المكتشفات الأثرية ..أكدت عمق العلاقات بين أوغاريت وبحر إيجة.
غسّان القيّم..
…………………
دلت المكتشفات الأركيولوجية في أوغاريت والوثائق الكتابية فيها انه كانت تقوم بينها وبين مدن حوض بحر إيجة علاقات راسخة
يعود تاريخ نشوء هذه العلاقات إلى النصف الأول من الألف الثاني ق.م . فقد أظهرت الوثائق أن الأوغاريتيين أبحروا إلى جزيرة كريت وأسسوا لهم مدناً في حوض بحر إيجة وعلى وجه الخصوص على ساحل هذا البحر وفي القسم الشمالي من شبه جزيرة البلقان. ولاشك أيضا أن أهل كريت وباقي مدن بحر إيجة أمّوا أوغاريت وكانت كريت بالنسبة للأوغاريتيين من أغنى البلدان وهي مهد الحرف لا تقصر عن مصر في شيء. لذلك كانت التجارة معها مهمة بحد ذاتها ولا يستبعد أن يكون الإبحار إلى كريت هو الذي فتح أمام الأوغاريتيين وغيرهم من الفينيقيين آفاق الأطراف الغربية للبحر المتوسط التي لم تكن معروفة لهم في الماضي. فقد سمح الكريتيون للفينيقيين بمن فيهم الأوغاريتيين طبعاً أن يقيموا مدناً مؤقتة على جزر حوض بحر إيجة . أما بالنسبة لسكان بحر إيجة فقد مثلت لهم أوغاريت أهمية خاصة بحد ذاتها كمحطة للوصول إلى مناطق الشرق الأدنى الداخلية فقد ساعدت علاقاتهم مع أوغاريت على انتشار الفخاريات فيها وكان لقبرص دور نشيط كوسيط في العلاقات بين أوغاريت وكريت. وفي الألف الثانية ق.م كان يعيش في قبرص منحدرون من أصل إيجي . وأسس الأوغاريتيون مستعمرة لهم فيها. حيث تفيد المعلومات التي قدمها العالم الأثري الراحل كلود شيفر منقب اوغاريت إن أقدم مواضيع تحدرت من أصل إيجي وجدت في الطبقة الثانية من حفريات اوغاريت يعود تاريخها الى القرنين التاسع عشر والثامن عشر ق0م وهذه الآثار كانت عبارة عن كسرات من اصص وأكواب بجدران رقيقة وبخطوط متعرجة حمراء وبيضاء وبرسوم نباتات على خلفية بنيّة. ففي هذه المرحلة أخذ الأوغاريتيون يقلدون الفخاريات المينوية في المرحلة الوسيطة وقد استمرت أوغاريت بتقاليد صناعة الفخار المينوية إلى بعد سقوط كريت . وبدأت أوغاريت تستورد الفخاريات الميكنية والمينوية منذ القرن السابع عشر والسادس عشر ق.م ووصل الاستيراد أحجاماً كبيرة في القرن الرابع عشر و الثالث عشر ق.م وأن التقليد محلياً كان منتشراًُ انتشاراً واسعاً في هذه المرحلة. وقد شغلت الأواني التي صنعت وفق الطريقة التقليدية لفن الرسم الميكيني نرى عليها رسوم لأشخاص وحيوانات أخذت مكانة مرموقة تستدعي الانتباه.فنرى في أحد المشاهد عربة شد إليها حصان واحد وعليها امرأتان تمسك إحداهما بالعنان وأمام العربة امرأة أخرى تحمل صولجاناً بيدها. ويجدر بنا ألا نغفل الإشارة إلى الرسوم الفخارية التي تمثل آلهة ايجة وهي تدهشنا بإستواء سطحها وتخطيطها البالغ. أيضاً انتشرت في أوغاريت بين القبارصة وفي علاقاتهم مع السلطات المحلية الكتابة الخطية القبرصية المينوية وقد وصلتنا بعض الرموز منقوشة على مصنوعات فخارية ووثائق مكتوبة على ألواح طينية وجدت في أرشيف القصر الملكي في أوغاريت. وحتّى الآن لم يتمكن العلماء من قراءة هذه النصوص. وأما هذه التأثيرات يبدو أن أوغاريت قد تأثرت أيضاً بثقافات مابين النهرين ومصر وايجة وقد تكون تأثرت ايضاً بالثقافة الحثية . هذا الواقع يطرح مسألة تأثير أوغاريت بالفن المصري الذي كان نتيجة لعلاقات راسخة وعميقة لعبت فيها العلاقات مع أوغاريت دوراً ملحوظاً في هذا الإطار. وعن تأثير أوغاريت على ثقافة ايجة نستطيع أن نؤكد على ثباته وعمقه وتنوعه وهذا ما يؤكد في نهاية المطاف اقتباس اليونان للأبجدية الفينيقية وإطلاعاً جيداً على نصوصها. مما شكل أهمية جوهرية أيضاً وجود جمع من الكلمات الكنعانية في اللغة اليونانية. هذه الكلمات تخص مجال التجارة : رموز لعمليات تجارية ووحدات حسابية مختلفة…
ستبقى أوغاريت مالئة الدنيا وشاغلة الناس..لا نمل من أخبارها ..
..عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم…