كتب الاستاذ محمد محسن :
..الارهــاب القـاتل هو ابـن شرعـي للفقــه الديــني القــــاتل
…………….هزيــمة الارهــاب رهـن بهزيـمة ذلك الفــــقه الظــــلامي
……………. هل يجرأ أحد على النـهوض بمهــمة غربلــــــة الفقــه ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ رأي جريء مطروح للحوار ــــــــــــــــــــــــــــ
لست فقيهاً دينياً ولا ادعي ولكن ومن خلال احساسي الصادق بمسؤوليتي التاريخية التي يرتبها علي وعيي وثقافتي العربية الاسلامية المتواضعين ، ألزمت نفسي بأن أناقش بشجاعة المخلص والجاد ، والذي لا تربطه ولا تغلق عينيه مذهبيات قاتلة فهو قول فوق المذاهب ، لأنني اثق وقلتها مراراً ( أن كل متمذهب هو متعصب وكل متعصب هو غير مثقف ) ، ( وكل مثقف حقيقي ليس متمذهباً ) ، أن نناقش ما أغلق عقولنا لقرون ، لذلك فإن الموضوع الذي سأجرؤ على طرحه بكل صراحة ، هو أهم موضوع على الاطلاق ــ بحسب اعتقادي ــ لراهنيته ولأنه أس كل الأمراض التي يعاني منها مجتمعنا على جميع الأصعدة الفكرية ، والاجتماعية ، حتى والحياتية بكل مناحيها ، والقيمية بجميع أوجهها ، حتى والدينية ، والخلاص منه ضرورة يفرضها منطق التقدم الحضاري للخروج من عنق الزجاجة ، واللحاق بالركب الانساني ، لأن هذا الموضوع الفكري المركزي يمسك حركة التاريخ ويربطها بحبل من مسد ، بزمن ما بعد وفاة الرسول الأعظم بثلاثين عاماً فقط .
.
ووقف فكرنا الاسلامي هناك بدون حراك ، ورحنا نجتر فكر تلك المرحلة حتى الآن ولم نتقدم بوصة واحدة ، والمحزن أننا تركنا الفكر الديني المستند إلى القرآن الكريم والحديث الشريف ــ طبعاً غير المحرف ــ واعتمدنا مدونات وآراء فقهية ، كتبت قبل قرون كتبها بعض فقهاء العصرين الأموي والعباسي ، لا اشكك بصدق بعضهم ، وايمانه ، وفهمه ــ كما لا يحق لي تقييمهم ــ ، ولكن وانطلاقاً من مفهوم أن لا أحد معصوم عن الخطأ فالكل خطاؤون ، وأن هذا الفقيه المبجل قد عاش في زمان غير هذا الزمان ، وفي مجتمع مغاير ، وثقافة متباينة ، وتحصيله العلمي ابن علوم ذلك الزمان المتواضعة ، والتي لا يمكن مقارنتها بما قدمه العلم بعد أكثر من عشرة قرون ونيف ، على الأرض ، وفي السماء ، وسأضرب لذلك مثلاً جارحاً " ابن خلدون المؤرخ الأكبر يقول " الشمس باردة وليست حارة " و " فقهاء بني سعود الأفذاذ لايزالون يقولون حتى الآن أن الأرض ليست كروية " على ما تقدم وبالعربي الفصيح ، إن ما قالوه في تلك الأزمان السحيقة ، لم يعد صالحاً للإجابة بدقة ــ على الأقل ــ على كل ما يطرحه عصرنا هذا ، عصر القرن الواحد والعشرين عصر النانو ، عصر الفضاء ، العصر الذي يسبق فيه العلم حركة تطور الواقع ، لعدم قدرة الواقع على اللحاق بمعطيات العلم ، واستثمار المنتج العلمي لصالح الانسان بالسرعة المطلوبة .
.
أنا أثق من خلال موقعي المعرفي المتواضع أن ما جاء به القرآن الكريم والرسول العربي ، لا يمكن أن يكون إلا بهدف التطوير والاضافة والتعديل للفكر الانساني والأديان والفلسفات التي سبقته ، ــ ويقول الرسول الأكرم " ما بعثت إلا لأتمم مكارم الأخلاق ــ ألا يلخص هذا القول ويختصر غاية الدين ؟؟ إذن كل سلوك أو قول يناقض هذا القول هو خارج عن الدين ، بل تحريف له ، ويقول الامام علي الذي أُطلق عليه القرآن الناطق ـــ الناس صنفان أخ لك في الدين ونظير لك في الخلق ـــ جاء هذا القول في رسالة له لواليه على مصر الأشتر النخعي ، أي أمره أن يتعامل مع كل الناس سواسية المسلم منهم وغير المسلم ، بدون تمييز أو تفريق .
