يصادف اليوم 25 كانون الأول ذكرى وفاة رائدة الصحافة النسائية العربية وصاحبة أول مجلة نسائية تصدر في سورية الأديبة ماري عجمي ولا نستطيع ولو في عجالة أن ندع هذه المناسبة تمر دون أن نعرف بهذه الرائدة والأديبة المجلية صاحبة القلم الحر .
ولدت ماري عجمي في دمشق عام 1888 وهي من أصول حموية نزح جدها يوسف إلى الشام ليعمل بتجارة الحلي والسجاد والتنباك في بلاد العجم وكان يرتدي ثياباً أعجمية فأطلق عليه الناس ( العجمي ) ودرست ماري في المدرستين الروسية والإيرلندية وأتقنت اللغة الإنكليزية ونالت شهادتها عام 1903 وفي عام 1905 التحقت بالكلية الأمريكية لدراسة التمريض ولسبب صحي لم تكمل دراسته فيها .
عينت بعد ذلك معلمة في المدرسة الروسية بدمشق عام 1906 ثم انتقلت إلى الإسكندرية عام 1909 حيث عينت ناظرة لمدرسة الأقباط ولم تمكث هناك سوى سنة واحدة عادت بعدها إلى دمشق لتنشئ مجلة العروس في كانون الأول عام 1910 التي كانت منبراً للدفاع عن حقوق المرأة المسلوبة وقد هاجمت من على صفحاتها الإحتلال العثماني الذي نكل بالأحرار حتى أن إحدى مقالاتها كادت أن تلحقها بشهداء 6 أيار عام 1916 كما هاجمت الفرنسيين بعد ذلك في صفحات المجلة فعطلوا المجلة نهائياً وقد كان من كتاب المجلة ( إيليا أبو ماضي والرصافي وبدوي الجبل وبشارة الخوري .. وغيرهم ) وكانت المجلة واسعة الإنتشار وصلت إلى عدة بلاد عربية وأجنبية .
أسست بعد ذلك النادي الأدبي في حي القصاع بدمشق ثم جمعية نور الفيحاء وناديها ومدرسة بنات الشهداء عام 1920 وفي عام 1921 انتخبت عضواً في لجنة النقد الأدبي في جمعية الرابطة الأدبية وأسهمت في تحرير مجلة هذه الرابطة . ثم جعلت ماري من منزلها صالوناً أدبياً يجتمع فيه أعضاء الرابطة أنفسهم بعد أن تم حلها خلال عام واحد .
أصدرت روايتها ( المجدلية الحسناء ) عام 1913 وترجمت عن الإنكليزية كتاب ( أمجد الغابات ) لباسيل ماسيوز عام 1927 .
درّست الأدب العربي في مدرسة الفرنسيسكان ( دار لسلام ) مدة أربع سنوات ثم قصدت بغداد لتعمل في التدريس عام 1940 ولكنها عادت بعد عام واحد لتنصرف إلى نشاطاتها الأدبية والإجتماعية وفي عام 1944 انتخبت عضواً في جمعية حلقة الزهراء لسيدات ورجال الأدب .
كانت ماري شاعرة مجيدة وقد تناول معظم شعرها الطبيعة والوطن وقد تركت ديوان شعر .
كرمتها الأوساط الأدبية فأقيم لها حفل يوبيل فضي في بيروت عام 1926 بمناسبة مرور 25 سنة على كفاحها وعملها في ميادين الصحافة ثم أقيم لها تكريم مماثل في حيفا ويافا عام 1928 وبعد ذلك كرمها النادي الأرثوذكسي بدمشق عام 1929 وفازت بجائزتين من الإذاعة البريطانية عامي 1946 و1947 احداهما عن قصيدتها ( الفلاح ) .
في أواخر أيامها آثرت العزلة واحتجبت عن الناس وعاشت مع أختها في بيتها القديم بدمشق إلى أن رحلت في 25 كانون الأول عام 1965 والناس في شغل عنها .
تركت ماري مؤلفاتها المذكورة وأحد عشر مجلداً من مجلتها ومقالات متفرقة لم يطبع منها غير مختارات نشرتها الرابطة النسائية الثقافية بدمشق وكتاب ( دوحة الذكرى ) ويتضمن مختارات من شعرها ونثرها طبعته وزارة الثقافة السورية ، وقد أقام لها اتحاد الجمعيات النسائية في سورية حفل تأبين على مدرج جامعة دمشق في نيسان 1966 .
إعداد : محمد عزوز