م عبدالله احمد
الخبير الجيو سياسي
كلمات في المحظور …
ما اكثرها العجائب في هذا العالم …فالسحر والجمال ..والفوضى والخراب …ومابين الاعصار والنسمات مسافات وحالات تفيض بها النفس …قد لا تساعد العين احيانا ولا بد من بصيرة تحملنا الى عالم فيه صفاء،لتنجلى الصورة في زمن التشويش والعتمة والتلون ..وفي الحرباء سر من اسرار الطبيعة …الا ان التلون لا يخفي مشاهد العبث التي تثير الحيرة في كثيرا من الاحيان …
ونقلب الصفحات …ونمضي …فالزمن لا يتوقف وعلينا ان ننسجم مع سلاسل الزمن …ونمضي..
في الدين وفي السياسية …صفحات لا تمر الا بعد ان تاخذ منا الكثير فهل تبقى ما يجعلنا قادرين على تجميع الاشلاء والمضي رغم العبث والفوضى …او انها طبيعة الحياة لنجد انفسنا كما نحن ونمضى …
ما هو الدين ؟ وما هي الطقوس ؟ الالحاد او الايمان او العقيدة ؟ ومن نحن وكيف نمضي ؟ واين الحقيقة وهل البعض قد وجدها ؟ ويمضي بها والاخرين في متاهة ؟ وهل منها تبدأ المشكلة …اما الحل!
اسئلة تحمل في طياتها معضلات قد يطول الوقت لشرحها او لمناقشتها ومجريات الاحداث حيث الشرق المقدس يلتهب بمتناقضات لا تبدأ مع الميتافيزيقيا ولا تنتهي مع مقتضيات الحياه اليومية …
قد لا تهم الاجابة كثيرا ..فالمهم كيف نعيش مع بعضنا البعض كمخلوقات لها روح وفكر تسكن اجسادنا الهشة …بكرامة بمحبة تليق بصورة الكون المصغرة فينا!
ويبقى السؤال …هل هو الدين او التدين او الدين السياسي او الصراع الفكري هو الذي فجر العالم الى صراعات وحروب لا تنتهي منذ الازل ؟ اما ان الدين كان من الوسائل التي استخدمت من اجل السيطرة وامتلاك السلطة …
انه الجشع والرغبة في السيطرة والنفوذ ، انها سقطه انسانية في غياهب العدم ، انه الصراع المرير ما بين الخير والشر فمن ينتصر؟ وهل الحتمية هي الدمار والفناء كما يروج الماديون …اما ان حتمية التاريخ وسر الفطرة الانسانية الخيرة ستملئ الافاق ..ويسقط من يسقط ويبقى من يستحضر ما تبقى من جذوره الانسانية لتعم المحبة.
عبر التاريخ كان الصراع دائما يهدف الى السيطرة على موارد العالم ولم يكن هذا الصراع من اجل دين او مذهب، الا ان الدين السياسي والمال استخدم لترسيخ السلطات عبر التاريخ ، فالحروب تحتاج الى قوى بشرية وقطيع يرمي نفسه من اجل تحقيق غايات سامية تجسد من خلال الاقنعة الاخلاقية لتبرر االتضحية بالنفس .
فالتاريج يعج بالاحداث التي لا يصدقها العقل، فالاجرام الذي مارسته الامبراطوريات عبر التاريخ لا مثيل له ، فما فعله المغول فظيع، وما فعله الاسبان في امريكا يفوق التصور، كما ان الحرب الصليبة لم تكن من اجل دين او مقدسات لكنها كانت حرب سيطرة ونفوذ، وكذلك الامر في فيتنام والبوسنه والعراق ،او ما قام به اليابانيون في الصين من تقطيع وخطف وجرائم ..صورمتماثله تتكرر في عصرنا الحالي .
