يا سماءْ
يا قناديلَ السماءْ
يا مُضيءَ الكونِ يا ربَّ السماءْ
كيفَ جئنا؟ كيف كنّا في السماءْ؟
إنما نحن ترابٌ
صارَ طينا
بعد عطفِ الماءِ حينا
ثمّ بالنار قسَوْنا
ثمّ لِنّا بالهواءْ
نحن لسنا غيرَ شيءٍ
أصلُه طينٌ وماءْ
من ثقوبِ الضّيقِ جئنا
فافترقنا
بين إسمٍ يحملُ الإيمانَ معنى
ومعانٍ بحروفِ الإسمِ تُعنى
ربّما للضيقِ معنى
بعضُ نورٍ
بعضُ عتمٍ
بعضُ قسطٍ
بعضُ ظلمٍ
يجعلُ الأيّامَ لا تَفنى
وتَفنى
إنّما الأزمانُ إنسانُ تسامى أو تَدنّى
ليس بين الروح والجسم سواء
ليسَ بينَ الجوِّ والأرضِ انتماء
يا صديقْ
أيّها العقلُ الرفيقْ
أنتَ ما بينَ طريقَينِ، تَخيّرْ
وتَجَهّز للمسيرْ
أنتَ عبدٌ أو أميرْ
هل ترى هذا الطريقْ؟
فَيمينٌ لِيمينٍ
وشمالٌ لِشمالٍ
فَعزيزُ النحلِ يختارُ الرحيقْ
وفَراشُ الذلِّ يمضي للحريق
فتخيّرْ
أنتَ من أيِّ فريقْ
وتجهّز للمسيرْ
وامضِ واختَرْ ما تشاءْ
لِبقاءٍ أو فناءْ
مَنْ بنى فوقَ رمالِ النقلِ قَصْرا
سوف تذروه رياحُ العقلِ قَسْرا
يتبعُ الآثارَ حيناً
ثم يمسي في ضياعٍ بعد حينْ
لم يعدْ للأوّلِينْ
لم يَصِرْ للآخِرينْ
وذئابُ الليلِ جَوعى بانتظارِ التائهينْ
أيُّها الذِّبحُ السمينْ:
إنْ نجوتَ اليومَ منها
سوفَ تقضي ظامئاً
إذ ليس يرويك الغباءْ
ليسَ إلّا من فراتِ العقلِ
-لا النّقلِ -الرّواءْ
يا صديقي يا أمينْ:
لقدِ اخترتُ طريقي عن يقينْ
وغرامٍ وهيامٍ وحنينْ
يا طريقَ البائسينَ الجائعينْ
يا طريقَ الخالقينَ الصبحَ نوراً
من ظلامِ الظالمينْ
يا طريقَ المُلهَمينَ المُلهِمِينْ
يا طريقَ الشهداءِ
الأنقياءِ
الأتقياءِ
الأولياءِ
الأنبياءْ
يا طريقي للهناءْ
يا رجوعي للسماءْ
فاقبليني يا سماءْ
نادر علي