عصام عوني
أثبتت التجارب أنّ لا معارضة في الوطن العربي، بل كيانات عميلة معلبة تمت صناعتها بدعم خارجي للاستخدام عند الضرورة للهدم لا للبناء.
في الأردن كما نعلم وتعلمون، لا حياة سياسية ولا ديمقراطية حقيقية، بل ديكورات تجميلية من صنع النظام للإيحاء بالديمقراطية ظنًا أنّها تحميه وتمد بعمره.
في الآونة الأخيرة، برزت شخصيات معارضة -بين مزدوجين- لم يسمع بها أردني واحد يومًا، أبرزها (ع.ح).
(ع.ح) هذا قصته بدأت يوم كان يخرج في مظاهرات مؤيدة للنظام، وكان يطلق عليه "سحيج" النظام، والكلمة تطلق على جوقة الطبل والزمر للنظام في الأردن.
بعد فترة قصيرة، تحول (ع.ح) لمعارض شرس يشتم النظام ويطيل اللسان على شخص الملك ويتعمد افتعال المشاكل مع الأجهزة الأمنية، ويشتبك معها عندما يشارك في مظاهرات رافضة لسياسة من سياسات النظام "الهدامة" في الأردن.
بعد أن تمادى (ع.ح) كثيرًا، جاء القرار باعتقاله وقد تعرض للتعذيب أثناء الاعتقال ليتحول إلى أيقونة ثورية فجأة!!
بعد وساطات دولية من تحت الطاولة ومن فوقها تم الإفراج عنه، وفي هذه الأثناء أعلنت زوجته وأبناؤه البراءة منه بضغط من النظام "القمعي الأمني"، وهذا غباء لا مثيل له.
بعد فترة قصيرة جدًا خارج المعتقل، وإذ بالمعارض "الأيقونة" فجأة يحط الرحال في بريطانيا ويحصل على اللجوء السياسي، ليبدأ مرحلة إزعاج النظام من خارج الحدود وفبركة الأخبار الكاذبة المسيئة للنظام وللأردن ككيان.
بدأ (ع.ح) بنشر مقاطع فيديو كلها شتم وقدح وذم للنظام، ومن ثم أنشأ صفحات تواصل اجتماعي لها نفس الوظيفة.
(ع.ح) اليوم يعيش حياة رغيدة مرفهة، وقد لحقت به زوجته وأبناؤه وحصلوا على اللجوء بحجة الحماية من بطش النظام كما هو معلن من قبله ورعاته.
إنّ اختيار شخصية كهذه ليس عبثًا ولا ارتجالاً ولا صدفةً!!
أن تختار استخبارات بعينها شخصية تافهة جدًا، وضيعة بلا حدود، لتصنع منها أيقونة ثورية، تدّعي النضال والكفاح ضد نظام مستبد، أمر يضع الآلاف من علامات الاستفهام والتعجب…
مسيرة (ع.ح) مدروسة ومخطط لها بعناية فائقة، وكل خطوة كانت محسوبة، وليس المذكور من الأشخاص الذين بمقدورهم الإبداع في هذا.
يعتقد النظام الأردني ومن يؤيده أنّه بحماية أميركيا وبمنأى عن الخطر.
والسؤال:
إذا كان الاعتقاد صحيحًا، فلماذا صنع (ع.ح) معارضًا على غفلة؟ ولماذا يحظى بكل هذا الدعم من قبل المخابرات الأميركية والبريطانية والصهيونية؟
هذا السؤال كبير وخطير لمن يفهم ألف باء السياسة..
تصنيع المعارضات للاستخدام وقت الحاجة والضرورة، تمامًا كما تمّ تصنيع المعارضات السورية التي استخدمت في ال2011 لتدمير سورية بحجة المطالبة بالحرية والديمقراطية باسم الشعب، وهو منها براء، و(ع.ح) خُلق لنفس السبب والهدف.
هل يعي نظام عمان ما يخطط له، ويكف عن التآمر على سورية ليضمن حليفًا جارًا يحميه يوم تقع الواقعة المتفق عليها لإسقاطه؟
سؤال برسم النظام وشعبه، ولحرصنا على الأردن نكتب ونحذر كما حرص القائد الخالد حافظ الأسد على الأردن أبان ما سمي بأيلول الأسود ومنع انهيار النظام الذي انهار فعلاً لولا حكمته وحنكته، واليوم يحرص كل الحرص سيادة الرئيس بشار الأسد على الأردن ويمنع سقوطه بصموده ونصره.
الأردن على حافة الهاوية ومطوق والخطر داهم، لحظة عقل تنجيه ومواصلة العنتريات حتمًا تنهيه، وركب النووي انطلق من يلحق به ربما تسوى أوضاعه.