…عـداؤنا تاريخي مع الغـرب الاستعماري، لأنه المسؤول عن كل مآسيـنا………….
…وتحالفنا مع الشرق استراتيجي، لا انفـصام عنه، ولا يخــضع للمسـاومة………….
المحامي محمد محسن
كل من يعتقد أن الحرب بكل صنوفها بدأت ضدنا في عام / 2011 / هو واهم، أو متوهم، الحرب الامبريالية الغربية بدأت منذ أن فكر الغرب بأن يخلق الوحش الصهيوني في منطقتنا، ومن خلق الوحش الصهيوني في خاصرتنا هو العدو الأزلي، وثأرنا معه سيكون تاريخياً ـــ حتى اقتلاع هذا الوحش المفترس من أرضنا، والغريب أن أول من قرر خلق هذا السرطان الخبيث هو الامبراطور الفرنسي نابليون ـــ فلم يكن هذا القرار عبثاً بل كان ضمن خطة استراتيجية محكمة، أهم غاياتها ـــ الحيلولة دون تطور المنطقة العربية إلى الأبد ـــ .
.
وذلك من خلال التأسيس لحاجز صد بين مصر وسورية ـــ بلاد الشام ـــ التي قال عنهما نابليون ذاته : ( انهما أهم بلدين في العالم )، ثم تتالت بعد زرع ذلك الكيان المعادي، كل المتممات والمهمات، من تفتيت للدول العربية وبخاصة سورية، واستنزاف لطاقات المنطقة البشرية، والمادية، من خلال الحروب، وهذا لا يعيق تقدمنا الاجتماعي، والعلمي، بل يحرمنا نعمة الاستقرار للتفكير في المستقبل، ليس هذا فحسب بل الأصعب، والأمر، والذي ينجز من خلاله كل أسباب التمزق، والاقتتال، والتخلف، هو : رعاية، وعناية، وتشجيع، وحماية، الحركات الاسلامية السلفية، بالرغم من أنهم كانوا يدركون، أن لهذا الطاعون انعكاسات سلبية على الدول الغربية ذاتها في المستقبل، ولكنهم آثروا اعتماده لأنهم كانوا يثقون أن المذهبية هي السلاح الأمضا لتفتيت المنطقة .
.
ثم تتالت الويلات، لم يتركوا لمجتمعاتنا ساعة استقرار تفكر بمستقبلها، ـــ وهنا أختلف جذرياً مع كل من يحمل شعوبنا أسباب تخلفها ـــ فيكفي أن نجيب على هذا الاتهام الباطل ـــ أن أجدادنا أول من بنوا اللبنة الحضارية الأولى في التاريخ، ـــ ويمكن أن نَعُدَّ ألف أسلوب وأسلوب اتبع لتمزيق تاريخنا، وتشويه ماضينا، وارباك حاضرنا، وحربهم هذه على حاضرنا ومستقبلنا في آن هي ليست إلا الحصاد ـــ الذي نأمله أن يكون الأخير ـــ لما زرعوه عبر قرون من شرور، وعلى العقلاء من شعوبنا مهمة جعلها الحرب الأخيرة .
.
وحتى لا ننسى الومضات المضيأة في نضالات شعوبنا، لابد ان نذكر : مرحلة آخر الخمسينات ـــ تجربة الوحدة ـــ التي تقاطرت وتعاونت كل شرور العالم لفصم عراها، وبخاصة ممالك العمالة والغباء في الخليج النفطي، وفي الستينات كانت ـــ تجربة البعث ـــ التي تم اغتيالها أو يكاد، مع اغتيال حركة التحرر العربية في حرب / 1967 / التي شارك بها أيضاً بكل فعالية، كل من [ أمريكا، وأوروبا، واسرائيل، وممالك الرجعيات العربية، والحركات الاسلامية بكل صنوفها، ] مع عدم نسيان السلبيات التي اعتورت مسيرة التجربتين .
.
السؤال الذي يجب أن يسأل : لماذا كل هذا العداء التاريخي الأوروبي للعرب ؟؟، الذين ذهبوا بعيداً في تشويه تاريخنا، وتدمير حاضرنا، وهم ساعون لتدمير مستقبلنا، فهل ستكون هذه الحرب بكل استطالاتها وأشكالها، نهاية لطغيانهم، وبداية لمستقبلنا، هنا جوهر المحك والحسم.
