….الارهــاب القـــاتل ابـن شرعــي للفـــقه القـــــاتل
………………….هزيمة الارهاب رهن بهزيـــــــمة ذلك الفــــــــقه
………………….هل يمكن اعادة كتابة التاريخ على أسس علــمية ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ2ـــــــــــــــــــــــــــالاستاذ محمد محسن ـــــــــــــــــــ سورية ـــــــــــــــــــ
السنوات الست العجاف والسابعة تأتي ، سيسجل التاريخ انها حرب السنوات السبع التي غيرت الدنيا ، لأنه وفي جميع الحروب سيتغير الرابح والخاسر كل في منحاه ، كما سيتغير كل من له علاقة بالحرب سلباً أو ايجاباً ، طبعاً الأمر نسبي في جميع الحروب ، إلا في حرب السنوات السبع سيكون هناك رابح وهناك خاسر بالمعنى الاستراتيجي المطلق ، فالرابح والخاسر هنا سيتغيران ، والتغيير لكليهما سيكون نوعياً ، فالخاسر يجب أن يدفع الثمن في كل المجالات ، ــ سنقصر حديث التغيير الآن على ممالك الخليج ـــ ستتدحرج الأمور في هذه الممالك " بل حتماً ستتدحرج " ، فهذه العروش التي تقيم ملكها على أنها حامية للدين ولكن بنسخة محرفة يدعمها النفط الأسود ، هذه العروش ستُدفعُ عنوة وخارجاً عن ارادتها ليس بإعادة النظر بل بالتخلي التدريجي عن فقهها ذاك العتيق الأسود ، وبالتالي ستكون هذه الحرب مقدمة أكيدة لانهيار هذا الفكر الديني الوهابي الظلامي ، الذي سينحسر في جميع بؤره كما حصل في أوروبا ، ولأن هذا الفكر المذهبي العتيق الذي جعل تلك الممالك وهي في القرن الواحد والعشرين تعيش في مفاهيم الجاهلية الأولى ، سيُحارب على جميع الأصعدة ، وهذا سيرتب هزات قوية لتلك الممالك والعروش .
.
فهذا الفقه لم يعد يتناقض مع جميع المعطيات التي يقدمها العلم فحسب ، بل بات سبباً لكل الملمات التي ألمت في المنطقة ، منذ ولادة هذا المذهب في منتصف القرن الثامن عشر وبدء التبشير به ، بمساعدة بريطانيا التي أوجدته ، ثم سلمت الراية إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية ، منذ ذلك الحين والدول الرأسمالية توظف هذا الفكر الديني التحريفي المتزمت الظلامي ، لتوسيع أسباب الفرقة والاقتتال في كل الدول العربية ، وبخاصة الدول التي تحيط " بإسرائيل " .
وفي حرب السنوات السبع العجاف ، استخدم هذا الفقه كسلاح فتاك ، وبه ومن خلاله جند مئات الآلاف من الجهلة والأغبياء ، الذين أكل هذا الفقه عقولهم ، فأيقظ عندهم كافة الغرائز الوحشية البهيمية التدميرية ، وبهم ومن خلالهم دمرت البلاد ويهدفون تدمير العباد بل تدمير المنطقة .
هذه العروش التي تتبنى الفقه الوهابي وتبشر به ، هي العروش المرشحة للتغيير القسري والجذري لأنها الخاسرة كما قلنا مرتين : خسرت الحرب ، وستتحمل وزر ارهابها الذي سقته من حليبها الأسود مالاً وفقهاً .
.
….. أما الدولة الرابحة ــ سورية ــ ، فعلى الجميع أن يدرك بل يجب أن يدرك من لم يدرك بعد ، أنها دفعت ثمناً غالياً وغالياً جداً ، ثمن مواجهتها هذا الغول ــ عن العالم ــ والذي يهدد العالم ، والذي صُنع بمال خليجي وبعناية أمريكية ، ولكن صمود سورية الاسطوري جيشاً وشعباً ــ وبدون مبالغة ــ سيحول المعاناة المريرة إلى فرصة ، لأن التاريخ علمنا أنه في جميع مراحله التي شهدت حالات اختناق ، أدت من حيث النتيجة إلى تحولات وانتقالات نوعية ، وهذه الانتقالات لا يمكن أن تتم إلا بهزات سياسية خطيرة أو حروب كبيرة ، فالولادة الجديدة تمر حتماً في عملية مخاض عثيرة وصعبة وشاقة ، لكنها تنتج مولوداً جديداً ، صحيح أنه نمى في أحشاء رحم القديم ولكنه سيتجاوزه بحكم الضرورة ، وهذا ينطبق على سورية البطلة التي تمر بحالة ولادة وتحول ، والتحول سيؤدي إلى انطلاقة وولادة ، فهي لاتزال حتى الآن تعيش حالة المخاض ما قبل الولادة ، والولادة ستؤدي حتماً إلى واقع أرحب وحالة تغير نوعية ، هي بنت الماضي ولكنها لا تشبهه إلا في ملامحه العامة لأنها كما قلنا ولادة جديدة .
.
…من هذه الرؤية التي قدمتها لنا التجارب التاريخية ، كنت أنا ــ بتواضع ــ استقرأ المستقبل حتى أكاد أنطقه ، بانياً على هذه القراءة تفاؤلي القائم على أن المخاض العسير سيؤدي إلى ولادة ، وهذه الولادة ستنقل مجتمعاتنا ليس في سورية فحسب بل في كل المنطقة ، إلى الضفة الثانية ضفة العقلانية والتنور .
….وهذا الانتقال النوعي والتغير الجذري يتطلبان أولاً وقبل كل شيء ، مهاداً وممهدات فكرية يستدعيها البناء الجديد ، لأن البناء الجديد بحاجة إلى أرضية فكرية ، ثقافية ، مفاهيمية جديدة ، تستند على تراثنا الحضاري ، ولكنها تشكل اعادة تموضع جذرية تقوم على أسس ثقافة علمانية تحترم العقل ، بدلاً من النقل ، وتغربل المفاهيم الدينية وتزيل منها ـــ الزيوان ، والحبة السوداء ، وكل الشوائب ـــ وتترك قمحنا على بيادرنا خيراً وعطاءً .
على هذه الأرضية الفكرية الجديدة الصلبة سيقوم الصرح الحضاري الجديد .
…. من خلال هذا الفهم ، بل يُلزمنا هذا الفهم ، البدء بعملية تحديد مكامن العقد الفكرية والمفاهيمية التي قادتنا إلى اختناقات عبر قرون مديدة ، حالت بيننا وبين خروجنا من النفق المظلم .
.
الذي وبدون أن يدري أعداؤنا أن حربهم القذرة ، هي التي هزتنا هزاً قوياً ستؤدي حتماً إلى استفاقتنا من غفوتنا والخروج من النفق إلى نور المعرفة والعقلانية الحقة ، لذلك علينا الآن وبإلحاح وبدون ابطاء البحث عن اسباب الخلل الذاتي الذي اصاب بنياننا الاجتماعي ، ومن أين جاء المرض ، وعن أي طريق تسلل ، وما هي أدواته ، ولماذا صادر عقول الكثيرين من السوريين وجعلهم لقمة سائغة ، وأعمى بصيرتهم وأبصارهم .
لذلك فإن أهم مسألة وأهم قرار يطرحه علينا الواقع الجديد ، اتخاذ قرار ملح وجريء وذلك برفع القداسة عن التاريخ الديني الاسلامي ، وحصر المقدس في الكتب السماوية فقط ، أما باقي الشروح ، والمدونات ، وما كتب عن الخلفاء ، والسلاطين ، والأمراء ، والفقهاء ، والعلماء ، والشيوخ ، هو غير مقدس ، لأنه كتب في زمان ومكان محددين ، ومن بشر مثلنا ، والانسان خطاء وليس هناك من يملك الحقيقة المطلقة فالحقيقة نسبية .
وتوضيحاً لهذا الرأي سأقدم مثالاً صارخاً على انحراف الفكر الديني ، عن الطريق الذي رسمه الرسول العربي ،
" أباذر الذي وصفه الرسول ــ أصدق الصادقين في الاسلام أباذر ــ هذا الصادق الأمين ، ضرب ، وأهين ، وجوع ، ومات وحيداً منفياً في صحراء الربزة ، و أسامة بن زيد ــ حب رسول الله ــ شتم وضرب وأخرج من المسجد جراً ومات جائعاً ، والصحابي الجليل عبد الله بن مسعود " شحط " من المسجد وضرب وكسر له ضلعان ، ومعبد الجهمي أول القائلين :" الانسان مخير وليس بمسير " قتل في المسجد تحت المنبر ومثل به أمام جميع المصلين ، وتلميذه غيلان الدمشقي قطعت أطرافه وبتر لسانه من قبل الخليفة هشام بن عبد الملك ، في الوقت الذي أصبح فيه الطلقاء ، والطرداء ، خلفاء ، وأمراء " " ورضي الله عنهم وأرضاهم "" ؟؟!!