إذن أي تمييز أو تفريق بين الناس من كل الأديان ومن كل المذاهب ومن كل الأجناس ، هو خارج عن الاسلام ، لأن الإسلام يدعو إلى المحبة إلى السلام إلى التوادد ، إلى محبة الآخر أي آخر ، إلى رفعة الإنسان ورقيه ، فالقرآن يبدأ بعبارة " بسم الله الرحمن الرحيم " إذن الله رحمان رحيم وليس جلاداً ، أو قاتلاً ، أو حارقاً ، فهو أرحم الراحمين فهو أرحم " من جلادي سجن المزة الذين اكتفوا بالجلد ولم يحرقوننا " فكيف نصور الله على أنه يحرق البشر في سقر ؟!، أعتقد أن الله حاول إخافتنا من النار حتى لا نحيد عن الأخلاق ، عن الطريق القويم الذي جاء الرسول ليتممه ، وأجد أنه هنا تبرز أهمية وضرورة التأويل ، لاستخراج المعنى المجازي من المعنى الحرفي . وجميع الآيات التي تنص على التعذيب يجب أن تفسر من خلال التأويل بحسب روح القرآن الذي جاء رحمة للعالمين .
.
بذلك يكون كل تفسير أو قول من فقيه أو شيخ أو امام ولوكان امام الأزهر أو خطيب البيت الحرام ، يعتبر الله قاتلاً يحرق البشر ويسلخ جلودهم ، هو فقيه من فقهاء داعش وأخواتها ، وهو ينتسب أراد ذلك أو لم يرد إلى المدرسة التي تخرج منها الفقه الظلامي الارهابي الوهابي الاخواني ، وكل من على شاكلتهما ، والمرتكز على فقه ابن تيمية المنتمي إلى الحشوية الحنبلية المتشددة ، هذا الفقه المنحرف هو الذي شوه الاسلام وحوله من دين محبة ، وسلام ، وأخلاق ، إلى دين قتل ، وحرق وسلب ، وتدمير ، وممارسة كل الموبقات باسم الدين ــ جهاد النكاح ، تخيل يارعاك الله ــ ، المشكلة العويصة عند الغالبية من المسلمين أن الفكر الديني يتغلغل في كوامن فكرهم ، فيشل عقولهم عن فهم الواقع وبخاصة البسطاء ، مما يجعل الفكر الاسلامي الشائع والمطروح يجانب الفكر الاسلامي الصحيح ، وبالتالي الخطأ يولد الخطأ ، والعماء يولد العماء .
هنا نكون قد وصلنا إلى مفترق سنحاول فيه وضع النقاط على الحروف كما قلنا ، فأنا لا أدعي امتلاك كل الحقيقة ، لأنه قد يكون عندي بعضها وعندك البعض الآخر ، ولكن نحن نحاول أن نجتهد .
……………….. هنــاك عــدة عــقد بحـاجة إلى حــل ……………….
……..أولاً " مفــــــهوم الانســــان مسيـــر وليـــس بمـــخير "
هذا مفهوم فقهي شائع يتبناه غالبية رجال الدين ، في خطبهم وحواراتهم ، والمحزن أن اساتذة مادة الديانة في المدارس يلقنونه لطلابهم أيضاً على أنه مسلمة فقهية ، وهي متبعة كمنهاج حياتي منذ زمن معاوية حتى الأن حتى أن الفقيه أبو حامد الغزالي قال : " أن القطنة لو اقتربت من النار لن تحترق إلا بأمر من الله " تقول كل الأديان أن الله خلق الكون وخلق له قواعد ونواميساً وأسساً تتفاعل بجدلية تملك كل التوازن ، اذن الجماد والحيوان والانسان كلهم يتحركون وفق تلك القواعد والنواميس ، وبهذا المفهوم الفقهي كان بعض الخلفاء والسلاطين يبررون به قتلهم أو تعذيبهم لخصومهم ، بحجة أن الله هو الذي أمرهم بقتلهم ، حتى أن الناس العاديين يستخدمونها في الأفراح والأتراح ، حتى أن الكثير من رجال الدين يستخدمون كل يوم عبارة " خيره وشره من الله "
لو كان الأمر كذلك لما كان مبدأ الحساب والعقاب ، حتى القاضي لن يكون له الحق بمعاقبة المجرم ، لأن المجرم وفق هذا المفهوم غير مسؤول عن أفعاله لأنه مسير ولم يكن له خيار بعمله . ولو كان الأمر كذلك أيضاً لما خلق الله لنا العقول ، ولحركنا بواسطة " زمبرك " كلعب الأطفال ،
على ضوء هذا المفهوم اعتبر زنديقاً كل من قال بالعقل من جابر بن حيان والفارابي والرازي وابن سينا وصولاً إلى المعري "
لأنهم قالوا : لا " الانسان مخير وليس بمسير " وتمت زندقتهم من قبل الفقيه أبو حامد الغزالي وابن كثير وحتى المؤرخ ابن خلدون .
فهل يمكن اعادة إعمال العقل وفق مفهوم
…………………" الانسان مخير وليس بمسير " ؟؟؟!!!
.
….. ثانياً ـــ " مفـــهوم قيــــاس الحاضـــــر على المـــــاضي "
لو طلبت من اي شيخ أو حتى وزير أوقافنا ذاته الآن أن يعطيك فتوى في قضية من القضايا ، سيقول لك : قال فيها الفقيه فلان كذا والفقيه فلان كذا فان كان الفقيه العتيق قد شرعنها تصبح حلالاً وإلا فهي حرام ، تخيلوا أن واقعة حدثت في القرن الواحد والعشرين نستفتيها على ضوء ما قاله شيخ قبل أكثر من عشرة قرون ، !! والمحزن أنهم يعتمدون مدونة ذاك الفقيه أو قوله الذي بات يتعارض غالباً مع غاية الاسلام فعشرات الآلاف من الأحاديث نسبت للرسول محمد وهو منها براء .
……… فهل نعيد للاجتهاد مكانته وفق معطيات العصر والعقل ؟؟
.
ثالثاً ـــ مفـــــــــــــــــهوم التـــــــــــــــــــــــــــأويل
كما قلنا يجب أن تدعوا جميع الأديان إلى الأخلاق والمحبة والتسامح ‘ لذلك أي تفسير أو رأي يعارض هذا المفهوم هو باطل بطلاناً مطلقاً حد الانعدام ، فلا يجوز أن نتبنى أو نقبل تفسير آية أو حديث يتعارض مع غاية الدين النبيلة ، ولأن التفسير سيكون مرهوناً بزمان ومكان من قال به ، لذلك كان التأويل هو الحل وهذا يتطلب عدم الأخذ بظاهر الآية بل يجب البحث عن الغاية والمغزى التي هدفت إليه من دون الأخذ بحرفيتها ، وذلك عن طريق التأويل الذي يكون ابن ساعته ، أي أن نأخذ المعنى المجازي الذي رمت إليه الآية ، آية كانت أو حديثاً .
…………… فهل يمكن أن نعيد للتأويل العقلاني موقعه ، ؟؟؟
.
……رابعاً ـــ تدخــــل رجــــال الديــــن في السيــــاسة ؟؟؟
يحكم غالبية دول العالم قوانين وضعية ، وهذه القوانين قابلة للتغيير والتجديد والتبديل أحياناً في العام الواحد أكثر من مرة ، وفق تبدلات نهج الحكام القائمين على رأس المسؤولية ــ عدا مملكة الغباء السعودية ــ كما أن غالبية الدول تتعدد انتماءات مواطنيها المذهبية ، والدينية ، والقومية ، واللغوية ، حتى والقيمية ، ، لذلك لا يجوز لرجال الدين أن يتدخلوا في سياسة الدولة ، لأن القوانين التي تحكم العباد قد تتناقض مع مفاهيمهم الدينية ، فهل يجوز على الحاكم أخذ رأي شيخ أو رجل دين ما من أي دين كان ويفرضه على باقي المذاهب والأديان الأخرى الموجودة في الوطن ؟؟ كما أن السياسة فيها الأخذ والعطاء وفيها المناورة ، والمداورة ، بحسب المصالح أحياناً وبحسب التحالفات السياسية أحياناً أخرى ، غالباً ما تكون بعيدة عن العقائد والمفاهيم الأخلاقية حتى والدينية .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
…….لذلك أليس من الضروري حصر رجال الدين ، بمهامهم الدينية وترك السياسة للسياسيين ؟؟؟