……….شيوعيون مخضرمون وبعثيــــــــون
……..ترحًلوا إلى اللبرالية الأمريكيــــــــــــــة
……….ومنها إلى الأيديولوجية السعوديـــــــــة
ــــ الكاتب محمد محسن ــــــــــــــــــــــــــــــــ سورية ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرجو ألا يصيبكم العجب ولا تخافوا من صيام رجب ، من انتقال وترحل رهط كبير من المنظرين الماركسيين ، الذين كانوا يحفظون ويرددون في نومهم واليقظة ، وبمناسبة وبدون مناسبة كانوا "يصفعون" محدثهم بعد كل جملة واختها بعبارة جازمة قاطعة للمعلم لينين أو للفيلسوف ماركس ، وفي بعض الأحايين لانجلز ،ـــ طبعاً مع كل الاحترام الكبير لهذه الشخصيات ـــ وياويلك وسواد ليلك ان لم تتظاهر بالقبول بل وبالتبني ، وبعد خاتمة كل حديث يكررون على مسامعك مجموعة عبارات كشيخ هرم لم يعد يحفظ من القرآن سوى عدة ايات قصار ، مثل ـــ ديكتاتورية البروليتاريا ، الطبقة العاملة ، الحزب الثوري ، الامبريالية أعلى مراحل الراسمالية ـــ، هذا المنتمي لعشرات السنين كما يدعي فكراً وسلوكاً ومنهاجاً وتنظيماً إلى واحدة من المنظمات الشيوعية ، كان يضع دائماً مجلداً من مختارات لينين تحت ابطه ، ليستخرج منها شاهده الذي يدعم وجهة نظره في اي حوار يخوضه تلقائياً او يفتعله مع خصم ينتمي إلى وجهة نظر أخرى . هذا الشيوعي القائد المنتسب لحزب أو لفكر قضى عمره وهويبيع الأيد لوجية الماركسية لكل محدث ، بقدرة قادر ترحًل إلى الضد .
.
وحتى لا يبقى الحديث مجرداً وتجريدياً سنضع على الطاولة بعض الأسماء كنماذج نموذجية تنطبق عليهم المعايير التي سقناها ، ـــ رياض الترك ، وميشيل كيلو ، وجورج صبرا ، وصادق جلال العظم ، وعبد الرزاق عيد وغيرهم كثير ـــ رياض الترك كان أميناً عاماً للحزب الشيوعي " المكتب السياسي" وبعد نضال حزبي مديد دام أربعين عاماً ونيف ، قضاها في العلمانية المتهمة بالالحاد ، لينتقل وخلال غمضة عين للتحالف مع حزب الاخوان المسلمين ، عند تشكيل التجمع الوطني الديموقراطي ، ومن ثم وقبل أن يرف له جفنه حمله الجن إلى السفارة الأمريكية حيث يقيم الآن ، ولا أدري إن كان قد انتسب إلى واحد من الحزبين الأمريكيين ، الحزب الجمهوري والمحافظين الجدد ، أو إلى الحزب الديموقراطي وأصبح الفيل أو الحمار رمزاً له ، وليصبح متحدثاً ومنظراً وناطقاً رسمياً باسم الطائفية السياسية .
.
أما ميشيل كيلوا الشيوعي المعتقد والكاتب الجهبز في الصحافة اللبنانيةــ عودوا إلى مقالاته في جريدة السفير وغيرها ـــ تجدوه مفكراً وداعية منحازاً للفقراء ، وماركسياً صلباً ومناضلاً عضويا من مدرسة غرامشي ، واذا به يغادر وطنه ويترك رفاقه ويترحل إلى تركيا " الاشتراكية طبعاً "ليجتمع مع الأحزاب والقوى الدينية ، ويبدو لي أن المسكين قد تعرض لحملة تبشيرممنهجة من فقهاء الوهابية ، مما قاده إلى مرابع المملكة العربية السعودية ليتبرك ويتبارك بالمليك المعظم الذي خلع عليه عطية ومكرمة نقدية وعينية بعد أن باركه ، وحتى لانبالغ لاأدري فيما إذا كان قد طاف حول الكعبة معتمراً.
