في مثل هذه الأيام لاشيء يعبر عن مشاعر الشعب السوري تجاه الثورة والثوار وعموم العرب الا قصيدة شاعر دمشق الأكبر نزار قباني التي نعى فيها زوجته الراحلة بلقيس وبدأها بقول يعبر عن مرارة من نفاق العرب:
شكرا لكم .. شكرا لكم ..
فحبيبتي قتلت وصار بوسعكم ..أن تشربوا كأسا على قبر الشهيدة ..
حبيبتنا سورية لم تقتل .. لكن القتلة كانوا يريدون ضفائرها .. وكانوا يريدون تمزيق ثوبها وبيعها في سوق الاماء لتعمل جارية بين يدي سلطان عثماني .. وخادمة تنظف الأطباق وتكنس في بيت الناتو .. وتمسح أحذية السادة أصحاب الفصل السابع ..
هل هناك أبلغ من هذه الكلمات النزارية؟؟
نعم شكرا لكم .. شكرا لكم ..وشكرا لثورتكم .. فمن منا ليس له شهيد أو شهيدة؟؟ من منا ليس عنده بيت مدمر بسبب مغامرات الثوار ودناءة العربان؟؟ ومن منا من ليس له مسجد ركعت مئذنته أو انحنت ذليلة من عار المجاهدين عندما رفعوا عليها الرؤوس المعلقة والأشلاء بدل الأذان .. بمباركة العربان وثوارهم؟؟ ومن منا لم تبكه قباب الجوامع التي تهشمت كما الجماجم التي تهشمت؟؟ .. ومن منا ليس له في الكنائس جرس جريح أو أيقونة تنزف أو لوحة تشقق فيها وجه الأم وطفلها؟؟ وكم هم كثر أولئك الذين شردهم الثوار في مغامرتهم ومقامرتهم وهم يحملون على ظهورهم في الملاجئ مشروع نكبة جديدة للشرق؟؟
شكرا لكم .. شكرا لكم .. وشكرا لثورتكم .. عبارة تقولها النظرات الكسيرة لكل امرأة تباع مع عيالها في أسواق نخاسة الشرق الأوسط في مخيمات الزعتري ولبنان ..
شكرا لكم .. شكرا لكم .. عبارة حاقدة نقرؤها في عيون كل امرأة تسمع صراخ وتوسلات امرأة أخرى يغتصبها الباشوات الأتراك وجنود السلطان سليم في مخيمات تركيا ليلا فيما العربان يستمعون من خلف الأبواب "الى فض غشاء بكارتها .. كما فعلوا في فلسطين عروس عروبتهم"* ..
شكرا لكم .. شكرا لكم .. نسمعها ممزوجة برغبة انتفام مع أنين كل صبية حلوة تذل على أسرّة "جهاد السترة" عندما تلتهم ثدييها أسنان شيخ خليجي عفن أجرب لاتقبل به زوجا حتى ناقته .. وتعبث بضفائرها مخالبه التي تمشط العذارى وأجساد العذارى واليتامى ..
شكرا لكم .. شكرا لكم .. وشكرا لثورتكم .. أيها العرب .. عبارة تعلقها كل نافذة على جناحيها المتكسرين وتتدلى مثل لافتة كبيرة في مداخل المدن العربية المحطمة التي كانت تقول يوما "أهلا وسهلا" .. من بغداد الى ليبيا .. ولكنها اليوم تقول متوعدة: شكرا لكم .. شكرا لكم .. تصدر كالأنّات من الأبنية التي استشهدت واغتصبت وخلعت عنها ثيابها البيضاء والملونة وباتت عارية تحت الشمس ويتداولها فرسان النكاح كما تداولوا المجاهدات ..ويطرزون جسدها بالرصاص والموت ويكحلون عيونها بالحرائق..
