اجتـماع بوتـن بايـدن كان خـائباً ، لأن أمـريكا لاتـزال تعـيش زمنـها الإمبـراطوري
بايدن الشيخ ، يريد تغيـير الترامبية ، فهل سيـفلح ، ويأخذ أمريكا إلى غير طريق ؟
نعم نحن في مرحلة عض الأصابع ، التعاون فيها مستحيل ، والصدام فيها مستحيل
المحامي محمد محسن
السياسة التي يسير فيها بايدن ، مُلْزَمٌ باتباعها ، فهو لا يستطيع أن يسير على نهج ترامب ، لأن ترامب أدرك مواقع أمريكا الحالية المتعبة على الأقل ، فتعامل معها جاهداً لملمة خساراتها ، وصياغة هيكلية جديدة لها ، فعمل على تحديد موقعها من حلفائها ، ومن خصومها .
لأنه أدرك أن المرحلة التي تمر بها أمريكا اليوم ، هي من أصعب المراحل التي مرت بها تاريخياً ، لأنها ستعتمد مرغمة سياسة تراجعية عن عدوانيتها ، بدون أن تعلن عنها ، لأن الاعتراف بالخسران ، سيقود إلى تفكك تحالفاتها ، كما ستصاب محمياتها ، وعلى رأسها (اسرائيل) بالقنوط ، وستكون مضطرة للبحث عن صيغ جديدة للتعامل مع واقعها الجديد ، الذي خسرت فيه الحامي ، والداعم ، والممول ،
ولكن هذا الفعل مهما كان مريراً هو أفضل من المكابرة ، والتعامي عن الواقع الأمريكي الجديد ، الذي وضعت أمريكا نفسها فيه ، والذي هو أقرب للهزيمة ، من خلال سياساتها المستهترة ، حد الاستخفاف ، بمصائر الشعوب ، ولأن هذا الواقع الجديد ، هو الذي سيؤسس لمستقبلها .
بايدن لا يستطيع أن يسير على نفس النهج الترامبي ، لأنه جاء بصفته البديل ( الديموقراطي) ، والبديل يجب أن يكون حاملاً برنامجاً تغييراً جديداً ، فعمل على :
محاولة إعادة الروح لحلف (الناتو) المترنح ، وذلك بتعزيز العلاقة مع أوربا الحليف التاريخي ، التي استخف بها ترامب ، وراحت توصف بالأوساط الأمريكية بالقارة العجوز ، هذا الوصف الذي أطلقه رامسفيلد وزير الحرب الأمريكي الأسبق ، لذلك يحاول بايدن إعادة الروح إلى هذه القارة ، من خلال الظهور بمظهر الداعم ، والحليف الجاد ، وهذا الموقف يهدف إلى محاولة ابعادها عن التقارب مع روسيا ، كما ويدفعها للعب دور أوسع ، في الشرق الأوسط ، وغيره .
من هنا نفهم النتيجة المخيبة لاجتماع بوتن ــ بايدن ، لأن بايدن ملزم تنفيذ سياسة التشدد ضد روسيا العدو التاريخي ، وهذا يترتب عليه الظهور بمظهر المتعنت ، والمواجه على كل ساحات المواجهة مع روسيا ، في أوكرانيا ، وفي الشرق الأوسط .
حتى وصل الأمر ببريطانيا دولة الظل الأمريكي ، أن تتحرش بروسيا من خلال دخول إحدى بوارجها المياه الإقليمية الروسية ، ولكن كان الرد الروسي بنفس المستوى أو أعلى بقليل ، حيث قال لافروف وزير خارجية روسيا ، سنرد بالنار في المرات القادمة وبدون إنذار .
ولكن هل هذه السياسة الأمريكية المتشددة تجاه روسيا ، تصب من حيث المآل في الطاحونة الأمريكية ، أم لا .
هذا الموقف أدى مباشرة إلى تردد أوروبا في الحوار مع روسيا ، التي كانت هي من تسعى إليه سابقاً في عهد ترامب ، وهذا بكل تأكيد يتعارض والمصلحة الأوروبية ، لأنني أكاد أجزم ، بل أجزم أن أوربا ستتوجه شرقاً حيث مصالحها الاقتصادية ، والسياسية .
ولكن هذا الاحتمال لن يتم ، إلا بعد أن تتخلص ، أو تخرج أوربا من تحت الوصاية الأمريكية ، التي تحتلها عسكرياً ، وسياسياً ، حيث تكاد تلغي الشخصية الأوروبية في المحافل الدولية ، فأمريكا تقرر والحكومات الأوروبية تنفذ ، ولكن هذا الوضع التابع لن يكون مؤبداً .
المسألة الثانية ستدفع روسيا دفعاً ليس للتقارب مع الصين ، بل للتحالف معها ، وإخراج الحلف إلى العلن ، وهذا الرد جاء مباشرة بعد يوم أو يومين حيث اتصل بوتن برئيس الصين ، حيث اتفقا على عقد اجتماع ثنائي بينهما ، كما سيتم تفعيل مجموعة (بركس) ، ومشروع (التعامل البيني بعملة غير الدولار) ، وغيرهما من التحالفات المشرقية ، وعلى رأسها إيران .
عندها فقط ستخرج الصين من أسلوبها السابق في ملاينة أمريكا سياسياً ، إلى سياسة التحدي ، وتحريك أساطيلها في بحر الصين ، وفي البحار الأخرى ، جنباً إلى جنب مع البوارج الروسية ، لأن الحلف عندها سيتخذ صيغة الظهور العلني المسلح .
ولكن على الجميع أن يدرك : بأن التحدي بين القطبين ، سيبقى ضمن اطار التحدي القولي ، فالحروب الكبيرة انتهت إلى الأبد ، لأن الكل خاسر .