..الكاتب محمد محسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضوع شائك ، ويحتاج إلى هيئة بحثية ، للتنقيب عن أسبابه ، لما له من أهمية ، راهنية ومستقبلية ، لأن الطبيعي والغالب تاريخياً ، أن تلعب " النخبة االمثقفة " دورالطليعة في أي حراك إجتماعي ، أما وأن تفعل غير هذا ، ففي الأمر ما يستحق البحث والعناء ، فهل يجيب قول المناضل والمفكر " غرامشي " في تفسير وإجلاء هذه المفارقة وتبيان هذا التناقض ؟ .
قسم " غرامشي "المثقفين إلى شريحتين ، ( 1 ) المثقفين العضويين ــ الملتزمين بقضايا مجتمعاتهم ، والملتصقين بهمومها ، وقضاياها ، والعاملين لها ومعها ( 2 ) والمثقفين المستقيلين من أدوارهم ، أو الجالسين في أبراجهم العاجية ، والناظرين والمنظرين من فوق لواقع مجتماعتهم . والمنسلخين عن هموم وحداتهم الإجتماعية .
ويبدوأنه لم تكن في زمن " غرامشي " الفئة الثالثة التي تبيع ثقافتها ، وفكرها لكل مشتري ، والفئة الرابعة فئة الإنتهازيين والوصوليين ، الزاحفين نحو مصالحهم الفردية ، والناعقين مع كل ناعق ، والخامسة التي تتحالف مع الشيطان للوصول إلى كراسي السلطة . ولوأدى الأمراستعادة عصرالظلام عصرالخلافة العثمانية .
لافرق في ذلك بين ماركسي ، قضى سنيناً طويلة من عمره ، يقرأ ويتبنى الماركسية اللينينية ، أو يتثقف على مدونات أبن تيمية ، أو كتابات ابن القيم الجوزية ، أو تتلمذ على يد مشائخ السعودية الوهابيين ، أو على يد المودودي ، أو كان إخوانياً بثوب ناصري . كله انصهر في بوتقة واحدة ، من أقصى اليسار رياض الترك ، وجورج صبرا ، وميشيل كيلو ، مروراً باللبواني ــ الصهيوني ــ وصولاً إلى هيثم المالح الإخواني .
في كل تجارب الشعوب ، أو في أغلبها ، عادة ما يكون برنامج المعارضة ، الذي يضعه المثقفون ، أقرب تمثيلاً لمصالح الشعب من السلطة الحاكمة ، فوظيفة الطليعة المثقفة ، القيام بدور الرقيب ، والحسيب ، والساهر على مصالح المواطنين ، والدال والمعترض على ممارسات السلطة القائمة ، سياسياً ، واقتصادياً ، واجتماعياً حتى وثقافياً . والحريص على قضايا أمته وشعبه ، فهل تمثلت هذه المهمات بمثقفي بلادي ؟
حتى شبكة التحالفات الإقليمية ، والدولية ، التي تنسجها قيادة المعارضة " المثقفه "، من الطبيعي والمطلوب أن تكون مع الدول التي لاتتعارض مصالحها الوطنية ، ومصالح دولتها الوطنية ، أي ليست من دول العدوان ، ولا تناصردول العدوان .
فهل نهج المعارضون المثقفون ، هذا النهج ؟ وإلى أي الدول لجأوا ؟ ومن أي الدول يتمولوا ؟ ومن هي الدول الداعمة لهم ؟ وأين يقيمون ؟ وما هي مطالبهم ؟ وهل الدول الحليفة لهم ، كانت في أي وقت من الأوقات مع قضايانا الوطنية ؟ أم كانت وتاريخياً وعلى الدوام ضد قضايانا الوطنية ، بل وتقف مع أعداء الوطن ـاسرائيل ــ .
……………………….أليست كلها أسئلة مشروعة ؟
لجأوا إلى تركيا وريثة العثمانية الظلامية ، المسؤولة عن وقف مساهمة العرب في الحضارة الإنسانية ، أربعة قرون ، من 1516ـــ 1916 ، وسرقت لواء الإسكندرون ، وكيليكيا ، ويسرقون ماءنا ــ دجله والفرات ــ ويحلم قادتهم باعادة الخلافة العثمانية الإخوانية .
تمولوا من قطر ، والسعودية ، وهما آخر دولتين في التصنيف الدولي ، من حيث نظام الحكم ما قبل تاريخي المستورد من نظام العبودية ، ومن حيث علاقة الملك بالشعب ، أليست السعودية المسؤولة عن انشاء تنظيم القاعدة فكراً وتنظيماً ؟ والتي تهدد النظام العالمي ، والمسؤوله عن كل السياسات التي حالت وتحقيق اي تقارب عربي ؟ .
تقود هذه الجوقة المعادية ، دول الراسمالية العالمية بقيادة أمريكا ، هل وقفت امريكا وحلفاءها الغربيين ، مرة واحدة في تاريخها مع القضايا العربية ؟ ألم تقف مع إسرائيل في حروبها مع العرب ، وفي المحافل الدولية ؟، أليست كل أسلحة اسرائيل التي تقتل فيها العرب ، من أمريكا وأوروبا ؟ أليست هي المسؤولة عن تدمير العراق ، وليبيا ؟.
هل يجوز لعاقل بسيط ، وساذج أن يطلب تدمير بلاده بالطائرات الغربية ؟ لأي سبب كان ، ماذا سنقول عنه في مثل هذه الحاله ، ؟ مجنون ، معتوه ، جاسوس ، ألم يفعلها " مثقفوا المعارضة " كم طالبوا ، وكم تمنوا ، وكم حزنوا عندما لم يتحقق مطلبهم ، وقالوا لقد خذلنا حلفاؤنا ، ألم يفرحوا للضربات الإسرائيلية الجوية ؟.
……………..ولكن السؤال الأهم لماذا وصلوا إلى هذا الدرك ؟
سأحاول تلمس مفردات الإجابة ، من زوايا حاده متبصره ، وبموضوعية نسبية ، لأن لاموضوعية مطلقة ، أُعلن في بدء الحرب القذرة ، أن الغاية اسقاط النظام الإستبدادي ، واقامة بديل ديموقراط
لن أدافع عن النظام ، لأنني كنت من قادة أهم فصيل معارض في السبعينات من القرن الماضي ـــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن لم ولن أقايض وطني ، بتحالف أمريكي ، تركي ، سعودي ، صهيوني ـــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
….الجواب ..
( 1)هل الدول التي ساندت الحرب ، همُها ومن مصلحتها إقامة حكم ديموقراطي ؟ أمريكا ، السعودية ، قطر ، تركيا ، اسرائيل .
( 2 ) هل هذه الدول ديموقراطيه ؟ ـــ السعودية نموذجاً ـــ حتى أمريكا ديموقراطية شركات
( 3 ) هل إقامة نظام ديموقراطي يأتي من خلال الطائرات الأمريكية ؟
( 4 )عندما يرفع شعار اسقاط النظام بالقوة ألا يعني الحرب ،
…………..كل هذه الإجابات نضعها جانباً ونقول :
الآن الذي حدث حدث ، والحرب الآن باتت بين الدولة السورية بكل مؤسساتها الحسنة والسيئه ، وبين الإرهاب المتوحش ، ومهما كان تقييمنا للدولة سلبياً ، هل يجوز لوطني مثقف ، أو غير مثقف أن يقف على الحياد ؟ المعركة الآن بتوصيف بسيط هي بين وجود الدولة ككيان ، وبين سقوطها بيد الإرهاب ،
…………هل يجوز لأي مواطن مثقف كان ، أو قادم من رعي البقر، حتى والجمال ، أن يقف في الطرف الثاني من المعادلة ؟
……………………إنه الإمتحان وفي الإمتحان يكرم المرء أو يهان ….