آخر كلمة شكر صدرت بالأمس مع الأنفاس الأخيرة للنكبة الفلسطينية التي كانت تموت وتصعد روحها والتي شكرت العرب باحتقار على مافعلوه بها و"بأمها سورية "..شكرا لكم .. شكرا لكم .. وشكرا لثورتكم .. فحبيبتي قتلت .. وصار بوسعكم ..أن تشربوا كأسا على قبر الشهيدة ..
سمعتها بالأمس تتسرب همسا من شفتي النكبة الفلسطينية .. التي كانت تريد أن تصرخ ولكن صوت النكبات التي حلت بالشرق جعلها تصمت حياء وحرجا من أصوات نكبات الشرق الكبرى التي صنعها العرب والاسلاميون .. النكبة حلت بالعراقيين وحلت بالليبيين وكاد السوريون يعلنون نكبتهم لو نجح الناتو والعربان في " تحريرهم" .. ولايزال العرب يتجولون في الشرق يوزعون النكبات لمن لانكبة له .. وهاهي مصر تنتظر نكبتها القادمة لأن القرضاوي وأهل الخليج المحتل مصممون على تحريرها والحاقها بمواكب المنكوبين ..
بالأمس مرت ذكرى النكبة الفلسطينية .. ولكنها المرة الأولى التي نسمع فيها أنفاس موتها .. وكانت الذكرى في صحف العرب تشبه خبرا من الأخبار القصيرة التي تكتبها الصحف في صفحة الحوادث .. مثل حادث سير أو دهس قطة .. أو طلاق فنانة من فنان .. بل ان أخبار نكبة هيفاء وهبي الأخيرة حظيت باهتمام الأمة العربية والاسلامية .. حتى الجامعة العربية شغلت بها وكادت تمنح مقعد سورية مناصفة بين هيفاء وهبي والجربا تعاطفا معهما ومع نكبتيهما .. لأن الجامعة العربية لاشك ستنتهي يوما الى ان تترأس جلساتها هيفاء وهبي واليسا وأصالة نصري وبائع الحليب عقاب صقر وبائعة الدبس ديمة ونوس .. وتتحول المؤتمرات الى أفراح وبوس لواوا العرب وبيع الدبس والحليب ..
غابت النكبة نهايئا عن اية صفحة ثورية وعن باعة الدبس والحليب ومن صفحات الربيع العربي من المحيط الى الخليج .. وعن اي لسان عربي .. الأمة الاسلامية والعربية كلها وبعد كل هذا الثوران المترامي الأطراف للمؤمنين وغليان اللحى .. لم ترم حصاة واحدة على حدود اسرائيل بمناسبة يوم النكبة .. لم ترم كلمة .. حرفا .. تنوينا .. شدة .. ولاحتى سكونا .. ولم ترتفع سبابة واحدة تهدد .. فلا جيش محمد ولا جيش حماس ولا جيوش السلطان أردوغان حفيد محمد الفاتح ولا جيوش قطر والاخوان المسلمين ومحمد بن عبد الوهاب ولا جيوش الظواهري مهتمة بالنكبة لانشغالها "بالتحرير" وتكريس شرع الله (يهوه) .. لم يجتمع قبضايات الثوار والاسلاميين حتى لشرب القهوة على شرف فلسطين والمسجد الأقصى الذي بارك الله حوله .. وسكت المرزوقي والغنوشي عن الكلام المباح بل عبّرا عن النكبة بقرار ثوري اسلامي بالسماح للسياح الاسرائيلين بزيارة جزيرة جربة التونسية وتأمين الحماية القصوى لهم .. حتى السافلان خالد مشعل واسماعيل هنية اللذان كانا يتدافعان لحمل علم الانتداب الفرنسي على سورية لم يتدافعا لرفع علم فلسطين في يوم النكبة في قطر ولم ينبسا بكلمة واحدة هناك .. أو حتى هقة واحدة ..كيلا ينزعج الجيران في قاعدة العيديد ..فالرسول قد أوصى بسابع جار ..