لم تكن النازية تتبنى دين محدد ، وان كان الشعار تفوق العرق الاري، لكن الحرب العالمية الثانية كانت حرب توسع وسيطرة وردة فعل او محاولة لردة الاعتبار للالمان بعد ما لحق بهم في الحرب العالمية الاولى ..
ومن المفارقات التاريخية ، ان ستالين وقادة اخرين في الاتحاد السوفياتي السابق قد عادوا الى الاستعانة بالكنسية من اجل حشد الناس لمواجهة النازية، بعد ان اعتبرت الشوعية ان الدين هو افيون الشعوب، واستخدمت النظريات الفلسفية المادية واختصرت الحياة كونها حركة +حرارة …والعالم ما هو الا مادي بحت ولا مكان للاخلاق او الفكر او الروح ….لكن اول من اسقط هذه النظرية هو مؤسسها ماركس عند بدأ يستجدى معارفه واقاربه طالبا المساعدة عند سن الهرم والمرض .. .فاللعواطف والروح مكانه لا تمحى لانها من حقيقة الوجود .
في سورية كان الدين السياسي ادادة للمشروع الغربي من اجل السيطرة والهيمنة على المشرق وصولا الى اوراسيا ، داعش والنصرة وغيرها من التنظيمات الارهابية التي اتخذت الاسلام قناعا لها استخدمت الارهاب ذاته التي مارسته امبراطوريات سابقة من اجل السيطرة ، وانما بصورة اكثر حدة وتغولا وتدميرا ..انها ادارة التوحش من جديد انه تحالف قوى لا علاقة لها بالاديان في الجوهر من النيوليبراليه الى الوهابية والاخوانجية.فالحرب ليست عقائدية كما يروج لها البعض ..انها حرب من اجل السيطرة على العالم مهما كانت الوسائل .
المشكلة ليست في الدين …الاديان وبغض النظر عن الطقوص والممارسات احيانا وحروب التشويه احيانا اخرى ، ففي جوهرها نداء الى الجذور الاخلاقيه الى الفكر والى العقل..الى التناغم مع الكون البديع المنظم …الى التامل ..الى الروح الى الاخلاق ….ولا تعارض بينها وبين العلم ..فالعلم يظهر لنا وحدة الكون المنظم بابداع من الاوتار الفائقة في اصغر المكونات التي تشكل نواه الكون الى المجرات ..فالكون منظم اخلاقي بديع .
انها دعوة للعودة الى الاخلاق والى الفكر الخلاق . الى اعادة بناء العقل العربي من جديد .. الى التنمة والتعاون والى امتلاك القوة …
…ونظرة الدونية التي يروج لها البعض للشرق هي اهانة لهذا الشرق المقدس العظيم الذي استمر واضاء ظلمات العالم عبر العصور ، المشكلة ليست مع الدين او الاعتقاد ..لكنها مع تسيسس الدين ..مع الانتهازية السياسية …مع النيولبرالية ..مع الجهل والتخلف .مع الفساد ..مع الكبت بكل انواعة مع من يدعي احتكار الحقيقة …مع الجاهلية الاولى التي تدعي احتكار الله ..
قد يقول البعض انها رومانسية لا تنسجم مع الواقع …والجوانب المظلمة مازالت كبيرة وانين الضحايا لا يزال يسمع !..الا ان هناك صوت من صفاء من عبق الحق لا يفارقنا ينادي ..رغم الكبت والقهر ..رغم الظلم الذي حل بنا …ابى هذا الشرق الا ان يولد من جديد كما فعلها عبر التاريخ … اننا اقرب من اي وقت مضى الى الصحوة.فطائر الفنيق ينهض من جديد …ودمشق تزهو مبتسمة تبشر بالفرح ..وفي القلب حزن على من رحل وسقط شهيدا من اجل قيامة اليوم …نعم ننهض من جديد والارهاب الى زوال ويبقى ان نعيد ترتيب الاشياء ..واستنهاض العقل والوعي الجمعي بما يليق بهذا الشرق المقدس .
…