.
….أما " الخليفة المتوكل " فلقد خرج على جميع الأعراف والتقاليد ، وقام بأمور تشيب لها الولدان ــ آلاف من الجواري والغلمان ، والعهر ، والفجور ، والمجون ــ ولعن في السر والعلن من رجال الدين وغيرهم ، ولكن كان ذلك قبل أن يقتل ويسجن ويشرد المعتزلة الذين شكلوا أول نزعة عقلانية في ذلك التاريخ ، وقالوا : " أن لكل أمر سببا " وحارب فكرهم ، وحرق كتبهم . ولأن هذا الخليفة الماجن اجتث فكر هذه الومضة ، غُفر له كل ما تقدم وما تأخر من ذنوبه ، ، وخصصت خطب الجمعة للثناء عليه ومدحه ، وأقيمت حلقات الذكر لتعداد مناقبه وفضائله ، وعندما يأتي ذكره يقولون : " رضي الله عنه وأرضاه " حيث شكل هذا الخليفة ارتداداً وحالة قطع تاريخية ، عن كل ما كان قد رسخه الخليفة المأمون رائد العلم والمعرفة الذي تبنى فكر المعتزلة ، ونشر فكرهم ، وقرب المفكرين والفلاسفة إلى مجالسه ، واهتم بالترجمة ونشر الكتب العلمية ، وكذلك فعل المعتصم .
………………………هذا غيض من فيض …………………………
…. بعد هذا هل يجوز أن نسبغ على التاريخ الاسلامي صفة القداسة ؟؟؟!!
لذلك ولما كانت الخلافة منصب سياسي ولا تأتي اختياراً من عند الله ، بات الخليفة ، شأنه شأن أي انسان يخطئ ويصيب ، لذلك يكون نقده جائزاً بل وضرورياً ، واصباغ القداسة عليه يعني اعطاؤه مرتبة دينية ، ليس من الجائز دينياً منحه اياها !!،
واستكمالاً للأمثلة نبين باختصار أقوال بعض الفقهاء في العقل :
ـــ الفقيه الأكبر أبو حامد الغزالي : قال بتهافت الفلسفة ، وزندق الفلاسفة .
ـــ ابن خلدون المؤرخ الأكبر يقول : " يجب عزل العقل عن الشرع "
ـــ ابن تيمية الوهابي الأكبر يقول : " التجادل يؤدي إلى الانسلاخ عن الدين "
فهل يجوز اعتماد هذه الآراء في القرن الواحد والعشرين قرن العلم والمعرفة ؟؟
حتى أن جميع الفقهاء و" العلماء " من السلف ، لم يجتمعوا على رأي واحد في أغلب القضايا ، والا لماذا يقولون أن في الاسلام / 73 / فرقة ، ثم يكملون ــ وببالغ الأسف بل والحزن ــ أن واحدة منها " ناجية " والباقيات في النار ؟؟
.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سأسجل هنا باعتزاز وبتبني كلام من ذهب للفيلسوف المتصوف " محي الدين ابن عربي " الذي تشرفت دمشق برفاته
……………" لا يمكن لكل لغات العالم أن تعبر عن
…………………مشاعري يا إلهي حين أخبرتني أن لا جهنم لديك "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
""رجال الدين يخوفوننا من النار حتى يتمكنوا من بيع صكوك الجنة ""
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهذا المقال وبالمقال الذي سبقه أردت أن أستنفر بعض الأقلام الجريئة ، لعلنا نسهم بتحريك هذا الماء الراكد منذ ما بعد الرسول العربي ، منطلقاً من مواقع الحرص على تاريخنا ، واعادة كتابته كتاريخ وقائع ، وأحداث ، وتحولات ، وارهاصات فكرية ، وتبدلات سياسية ، بدلا من كتابته على أنه تاريخ حركات وتناقضات دينية ، حتى بات وكأنه تاريخ صراعات مذهبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
………….من يستجيب لمطالب التاريخ ويتصدى لهذه المهمة ؟؟ !!