بالفعل .. شكرا لكم .. شكرا لكم .. وشكرا لثورتكم ..
بالفعل .. أية أمة عربية تلك التي تغتال البلابل؟؟
أين السموأل؟؟ .. والمهلهل؟؟ .. والغطاريف الأوائل؟؟
فقبائل أكلت قبائل .. وثعالب قتلت ثعالب.. وعناكب قتلت عناكب ..
في موت النكبة وميلاد شقيقاتها النكبات الأخريات .. لانعرف هذه الأيام من هي الدولة المنكوبة ومن هي المحروسة في هذا الشرق .. ولانعرف أيضا من هو الحارس ومن هي المحروسة .. هل هي اسرائيل أم مصر التي سميناها "المحروسة" ؟؟ أم هي معاهدة كامب ديفيد التي وقع عليها الاسلاميون بدمنا وباستقلالنا وقبضوا ثمن توقيعهم من الناتو .. هذه المعاهدة المحروسة بين العيون والجفون والمحفوظة في الأحداق والتي مهما تبدل أهل الحكم في مصر ستبقى كالأيقونة المقدسة ولايجرؤ عهد على المساس بها وكأن أبا الهول ترك حراسة الأهرامات وتفرغ لحراستها .. انها المحروسة المقدسة التي تحرسها المحروسة أم الدنيا بدعم العرب وثوار العرب .. وبين المحروسة المقدسة والمحروسة أم الدنيا تكبر المحروسة اسرائيل .. لتصبح يوما الحارس والوصي على كل هذا الشرق ..
المحروسة اسرائيل تحرسها كامب ديفيد المقدسة بأمانة وتفان وكأنها نزلت في قول الله: انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وكسر كامب ديفيد رجس من عمل الشيطان .. فاجتنبوه لعلكم تفلحون..!!
كامب ديفيد اليوم تحرسها كامب ديفيد اخوانية اسلامية على امتداد الخريطة الاخوانية .. وتحرسها كامب ديفيد وهابية سعودية وخليجية .. وتحرسها كامب ديفيد حماس التي وقعت على كامب ديفيد فلسطينية وسمتها هدنة .. وتحرسها كامب ديفيد التركية العثمانية .. وكامب ديفيد السورية التي ولدت من رحم الثورة السورية عبر عضو الكنيست الاسرائيلي الجديد كمال اللبواني تلميذ الجاسوس عزمي بشارة ..
ولتعرفوا أن اسرائيل هي المحروسة ولم تعد مصر ولا فلسطين ولاأي بلد في هذا الشرق .. فلتلاحظوا أغرب المفارقات التي تثير السخرية وتثير فينا الشعور بالعار والأسى المخلوط باحتقار العرب والشفقة عليهم .. لأنه في ذكرى النكبة بالذات (15 أيار) اجتمعت مجموعة الدول المسماة "أصدقاء سورية" وبرعاية الدول ذاتها التي صنعت النكبة لفلسطين عام 48 .. اجتمعت هذه الدول وبينها مصر والسعودية في عاصمة البلد الذي صنع النكبة لفلسطين – أي بريطانيا – وفي نفس العاصمة التي صممت مسرح سايكس بيكو الذي أنجب النكبة .. وبرعاية وزير خارجيتها ويليام هيغ (رئيس جمعية الصداقة البريطانية الاسرائيلية في البرلمان البريطاني) والذي يجلس في نفس مقعد أرثر بلفور نفسه الذي مهد للنكبة الأولى (صاحب الوعد الشهير الذي نقل عن حكومة صاحب الجلالة أنها تنظر بعين العطف لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين).. والمدهش أن نفس البلدان التي رعت النكبة الفلسطينية قررت في يوم ذكرى يوم النكبة جمع العرب والمعارضة السورية في عاصمة النكبة من أجل دعم الشعب السوري ومنحه مكتب بعثة خارجية .. بعثة للثورة السورية في عاصمة النكبة الفلسطينية وفي يوم النكبة الفلسطينية .. ونسي الثوار والعرب النكبة في يوم النكبة .. لأن دول صناعة النكبات قررت ان تكفر عن ذنبها بدفن يوم النكبة وذكراها في كفن كبير هو دعم الشعب السوري وصناعة نكبة جديدة للشرق ..
