خاص بتوقيت دمشق
تتواصل جرائم تنظيم "داعش" الإرهابي على مساحة الأراضي التي يُسيطر عليها، وتتصل هذه الجرائم بعضها ببعض، لتشكل أبشع صورة يمكن للبشرية تخيلها، فقد أقدم التنظيم مؤخرا على ذبح عالم الآثار والباحث السوري الدكتور خالد الأسعد، البالغ من العمر 82 عاما قضى معظمها في دراسة آثار مدينة تدمر، ودعم البحوث الخاصة بها، كما أنه قام بدراسات علمية عدة، نُشرت مُترجمة إلى معظم اللغات في عدد من المجلات الأثرية العالمية عن تدمر.
وبعد تقاعده، كان "مسؤولاً عن ترجمة نصوص المكتشفات الأثرية في تدمر، كما كان يرأس الجانب السوري في جميع بعثات التنقيب السورية- الأجنبية المشتركة.
كما أشرف خالد الأسعد على إعادة بناء اكثر من 400 عمود كاملاً من أروقة الشارع الطويل ومعبد بعلشمين ومعبد اللات وأعمدة ومنصة وادراج المسرح، وكذلك الأعمدة التذكارية الخمسة المعروفة، إضافة لإعادة بناء المصلبة والأعمدة الستة عشرة الغرانيتية لمدخل حمامات زنوبيا، ومحراب بعلشمين، وجدران وواجهات السور الشمالي للمدينة، وترميم أجزاء كبيرة من أسوار وقاعات وأبراج، وممرات القلعة العربية ثم ترميم السوار الخارجية والأبراج في قصر الحير الشرقي، وقام بربط الموقع بطريق اسفلتي معبدة عام 2000م.
كلّ هذا الكمّ من المعرفة والعلم، لم يشفع للعالم المسن عند مسلحي التنظيم الإرهابي، حتى قاموا بذبحه وتعليق جثته على عامود في الطريق العام في تدمر، وكُتب على اليافطة التي أُرفقت بجثة الأسعد "المرتد خالد محمد الأسعد"، بالإضافة إلى 5 اتهامات بحقه دفعت بهم الى ذبحه وهي:
– ممثل عن سوريا في المؤتمرات الكفرية
– مدير لأصنام تدمر الأثرية
– زيارته إلى إيران وحضور حفلة انتصار ثورة الخميني
– تواصله مع العميد عيسى رئيس فرع فلسطين
– تواصله مع العميد حسام سكر في القصر الجمهوري.
يذكر أن عالم الآثار والباحث السوري الدكتور خالد الأسعد ولد في تدمر عام 1934، بالقرب من معبد بل الأثري، وحصل في 1956 على إجازة في التاريخ من جامعة دمشق، وبعدها دبلوم في التربية.
وبدأ حياته العملية منذ العام 1963 كمدير لآثار ومتاحف تدمر، وعمل جاهدا على تطوير المؤسسة الأثرية فيها، وكان ملماً باللغة الآرامية.
ومن أهم اكتشافاته: حسناء تدمر، والقسم الأكبر من الشارع الطويل فيها، والمصلبة المعروفة باسم "التترابيل" إلى جانب بعض المدافن. كما أصدر وترجم أكثر من 20 كتاباً عن تدمر والمناطق الأثرية في البادية السورية.
ويشار إلى أن أغتيال الدكتور الأسعد أثار موجة إدانات واسعة حول العالم وكان على رئسها منظمة اليونيسكو حيث قالت مدير المنظمة إيرينا بوكوفا "أنا حزينة وغاضبة وأدين بشدة هذه الجريمة البشعة"، وأضافت "أنهم قتلوا الأسعد لأنه رفض خيانة نشاطه القوي من أجل حماية آثار تدمر".
وفي السياق أدان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "القتل الهمجي" لعالم الاثار، مشيرا الى انه "رجل علم"، و"عمل مع عدد من البعثات الاثرية الفرنسية طوال فترة عمله". واشار الى ان مقتله "يضاف الى سلسلة الجرائم التي ارتكبت منذ اربعة سنوات في سوريا". وتابع "يجب احالة جميع المسؤولين عن هذه الافعال الى القضاء".
وأخيرا يذكر أن الأسعد نال العديد من الأوسمة والجوائز العالمية وهي: وسام الاستحقاق برتبة فارس من رئيس الجمهورية الفرنسية، ووسام الاستحقاق برتبة فارس من رئيس جمهورية بولونيا وفي النهاية نال وسام الشهادة في المدينة التي طالما أحبها.. تدمر.