لقد بدأ الغرب بتشويه تاريخنا، منذ أن أرسلوا مستشرقيهم، وبحاثتهم، واختصاصييهم، وكلفوهم بدراسة تاريخ المنطقة من خلال الألواح والمخطوطات التي وجدت في مدننا الآثارية، ومن ثم فكفكتها، واعتبار كل حضارة من تلك الحضارات التي تعاقبت مستقلة عن الأخرى، ومنبتة عنها، بل ومنفصلة عنها، ومن ثم تشويهها، لم يكتفوا بذلك بل سرقوا كل منجزاتنا الفكرية والفلسفية التي أنجزها أجدادنا، ونسبوها إلى فلاسفة الإغريق الغربيين، وغالبية تلك البعثات كان لها أبعاد تجسسية، تهدف دراسة مجتمعات المنطقة لمعرفة نقاط الضعف فيها، فكانت المذهبية الجائزة الكبرى، والأداة الأمثل لتفتيت شعوب المنطقة ومن ثم السيطرة عليها .
.
هذا ما فعلوه في تاريخنا، أما عِداءهم لحاضرنا فسنذكر بعض أسبابه، ونترك الباقي لفطنة السائل، في باطن أراضي ” الهلال الاسلامي ” من إيران، مروراً بالعراق، والخليج العربي، وبلاد الشام وصولاً إلى مصر، وحتى الجزائر، أكبر احتياطي غازي ونفطي في العالم، وهاتان المادتان أس التقدم الصناعي في العالم، ناهيك عن الموقع الاستراتيجي الجغرافي الذي يشكل زاوية قائمة تتحكم بالبحر الأبيض المتوسط شرقاً وجنوباً، ويشكل العرب تجمعاً بشرياً كبيراً، وبالتالي سوقاً اقتصادية واسعة، انتاجاً واستهلاكاً، من هنا أيضاً يمكن ان نعرف سبب التوحش الغربي ضدنا، وعدم السماح لنا بمسك زمام تاريخنا .
.
لذلك كانت الوحدة، أو الاتحاد، أو مجرد التوافق، بين الدول العربية ، أو بين دولتين، سياسياً، أو اقتصادياً، أو كليهما، يُفْقِدُ الغرب مجاله الحيوي، الذي يعتبر الفضاء العربي هو مجاله الأهم، فهو يستنزف موارده ومواده الأولية الرخيصة لأنه الأقرب، ويعيدها له مواد مصنعة غالية الثمن، ولكن القارة الأوروبية العجوز، ورَّثَتْ أو تنازلت راغمة عن مجالها العربي الحيوي هذا إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، ثم باتت الامبراطورية الأمريكية المتوحشة أم البلاء لنا ولكل شعوب العالم .
………….فمـــاذا نحــــن فاعلــــون أمـــام هـــذه الحقـــــائق ؟؟؟؟
…………وكيــــف نــــــرى المستقــــــبل ومـــا هــــو دورنا ؟؟؟؟
.
في ما قدمنا حددنا العدو التاريخي والذي سيبقى، كما بينا أسباب عدائه لنا، وأكدنا أن أهم جرائمه، وأفعاله، وارتكاباته ضدنا، والتي لقنها لعملائه من ملوك ورجال دين، أن رسخ الصراع المذهبي الديني، كبديل لصراعنا المصيري مع الصهيونية، فباتت ايران العدو الأول، وباتت اسرائيل الحليف العلني …… ألا هل يعقلون ……. .
وسنتناول الآن أسباب الحرب، وغاياتها : وكيف سنحولها إلى فرصة ؟ .
…..كان الهدف الأساس من هذه الحرب المجنونة ، أن يكرروا ما فعلوه في ليبيا، تدمير البنية التحتية في سورية، وقتل رئيسها، واغراق سورية في الفوضى الشاملة، وفكفكتها، لأن أمريكا تعتقد أن من يسيطر على سورية، يسيطر على الشرق الأوسط، لأن سورية بوابة آسيا . لذلك كانت السيطرة على سورية، رغم أهميته ليس إلا مقدمة للأهم ألا وهو :
عرقلة أو اجهاض ظهور العملاق المشرقي ـــ القطب الناهض ـــ ( الصيني الروسي )، وقطع الطريق على ” طريق الحرير” ومنعهما من التحرك غرباً، لأن من شروط تشكل ذلك القطب المنافس، تمكنهما من الوصول إلى مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة، إذن كان لابد من السيطرة على سورية، وإغلاق بوابة الشرق أمام سفنهم ، وفي طريق تنفيذ أمريكا لبرنامجها، تثأر من ايران ( الشيعية، الرافضية، المجوسية ) التي تعتبر ألد أعداء اسرائيل والغرب، عندها يؤكل حزب الله نيئاً، بحسب أحلامهم التي خابت .