لاأدري لم توجه الأمم اللوم في كوارثها لأعدائها .. ان كان بلفور يستحق اللوم لاعلانه انطلاق قطار النكبة الذي وصل خلال سنوات قليلة وهاهو يجر خلفه عربات نكبات أخرى تصل بتاعا .. فمن دروس اليوم لايجب بعد اليوم ان نوجه اللوم الى بلفور .. فهاهي المعارضة السورية تأمن لوريثه ويليام هيغ وتستسلم في أحضانه .. بلفور بخبرته وقرون استشعاره الاستعمارية كان يدرك أن شعوب المنطقة في تلك المرحلة غير مؤهلة لحماية فلسطين وأنه على يقين مما وعد به .. ولولا ذلك لما تعهد بوعد يشبه المستحيل باقتلاع شعب كامل من أرضه .. يومها كان بلفور يدرك أن من سيساعده على ذلك هو سذاجة العرب أنفسهم .. ومعرفته الكبيرة بالترهل الثقافي والمعرفي الذي وصلت اليه المنطقة بعد أن طحنتها أربعة قرون كاملة من العثمنة وتتريك الاسلام .. وكان هناك ادراك كبير لغياب فاقع للقيادات الكبيرة والزعامات والنخب التي يمكن أن تقود المجتمعات بذكاء ..واليوم يدرك ويليام هيغ انه مع ورثة جيل النكبة .. وهؤلاء لم يختلفوا عن أجدادهم وسذاجتهم .. الا أنهم يلبسون الأزياء الغربية ويسافرون بين العواصم على متن الدرجة الأولى كما كانت تفعل ريم العلاف التي تتشدق الآن باسم الشعب السوري .. (ولكني سأحدثكم يوما عن رحلتي معها على متن الدرجة الاولى التي كانت لاتقبل غيرها .. وستتذوقون من قلمي معنى الازدراء والاحتقار لهذه الشخصية .. وسترفعون حواجبكم من شدة الدهشة عندما تتعرفون على هذه المرأة المتعجرفة التافهة التي تسرق فقراء سورية ووجعهم .. بل وتدافع عن "أبو علي خبية" الدوماني القاتل المجرم .. ولكن لكل مقام مقال)
بالفعل .. ماذا يقال بعد موت النكبة سوى:
شكرا لكم .. شكرا لكم؟؟؟ ..
فحبيبتي قتلت وصار بوسعكم ..أن تشربوا كأسا على قبر الشهيدة
انه منطق سيكولوجيا الجماهير والدهماء البلهاء .. فلاشيء سينسي الجماهير البلهاء نكبتها الا نكبة أخرى أكبر .. وبل ومن سخرية الأقدار أن انضم بعض شعب النكبة الفلسطينية المنكوب لصناعة نكبة للشرق في سورية .. فمحمود عباس كان يوما قد باع مقعد فلسطين في الجامعة العربية لقطر لتقوم بطرد سورية وتبدأ مشروع النكبة السورية .. وسارع ممثل فلسطين في الأمم المتحدة ناصر القدوة للمشاركة في وفد عربي يتوسل واشنطن لتنكب الشعب السوري بتحريره دون قرار مجلس الأمن ..أما منكوبو حماس فانهم استحقوا بجدارة موقع سفلة ثوار العالم وأكثرهم انحطاطا ..
