المعابد وأماكن العبادة في أوغاريت ..على ضوء ما قدمته لنا التنقيبات الأثرية المكتشفة..
………………………………………………………………………………………….
غسّان القيّم..
………………..
ان دراسة الدين الأوغاريتي لايمكن ان يتم بدون ذكر الآلهة والناحية الدينية من أكثر النواحي وضوحا عندنا في أوغاريت بسبب كثرة النصوص المكتشفة في هذا المجال ولابد لنا من الاعتراف بأن التنقيب الأثري لم يسفر حتى الآن الا عن القليل من
المباني التي يمكننا بكل ثقة أن نؤكد انها كانت ذات طابع مقدس ومن بين المباني التي تم التعرف عليها معبدان متميزان كشف عنهما عام 1929 و عام 1934 فوق منطقة الأكروبول يدعى المعبد الأول الواقع الى الغرب معبد بعل . وهو أفضل المعبدين حفاظا على شكله والاخر معبد داجون يبعد حوالي 60 مترا من جهة الشرق وقد اتفق على تاريخ بناء هذين المعبدين الى فترة عصر البرونز الوسيط بداية الألف الثاني ق.م حيث أكدت المعطيات الأثرية ان هذين المعبدين بقيا في الخدمة حتى الدمار النهائي لمدينة أوغاريت في مطلع القرن الثاني عشر ق.م 1180 ق.م
وبالمقارنة مع تصميم هذين المعبدين يعتقد المنقبون انهم حيال معبد ثالث انه الصرح الوحيد الموجودفي منطقة القصر الملكي الذي يمكن ان يكون معبدا وهو المسمى المعبد الحوري لكن تنقيب هذا البناء لم يكشف عن اي لقى من النمط الذي يعبر عن نوع التعبد التي كان يتم فيه .الإ لقى مكتشفة هي عبارة عن أوان صغيرة وعن فأس نذرية أكدت على طابعه الديني . أمام هذا النقص في المعطيات الأثرية فيما يتعلق بالفضاءات المقدسة في المنطقة الملكية علينا ان نتجه نحو الوثائق المكتوبة لكي نغطي المعرفة عن الحياة الدينية والشعائرية داخل منطقة القصر الملكي وهناك عدة جوانب من هذه النصوص :
من ناحية العقيدة الشعائرية الدينية فالملك هو الممثل الرئيسي وراعي الطقس الوحيد المشار إليه بوضوح ككاهن أكبر في النصوص الشعائرية حيث أكد نص مكتشف يذكر أضاحي الملك ونصوص اخرى تشير الى نشاطات دينية .
– هناك على الأقل فئتان من الاشخاص القائمين على خدمة الملك الذين تمت تسميتهم في النصوص الإدارية والذين عليهم الاهتمام بالأمور المقدسة : الكهنة .
– هناك الكثير من المعابد وأماكن اخرى مقدسة مذكورة في النصوص ومع ذلك فإن المعبدين القابعين فوق الأكروبول هما بالتأكيد مركزا العبادة الوحيدان للأضاحي وكما يبدو كانت تتواجد بعض من هذه المراكز للعبادة في منطقة القصر الملكي
لابد بأنه كان يوجد منشآت ذات طابع مقدس مجهزة من أجل ذبح الحيوانات المقدمة ولها مذبح كبير بما فيه الكفاية لحرق أجسام الماشية الصغيرة والكبيرة بالإضافة الى مطبخ وقاعة للاحتفالات وقاعة للطعام .وفي نص مكتشف ذي صفة ادارية يذكر كميات كبيرة من الخمر مرسلة من مختلف مدن وقرى مملكة أوغاريت من أجل اضاحي الملك ونفكر في الحال في الجزء الشمالي من منطقة القصر الملكي حيث اكتشف منشأة من هذا النوع .البناء ذو الأعمدة الذي كان يسمى سابقا الإسطبلات .مع انه لايوجد اي اثر مؤكد لمذبح كان هناك على مايبدو ومنشأة مشابهة ربما أقل حجما لأنها مخصصة للعائلة المالكة بالقرب من قبور القصر .
ان المعطيات الاثرية حول مظهر العبادة الملكية الذي نسميه اليوم روحانيات نادرة في الواقع , هناك نص واحد فقط يقيم علاقة واضحة بين الدعاء الملكي والقصر فبحسب النص المذكور فإن الملك بعد ان يترأس في البداية الاحتفال بالسنة الجديدة يعود الى مقره ويرفع يديه عاليا نحو السماوات وبحسب نص اخر على المرتل ان يرتل نشيدا بعد سلسلة من الأضاحي في أماكن مقدسة عديدة يبدو انها تقع في القصر والدعاء بحد ذاته يطلب حماية الإله بعل لأبواب وأسوار أوغاريت .
وتجدر الإشارة اخيرا الى المكانة التي كان يحظى بها طقس القرابين في الديانة الكنعانية كما تبدى لنا في أوغاريت للحصول على الحماية الإلهية كونها تتدخل فيه الآلهة في كل صغيرة وكبيرة من حياة البشر ومن هذا المنطق نستطيع ان نشير الى دور الكهنة وتنظيمهم النشاط العملي للناس واهتموا بأن يتوافق ذلك النشاط مع متطلبات ممارسة طقوس العبادة..
…عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم..