المكتشفات الأثرية في أوغاريت… تحدثت عن العزف والغناء و الآلات الموسيقية التي استخدمها أهل أوغاريت
غسان القيّم
………………….
نادرة هي قطع الآثار والأدوات التي اكتشفت في مواقعنا الأثرية التي تدل مكتشفاتها على الآلات الموسيقية العاجية ..
إلا أن أوغاريت « رأس الشمرة « أكثر مواقعنا الأثرية التي قدمت أدوات وشهادات تدل على تطور موسيقي وكتابة نوطة مثل رقيّم أنشودة العبادة الأوغاريتية .. وإذا أخذنا بالحسبان الأدوات المعدنية كالأصناج ودمية لعازفة موسيقية مصنوعة من العاج إضافة الى المشاهد المصورة على الأختام الاسطوانية والنصوص الكتابية والرقيّم المشهور الذي يسمى مباركة ربيعو يذكر فيها الأدوات الموسيقية التي يعزف عليها يقول النص :
« غني إكراماً لبعل
الذي يغني ويعزف الموسيقى
على القيثارة والناي
الصنجان لبعل
شاعر بعل ..البطل ذو الصوت
الرخيم …
يشدو ويرنم إكراما لبعل
أشدو وأسمع بعض الموسيقا
من القيثارة والناي
على الطبل والصنجين
على الصنجات العاجية ..»
كما تم العثور على آلات موسيقية عاجية في رأس الشمرة وهناك كسرة من سن قاطعة لفرس النهر وهي معروضة في متحف اللوفر بباريس محزوزة بثلاث زخرفات على شكل ضفيرة
وهي تعود لنمط آخر من آلات النفخ ربما البوق هذه القطعة المميزة اكتشفت في معبد « دجن» في الأكربول اعلى التل الأثري في أوغاريت ولا بد بان هذا المكتشف كان له علاقة بالموسيقى ذات الطابع الديني الخاص للمعابد.
بما هو معروف عن الموسيقا الأوغاريتية فقد حدثتنا الوثائق الكتابية المكتشفة في أوغاريت عن الغناء والرقص والعزف على الآلات الموسيقية لذلك نجد في نص أوغاريتي يصف لنا أغنية كانت تغنى إكراماً لبعل إله المطر والبرق والرعد تقول:
حادوا ( الاسم الأرامي لبعل) يستوي مثل الدب
في وسط الجبل الإلهي صافون
في وسط جبل النصر
سبعة بروق
ثمانية مخازن كنوز مليئة بالرعد..
الذي هو خشب البرق
ابنته طليّة تعتني برأسه
ابنته رضيّة تعتني بجبهته
وهي تربت على ساقيه
رأسه في الثلج
في سماء الثور « إيل»
قمة مثل سحابتين
مثل خمر الحب في قلبه
طبعاً ترافق الغناء والعزف في أوغاريت على الآلات الموسيقية وإن سكان أوغاريت كانوا يعزفون على الصنوج والقيثارة والناي والطبل والقصبة وآلات أخرى تشبه آلة العود الحالية ويبدو انه كان لديهم بعض الفرق الموسيقية أيضاً.. انها أوغاريت التي تثير دهشتي دائماً عند اسماع اخبارها ودهشتي اكثر عندما يعاتبني بعض أصدقائي بقولهم ألا تمل من الكتابة عن اوغاريت وتاريخها .. أقول : انها اوغاريت التي لا تزال تنتظر من يعيطها موقعها الحقيقي في تاريخ البشرية .. أوغاريت التي تعيش مع كل فلاح يزرع أرضه وينتظر بعل ليرويها بأمطاره ويقول ان أرضه هي « أرض بعل» تلك المدينة التي اهدتنا الأبجدية .. أوغاريت التي بدأت مع بداية الحضارة البشرية أوغاريت لم تمت لا تزال تعيش في ذاكرتنا أوغاريت المدينة التي ازدهرت مرتين مرة قبل الميلاد منذ 3500 سنة ومرة بعد الميلاد ولتنفض عنها غبار ترابها لتتحول إلى متحف في الهواء الطلق لتتقبل زوارها من جديد..
..عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم..