال عن ممارسة التجارة ببضائع صادرة من إيبلا مع مدن معينة أو أشخاص محددين، تحرص أبرسال على عدم إرسال زيت أو مشروب رديء إلى إيبلا، وتنشر أبرسال قوات في الضواحي إذا ما أمر حاكم إيبلا بذلك، ويلتزم سكان أبرسال بواجب استضافة الزوار الايبلويين وحماية أغراضهم والتعويض عنها في حال سرقتها.
وهناك أحكام تلتزم بها إيبلا منها:
استضافة الوفود الرسمية القادمة من أبرسال لمدة عشرين يوماً، يحق لإيبلا وحدها إعلان موعد بدءالأعمال التجارية بين الدولتين، لا تتحمل إيبلا المسؤولية عن أعمال قتل داخلية في أبرسال ولو عمد القاتل إلى إخفاء جريمته في مناطق إيبلا الحدودية، والعقوبات المحددة بهذه المعاهدة جاءت على ثلاث أنواع: عقوبة غير محددة ترك تقديرها لحين حصول المخالفة وعبر عنها بجملة (لن ينجو من العقاب)، وعقوبة الموت، وعقوبة دفع الدية هي المواشي او ما يوازيها و ان تعذر فبالحَمام…
تنتهي الاتفاقية باللعن على من يخرق الاتفاق فتقول :
كل أولئك الذين يتصرفون بسوء نية، إله الشمس، الإله (أدد) والإله (كَكّب) عندما يراهم سيقتلهم. ولن يحصلوا على ماء الشرب لقوافلهم ولن يتم إيواءهم. أما بالنسبة لك، فإذا كنت ستبدأ حملة شريرة، ستكون خائناً للمعاهدة.