في اجراء اجتماع أصدقاء سورية في ذلك اليوم بالتحديد أي يوم النكبة (والذي لم يكن مصادفة ولا صدفة بريئة) رسالة ازدراء واضحة لكل المسلمين والعرب المتشدقين أنهم أحرار وقرار بأنهم ليسوا أحرارا بل عبيدا .. الدول الكبرى لاتنتقي مواعيدها اعتباطا بل لكل يوم رمزيته ومعناه وشيفرته .. فانتقاء يوم النكبة لدعم الشعب السوري من عاصمة النكبة ومن وزير خارجيتها ابن بلفور تم بعناية فائقة وهو رسالة التحدي الأقوى حتى الآن للشعوب العربية من المحيط الى الخليج بأن القضية الفلسطينية صارت بحكم المنتهية وأن نكبة فلسطين انتهت لأن يوم النكبة صار يوم التضامن مع شعب سورية .. وأن على العرب أن ينتقلوا الى مرحلة جديدة بعد انتهاء نكبة فلسطين .. وبدأت عملية تحويل النكبة عبر تحويل مسارها من نكبة فلسطين الى نكبة سورية .. وخلعت النكبة ثوبها الفلسطيني وارتدت ثوبا سوريا .. والشعوب العربية تصفق وتقاد كالأنعام من نكبة الى نكبة ..ومن فتنة الى فتنة ..
النكبة الكبرى التي كشفتها الأزمة السورية هي أن الذخيرة الثقافية الاسلامية والتراثية تعرضت للتفجير ونجم عن العبوة الناسفة تفجير شامل فجّر صاعق القنبلة الاسلامية التي نسفت أساسات المجتمع العربي الوطنية وأعادته الى عصر ماقبل الدولة بتحطيم فكرة الدولة الجامعة وتحويلها الى وعاء للشر والكراهية مقابل دولة المشايخ الصهاينة .. فصار المسلمون من أجل هذه الغاية يغيّرون القرآن والحديث الى أن صار المسلم عدو المسلم وصار الرسول يوصينا باليهود حتى كاد أن يورثهم .. وصار من يتابع الأحداث والتشاتم والكراهية والتزوير والكذب يحس أن معركة "أحد" كانت بين النبي وعدوه حمزة بن عبد المطلب وأن أبا سفيان كان يحمل راية الاسلام فقطع مصعب بن عمير يديه .. وان وحشيا هو من كان مؤذن الرسول لا "بلال".. وان هند بنت عتبة هي من أكل كبدها .. لاحمزة ..
ولاأزال أفتش عن سبب ميلنا للنكبات .. وأتجول في دهاليز الذاكرة لأقف أمام احدى الملاحظات الصادمة التي سمعتها عندما حضرت في التسعينات ندوة بريطانية بديعة عن بلاد العجائب والغرائب (أي بلداننا وشعوبنا) هي أن أكبر تناقض يعيشه الشرقي هي تناقضه بين مذهبه الروحي ونفسه الدنيوية .. وقد توالى المتحدثون ليتحدثوا عن تناقض مدهش .. فمثلا لايزال المسلمون مختلفين منذ خمسة عشر قرنا بين سنة وشيعة .. لكن المضحك في الأمر كما تحدثت تلك الندوة التي ساد فيها الضحك العالي الممزوج بالدهشة – أن المذهب الشيعي معظمه في ايران "الفارسية" ولكن اتباع هذا المذهب يتهمهم خصومهم بالصفوية وبأنهم يتآمرون على العرب واهل السنة .. ولكن هذا المذهب (الشيعي) ينادي في مبدئه الرئيسي بأن يعود الحكم الاسلامي وأمر المسلمين الى سلالة آل البيت عبر ذرية علي وفاطمة .. وهذا يعني بطبيعة الحال أن الفرس يطالبون – بسذاجة – ويحلمون بحاكم عربي يحكمهم من آل البيت ويدير أمورهم .. وهم ينتظرون صاحب الزمان لذلك .. لكن آل البيت عرب أقحاح وليسوا فرسا وهذا تناقض مع النزعة الفارسية .. في حين على النقيض فأن اتباع المذهب السني وغالبيتهم من العرب يرفضون هذا المبدأ جذريا ويصابون بالهيستيريا من حاكم من ذرية علي وفاطمة وينادون بأي حاكم الا أن يكون من آل البيت !! .. ولذلك نجد ان العرب السنة ومنذ نهاية الحكم الأموي كانوا دوما عرضة للحكم من عناصر غير عربية .. فارسية احيانا!! ..وكردية !!.. وتركية احيانا!! .. وسلجوقية .. !! ومملوكية!! .. !! .. وهذا أبسط امثلة التناقض العقلي والمذهبي الذي سيكون ممرا للنكبات المتتالية ..
