تقع دورا أوروبوس أو (صالحية الفرات) كما يطلق عليها، إلى الجنوب الشرقي من مدينة دير الزور، بين مدينتي الميادين والبوكمال وعلى مسافة تسعين كيلومتراً على الطريق المؤدية إلى مدينة البوكمال، محاطة بأسوار منيعة تدعمها حواجز طبيعية، تم تأسيس المدينة مع نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، على يد أحد ضباط الملك سلوقوس الأول، كحامية عسكرية مقدونية بسيطة،ويبين اسم دورا أوروبوس أصلها، فكلمة دورا تعني "الحصن" باللغة الآشورية – البابلية أو الآرامية وأوروبوس اسم مسقط رأس سلوقوس الأول.
اكتشفت المدينة في آذار عام 1920، أثناء حفر الجنود الإنكليز خنادق في الصحراء، وفي العام 1986 عادت أعمال التنقيب والترميم إلى الموقع على يد بعثة مشتركة سورية – فرنسية من المديرية العامة للآثار والمتاحف ووزارة الخارجية الفرنسية بعد إهمال الموقع لسنوات بسبب الحرب العالمية الثانية. حيث تمكنت البعثة إثبات أن الموقع كان آهلاً وعامراً بشكل واسع قبل الفتح المقدوني، ولم يقتصر على حصن بسيط كما كان يظن.
كشفت التنقيبات عن الأسوار والأبراج الستة والعشرين والبوابات الثلاث إضافة إلى القلعة التي تميز دورا أوروبس وعدد من القصور (قصر القلعة، قصر الحاكم، قصر حاكم النهر)، والشارع الرئيسي المعمّد والساحة المركزية وخمسة حمامات رومانية وسبعة عشر معبداً، أهمها معبد بل ومعبد أرتميس، كما تم العثور أيضاً على الكثير من التماثيل والمنحوتات، كتمثال الإلهة أفروديت فوق درع السلحفاة، ومنحوتة الإله آرصو ومشهد الإله بل وكثير غيرها، وعثر كذلك على العديد من المخطوطات الرقية والنقود، وأشلاء من ورق البردي والنقوش الكتابية، والتي كان أحدث ما اكتشف منها ذلك النقش اليوناني الذي وجد مؤخراً في إحدى درجات المسرح الصغير التابع لمعبد أرتميس، والذي ساعد في فهم الواقع السياسي للمدينة، إذ يقول النقش: "من مجلس الشورى في دورا إلى سبتيميوس أوريليوس ليزياس الحاكم الرئيس والقائم الإمبراطوري على رعية المدينة مع الشرف السرمدي".
ومن أشهر ما عرف عن مدينة دورا أوروبس البيت المسيحي الأقدم في العالم، أو الكنيسة (المنزلية) الأولى في العالم، بالإضافة إلى الكنيس اليهودي المحلي الذي قامتا الحكومة السورية بإعادة بنائه في متحف دمشق. وقد حصلت مدينة دورا أوروبوس على جائزة كارلو سكاريا الدولية للمنتزهات الأثرية لعام 2010.