لعــــــــــــــــــالم يتــــــــــــــــــــــغير
………………بـــــــــــــل يجــــــــــــــب أن يتـــــــــــــــغير
……..فشل (النيولبرالية) الغربية في مواجهة الوباء ، نذير انكماش وتفكك
المحامي محمد محسن
زعم المفكر الأمريكي ( فوكوياما ) أن التشكيلة الرأسمالية هي نهاية التاريخ ، وأن الحضارة الانسانية وصلت إلى غاياتها المثلى ، زاعماً أن التشكيلة الرأسمالية قدمت للبشرية كل ما يبغيه الانسان ، من رفاه ، وتعاون ، وصحة ، وتقدم علمي .
ولكنه يجب أن يعلم أنه كاذب أشر ، لأنه لم يذكر أن أمريكا حرفت المسيرة الحضارية للبشرية ، وسرقت انسانية الانسانية ؟ ودمرت أكثر من أربعين دولة ، وقتلت الملايين من شعوبها ، ولا تزال تقتل ، لأن تشكيلتها الرأسمالية لا تعيش بدون حروب ، لأن الحروب طريقها للثروة .
أليست هذه الحضارة المتوحشة ، هي المسؤولة عن تقسيم العالم إلى عالم شمالي ثري ، سرق خيرات البشرية ، كما سرق خيرات الطبيعة ، وحولها إلى ثروات في خزائن الشركات الاحتكارية ؟ . وعالم جنوبي فقير ، متخلف ، مريض ، متصارع ، غير مستقر ، بسبب التناقضات والصراعات التي بذرتها ، ورعتها ، أي أنها المسؤولة عن عدم قدرة الشعوب الفقيرة على مواجهة هذه الجائحة ، وغيرها لأنها تحتكر الطب ، والدواء ، وفرض حصار اقتصادي شامل بما فيها الأدوية ، وكل أسباب الحياة ؟ .
وعلى هذا العنصري أن يعلم أن التقدم العلمي ، [ الذي تحتكره / 385 / شركة أمريكية التي تملك نصف ثروة العالم ] ، ليس نتاجاً للعقل الأمريكي ، بل هو محصلة أنشطة كل الشعوب ، منذ أن انبثق التاريخ في أرضنا في شرقنا ، حتى الآن ، كما أن الاحصاءات تشير إلى أن[ / 85 % / ، من براءات الاختراع في أمريكا ، هي نتاج عقول غير أمريكية ] ، لكن الشركات الأمريكية تحتكرها بسبب قدرتها المالية ، على استثمار هذه الاختراعات ، ومن ثم تحتكر انتاجها ، وتبيعه إلى العالم الفقير بأسعار باهظة ، بما فيها الدواء .
كما تقوم فلسفة [ هنتنكتن ] المفكر الأمريكي أيضاً ، على صراع الحضارات ، والحضارة الأقوى هي التي يجب أن تنتصر ، ولما كانت ( الحضارة ) الأمريكية هي الحضارة الأقوى عسكرياً ، ومالياً ، لذلك ستنتصر ، أو يجب أن تنتصر ، وأن تخضع لها جميع الحضارات ، وهذه الفلسفة تقوم على فهم عنصري أيضاً ، لأنه يعتبر أن الحضارة الأمريكية ، تفوقت بل وانتصرت على جميع الحضارات الأخرى .
ولكن الفيروس العابر للحدود ، كشف للناس أجمعين ، هشاشة ، الحضارة الأمريكية ، والعولمة الأمريكية ، أمام هذا الفيروس ، الذي لا يفرق بين الشعوب ، او الأعراق ، او الطبقات ، وبين حكام ، وشعوب ، فالنخب غير محصنة ، حتى ترامب ومن شاكله ليس محصنا من الوباء .
ومع ذلك لاتزال تضرب عرض الحائط ، بمصائر الشعوب ، مخالفة جميع القوانين الدولية ، والخروج عن كل المعايير الانسانية ، فهذه المواقف هي الابن الشرعي للعولمة المستهترة بمصائر الشعوب الفقيرة ، وتركها تعاني مصيرها من الوباء ، بدون أن يرف لأمريكا جفن ، بل لعلها تبغي ذلك .
هذا الوباء كشف زيف نظامها (النيولبرالي) المتوحش ، الذي يقوم على الحد من دور الدولة في جميع السياسات الاجتماعية ـــ الاقتصادية .
بحجة أن الدولة تعوق امكانية النمو الابداعي لقوى السوق الحرة ، لذا يجب تقليص سلطتها , وترك الشركات الاحتكارية المتوحشة تهيمن على الاقتصاد ، والسياسة ، والمجتمع .
بل أكدت بالمقابل الدول التي تعطي للدولة دوراً مهماً وأساسياً في الامساك بالمجالات المجتمعية الأساسية بعضاً من ( العدالة الاجتماعية ) وأهمها ، التعليم المجاني بجميع مراحله ، والتأمين الصحي ، والضمان الاجتماعي ، هي الأقدر على مواجهة كل الأخطار الطبيعية ، والصنعية .
فهل يوقظ هذا الوباء المشاعر الانسانية ، وحس التضامن بين الشعوب ، فيلعنوا البربرية الأمريكية الغربية ومن في صفها ، التي خطفت التاريخ ، الذي كان يجب أن يسير فيه ، ليرتقي بالواقع الانساني ، إلى حالة مثلى من التضامن العالمي ، بما يضمن رفاه الانسان ، وضمان حالته الصحية ، وتعاون المجتمعات ، في مواجهة أية غوائل طبيعية أو غير طبيعية .
نعم أنا أجزم أن هذا الوباء قد فضح الغرب الرأسمالي ، وسياسته ( النيولبرالية ) وبَيَّنَ فردانيته ، وحالات عدم التعاون بين دوله ، كما أظهر بالمقابل مبادرة الدول الاشتراكية ، أو التي لاتزال تستقي من تاريخها الاشتراكي ، [ كوبا ، والصين ، وروسيا ] مبادرتها لمساعدة حتى الدول الرأسمالية ذاتها .
نعم الغرب الاستعماري هو المسؤول عن افقار دول الجنوب ، وعن ضعف امكانياتها ، في مواجهة الوباء القاتل .
ومن هذه الأرضية :
[يؤكد الوباء أهمية التعاون بين الشعوب في الملمات ، وهذا لن يتم إلا بإنهاء سيطرة القطب الأمريكي الأوحد على العالم ، ( الذي نبشر بتفككه ) ] .