هذا التناقض بين العقيدة وأهواء النفس عند المسلمين يعكس تناقضا في السلوك اليومي للانسان العربي والمسلم تنبه اليه مستشارو ارثر بلفور وزير الخارجية البريطاني ..فكان الوعد .. والنكبة .. واليوم يدرك ويليام هيغ واسرائيل الشحنة الفاصلة بين العقل والمذهب .. لايزال العرب حتى هذه اللحظة المفصلية تحركهم عقلية التناقض بين المذهب والنفس اللذين يسكنان متعايشين في نفس الرأس .. وكل ماينجبه هذا الزواج الرديء في الرأس هو الشيء ونقيضه ..
هذه الأزمة ليست أزمة سورية بل هي عابرة للقرون الاسلامية وللثقافة وللمستقبل .. وأهم مافعلته فينا هو أننا صرنا نعرف كيف نجري جراحة ناجحة للثقافة .. والتراث .. وهذه مسألة كانت معقدة جدا بسبب تراكم خزين هائل من العواطف والميول والمجاملات للتراث .. عملية رفض الموجة الاسلامية وكسر ظهرها صارت سهلة بعد ان لحقت بها هزيمة عسكرية على يد مقاتلين ليسوا غرباء بل هم أبناء بلاد الشام .. وستتبع الهزيمة عملية استئصال "الاسلامية السياسية" واعادة الجامع للمسلمين بعد أن سرقه الغرب في كل المجتمع العربي والشرقي .. وهي عملية معقدة .. وللأسف فان الورطة التي وضعنا فيها الغرب عويصة وهي أن عملية استئصال الموجة الاسلامية ستقتلع معها جزءا من الكينونة الاسلامية شئنا أم أبينا كتأثير جانبي للعلاج .. فلايمكننا أن نحارب الاسلاميين من غير أن يتسبب هذا في تدمير جزء من الشخصية الاسلامية والثقافة الاسلامية والتراث مهما حاولنا أن نسل الاسلام الصحيح من عجين الوهابية العنيفة .. لأن جزءا من التراث صار مفخخا وصارت عملية تخليصه من المتفجرات خطرة قد تنفجر أحيانا قي بناء التراث ..
هانحن ننهض من هذه الكبوة ..ومن هذه الأزمة التي كادت تتحول الى نكبة للشرق والاسلام كله .. وكل من شكرهم نزار متألما سيصلهم غضب الشعب السوري يوما كما حلم به نزار الجريح الذي قهرفلبه العرب وأكلوا كبده .. سنوصل شكرنا اليهم وسيعرفون كم اننا تواقون لتسديد الشكر الجزيل ..
ولاشك اننا لن نشكر أحدا من قلوبنا وبجوارحنا .. الا شبابنا الشهداء .. ورجالنا والميامين منا والأبطال والعسكريين السوريين الذين أذهلوا الدنيا وحيروا سيكولوجيا الحرب .. ولو عاد نزارنا الدمشقي لأهداهم قصيدة شكر لحفاظهم على حبيبته سورية يقول فيها:
شكرا لكم .. شكرا لكم ..
فحبيبتي انتصرت بكم ..
وحبيبتي في قلبها دين لكم ..
شكرا لكم .. شكرا لكم ..
فحبيبتي كيف الله حاميها الا .. بكم ؟؟!! ..