……….عندها تصبح أمريكا ( اقطاعي ) العالم، تميت من تشاء ، وتسخر من تشاء، ولا حسيب ولا رقيب، وتعيد سيرتها الأولى التدميرية، التي استخدمتها عند اغتيالها لحضارة سكان أمريكا الأصليين .
………فهــــل تَحــــقق حلــــــم أمريــــكا أم مـــــاذا ؟؟
من هنا نتفهم الدوافع التي دفعت الصين وروسيا، لرفع الأيدي في مجلس الأمن أكثر من مرة اعتراضاً لمصلحة سورية .
ومن هنا يمكن أن نتفهم الدعم العسكري الروسي الكبير وغير المحدود لسورية، لأن سورية تمثل جوهرة التاج الضرورية لانعقاد القطب المشرقي الصاعد .
ومن هنا يجب أن نفهم أن المصلحة السورية ـــ الروسية ـــ الصينية الإيرانية ـــ أكثر من استراتيجية، لأنها مصلحة حياتية، ليس لهذه الدول فقط بل لكل دول العالم، لأن هذا الحلف هو وحده القادر على لجم الوحش الأمريكي من افتراس ما يشاء من شعوب العالم .
………………إذن وبدون مبالغة هذه الحرب التاريخية الحسم، إما لنا …………………………………وإما لهم!!!!………………………….
لذلك ليس من مصلحة أحد من هذه القوى المتحالفة ـــ الصين، وروسيا، وأيران، وسورية ـــ فصم عرى هذا التحالف، لأن المصلحة ليست مصلحة آنية تكتيكية، بل هي مصلحة مصيرية استراتيجية بكل المعايير وللجميع ولا فكاك منها، ومن هنا علينا أن نفهم أيضاً، مهما تباعدت السياسات التفصيلية بين هذه الدول، تبقى تفصيلية لا يمكن أن تترك أي ظلال على التحالف الحياتي بينها، وهذا يقودنا إلى الإقرار بأن ليس كل أصدقاء دولة من هذه الدول، هم بالضرورة أصدقاءٌ للدول الأخرى في التحالف، وكذلك الأعداء، كما وفي نفس الصيغة لا يحق لأي من الحلفاء فرض سياساته على الحليف الآخر، فلكل سياسته التفصيلية، التي يجب أن لا تتعارض مع التحالف الاستراتيجي بإطاره العام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هذا [ الأفق العالي ] يجب أن نطل ونقرأ تحالفنا الاستراتيجي المصيري مع [ روسيا ـــ والصين ـــ وإيران ]، وليس من خلال سياسات تفصيلية، وحرتقات قشرية، نعم نحن نعتبر أن تسليم ( عظام قاتل اسرائيلي ) إلى اسرائيل عملاً يجرح أحاسيسنا، ولكن وبالمقابل هل نسمح لروسيا بسؤالنا عن علاقتنا بحزب الله العدو اللدود لإسرائيل ؟؟؟ .
.
نعم هذه الحرب العسكرية، الاقتصادية، النفسية، التي تشنها أمريكا وحلفاءها وتابعيها، من الصين، مروراً بأكرانيا، والدول العربية، وصولاً إلى فنزويلا ، هي حرب واحدة، والتي لن تنتهي بيوم وليلة، هي حرب عسكريةـــ اقتصادية، تاريخية، فانتصار أمريكا هو خراب للعالم، لأنها ستضع العالم على شفا حرب عالمية، وسيكون انتصارها ضد التاريخ وضد مسيرة الحياة البشرية، لأنها ( ستخربط العالم ) وتحول دون استقراره عقوداً، وهذا ليس لمصلحة حتى دول معسكر العدوان ذاتها، لأن ( الخربطة ) لا تتيح لشركاتها تكديس الثروة بسهولة ويسر، لأن النفقات الحربية الواسعة النطاق ستكون مكلفة لخزائنها، …
.
وهنا علينا استخدام المنطق [ ما دامت أمريكا قد خسرت كل حروبها السابقة، عندما كانت تتربع متفردة على قيادة العالم ] .
….فكيف هي الآن تواجه معسكراً شاباً، نشطاً، مهاجماً، وفي حالة التحدي، وأصبح له بوابة على البحر الأبيض المتوسط ؟؟؟…..
…..لن أجهد في اقناع ” التغريبيين ” ولا العملاء “، ولا ضيقي الأفق المتشائمين، الذي يقيمون واقع الحال من خلال مسألة تفصيلية يومية .
………………نعـــم ستنــهزم أمريكـــا وكــل معســـكرها …………….
…………………………..وســــننتــــصــر …………………….