.
وصادق جلال العظم الذي اصدر عشرات الكتب معتمداً المنهج الماركسي اللينيني في الدراسة والتحليل إلى أن أصدر كتابه " نقد الفكر الديني " الذي أخرجه من الملة وأُعتبر مرتداً ، ولو كان مصرياً لأقيم عليه الحد وطلق من زوجته ، أوإغتيل كفرج فوده ، أو فر بجلده كنصرحامد أبو زيد ، هذا الماركسي المخضرم والكاتب الجهبز وبعد كتابه " نقد الفكر الديني " سقط في متاهات الفكر الطائفي المستنقعي ، وبات يتحدث وينظر للطائفة السياسية مستبدلاً شعار "الطبقة العاملة الثورية " بشعار "الطائفة الناجية "، وما دام قد نزل في هذه الوهدة وترحل نهائياً ، ليس مستغرباً أن يتسلم وهو القادر على الخطابة خطيباً لواحد من مساجد أوروبا حيث يقيم ، انسجاماً مع القول الحق " وما العاقبة إلا للمتقين المستغفرين التائبين ".
أما البعثيون الذين ترحًلوا فحدث ولا حرج ، آلاف تزيوا بالبعث لباساً ولافتة وسلم وصول ، وباعوه قبل صياح الديك ، بعضهم جاء من حثالات المجتمع ووصل إلى مركز نائب رئيس الجمهورية ، وآخر أربعون عاماً تربع فيها على كرسي وزارة الدفاع ، وأخر رئيساً للوزراء ، وكثر برتبة وزير ، وآخرون بعشرات الآلاف جاؤا من مخلفات الفكر الديني الاخواني أو ما جاوره ، وبعض جاء من مواقع الانتهاز والتكسب وعند الامتحان قلبوا ظهر المجن وحملوا السلاح ضد الوطن ، وأكثرهم سرق وارتشى ونشر ثقافة العهر ، ثم باع نفسه للشيطان وخان وترحًل وإذا به في خندق الارهاب .
.
سأكتفي بهذا القدر من الأمثلة ونترك لكم حق التخيل والتفكر بمصير هذه "النخب " ، التي كنا نعول عليها قيادة المجتمع وانتشاله من وهدة الغباء والعماء الديني إلى العقل والعلم والمعرفة ، واذا بنا وبعد أن ساقوا وراءهم قطيعاً من المريدين ، هم الآن يقومون مجدداً بغسل أدمغتهم ونقلهم معهم إما إلى الاخوانية ــ جماعة سيد قطب ووريثه " مرسي " ـــ وذلك برعاية وتمويل أردوغان الذي سيموت وهو يحلم باعادة السلطنة العثمانية ، أو إلى الوهابية السعودية بزعامة "خادم الحرمين الشريفين المليك المعظم سلمان " بطل كلمة ــ است..راء ـــ
.
لم يكن لأي إنسان موضوعي عاقل أن يتخيل مجرد تخيل ، أن يرى مشيل كيلو وشلته المترحلين من الماركسية إلى اللبرالية الأمريكية الحامية والداعمة والضامنة لاسرائيل والداعمة للاسلام السياسي الوهابي والاخواني ، ويتنقل بين ربوع نجد والحجاز في ارض " ديموقراطية الشركه الخاصه لآل سعود " و يجلس إلى جانب ممثل جيش الاسلام قاتل آلاف الدمشقيين أطفالاً ونساءً وشباباً ، وأن يوقع على بيان يساوي فيه بين جيشنا البطل وبين الحركات الارهابية الاسلاموية .
.
أتعلمون ماذا حدث لهؤلاء المترحلين ومريديهم المضللين وتابعيهم ، حدث لهم كما حدث للغراب الذي حاول تقليد الحجل في مشيته ، فأضاع مشيته ولم يستطع تقليد مشية الحجل ، بذلك يكونوا قد خسروا هويتهم ولا يزالون يعرجون ،
..أختم جازما ومبشراً أن أحداً من هؤلاء لن يطأ ثرى الوطن الطاهر..