.هــل أفــرز الواقــع الخليــجي هــؤلاء الأمـراء السفـهاء لتصفيـة ممـالكهم ؟……
……اسْتُنــزفوا مــادياً ، وفقــهياً ، في حــرب أمريــكا وخســروا هـم وأسيــادهم ……
……حتـى الواقــع الأمريــكي أفــــرز ترامـب ليشـــرف على فكفــكة تحاــلفاتها…….
المحامي محمد محسن
عندما نستمع إلى المأفون أمير قطر ( تميم ) وهو يتحدث على منصة الأمم المتحدة ، ويحمل الدولة السورية مسؤولية ما يحدث في سورية من قتل ودمار ، ويتناسى دوره في تسليح وتمويل مئات الآلاف من القطعان الارهابية المتوحشة ، ويرسلهم لقتل ملايين السوريين وتدمير الشجر والحجر ، مسترشداً بسياسة والده ورئيس وزرائه الذي اعترف بإنفاق 134 مليار دولار من ميزانية بلاده ( فقط ) ، على حربه في سورية قبل رحيله عن الامارة ، وذلك عن طريق زِراع قطر الارهابي ( جبهة النصرة القاتلة وبعض ملحقاتها ) ، وكانت قطر قد ساهمت عملياً بتدمير ليبيا جنباً إلى جنب مع الناتو ، بقرار من الجامعة العربية ، بعد كل هذا ؟ يقف الانسان مشدوهاً أمام قول هذا المأفون ؟.
.
كما وعندما نرى محمد بن سلمان أمير السعودية الذي فيه بعض العته ، وهو يتابع حربه في اليمن ، التي حصدت أرواح مئات الآلاف من الشهداء ، وعممت الجوع والمرض في ذاك البلد الفقير المحاصر ، وينشط لإقامة حلف مع اسرائيل لمواجهة ايران بشكل جاد ومباشر ، يشاركه في كل ذلك صديقه محمد بن زايد المفتون بشكله ، تأخذك الدهشة وتتساءل هل فرزهم واقعهم الهش لتصفية تركة الآباء والأجداد ؟؟؟ .
.
ولكن عندما نقارن أحاديث هؤلاء الأمراء وخطبهم بخطاب سيدهم وحاميهم ( ترامب ) ، عندما ( دردر تلك التبجحات ) من على منصة الأمم المتحدة ، والتي اثارت السخرية والضحك من جميع من حضر الجلسة ، عندها فقط تذهب الدهشة ، وتعطيك المبرر الكافي لما ورد في خطاب الأمراء من مبالغات وأكاذيب ، ويريحك في التحليل لأن هؤلاء الأمراء الأجراء مجبرون على ترداد نفس الاسطوانة المشروخة ، التي طرحها سيدهم ولو بعبارات أخرى ، لأنهم ليسوا إلا ببغاوات ناعقة تقلد [ سيدها الأمريكي الحامي ] ، وليس لهم من امرهم شيئاً ، [ لأنهم ليسوا إلا خدم مأجورين مكلفين باستخراج نفط الجزيرة العربية ، وتسليمه إلى المالك الفعلي سيدهم الأمريكي ] ، ولكن بأجور مجزية تسمح لهم بعيشة الملوك السفهاء ، وامتلاك اليخوت الفارهة ، وبناء القصور المنيفة ، وممارسة كل رغباتهم الجنسية وغيرها كما يشتهون ، ومن يعتقد غير ذلك فليأت ببرهانه .
.
ولكن وبكل موضوعية عندما تريد تقييم هؤلاء الأمراء والملوك الأقزام ( تميم بن موزة ، ومحمد بن سلمان ، ومحمد بن زايد ) ومدى خوائهم وهزالهم ، والسياسات المرتجلة التي يقومون بها ضد شعوبهم ، وضد شعوب المنطقة كلها ، لابد وأن يأخذك التفكير إلى التساؤل : هل جاء هؤلاء الأمراء لتصفية تركة هذه الممالك ؟ ، التي عمرت طويلاً وكانت مهماتها منذ تأسيسها رعاية مصالح الغرب من وراء ستار أحياناً وبشكل مكشوف أحاييناً ؟؟ ، ثمناً لبقائهم على عروشهم ، ومن البدهي أن تصب تلك الأدوار والمهمات في طاحونة اسرائيل من حيث النتيجة والمآل ، لأن أي جهد يوظف لصالح أمريكا لابد وان يُصيبَ زراعها في المنطقة بعضاً من نصيب ، كل هذا كان معلوم لكل متابع ، ولكن الجديد في الأمر إزالة الأقنعة عن وجوههم إلى الحد الذي سلخوا معها جلود وجوههم ، وراحوا يتعاملون مع اسرائيل بشكل مباشر وجهاً لوجه ، وبكل وقاحة وبدون أي قناع .
.
ولكن السؤال التكميلي الثاني الذي يدفعنا للقول : ما هو الدافع الذي قادهم إلى مواقع التعامل المكشوف مع اسرائيل ؟، هل هو انكشاف ظهورهم ؟ وثبوت عجزهم ؟، بعد أن فشلوا في القيام بالدور الأهم الذي تنطحوا له ، خدمة لسيدهم الأمريكي في حروب [ الربيع العربي ] ، بالرغم من أنهم استخدموا كل طاقاتهم المالية ، حتى الاحتياطي والسيادي منها ، لتمويل وتسليح آلاف من القطعان الارهابية المتوحشة ، لتدمير البلدان التي كانوا يعتبرونها شقيقة ، طبعاً لخدمة السيد الأمريكي وبالتالي اسرائيل ، والطبيعي أن من يثبت عجزه عن القيام بالدور الأهم الذي أعد له ، لابد أن يتم التخلي عنه من قبل مشغليه الأمريكيين ، لهذا السبب راحوا يبحثون عن حليف يشدون به أزرهم ، ويستقوون به ، فكانت اسرائيل ؟؟؟ ، ولكن تقتضي الموضوعية أن نعترف أنهم قد أدوا خدمة جليلة لكل أعداء الأمة ستحسب لهم ، ألا وهي سوق الفقه الاسلامي التكفيري حتى سقط في زريبة الارهاب .!!!
.
أما الخسارة الكبرى فكانت لسيدهم الأمريكي ، ولكل حلفائه وتابعيه في كل العالم ، عندما رُدت هجماتهم على سورية ، وعادوا خائبين خاسرين ، لذلك هل تستقيم الروائز التي قيمنا بها أولئك الأمراء الخائبين ؟؟ ، والتي أكدنا فيها أنهم جاؤوا لتصفية تركة ممالكهم ؟؟ .
وهل يمكن تطبيق هذه الروائز ذاتها على سيدهم الأمريكي ؟ ، الذي فرزه أيضاً واقعه السياسي لقيادة مرحلة الارتداد والتراجع للإمبراطورية الأمريكية ؟؟ ، بحيث تجد بين الأمراء العرب وبينه بعض التماثل ؟، فعندما يصبح رئيس أغنى وأقوى دولة في العالم ( أركوزاً ) ومساراً للسخرية في الأمم المتحدة ، فلا عتب على الأجير ولو كان قرداً ، لأن ( الأركوز ) بحاجة إلى قرود مع بعض الدببة ليستكمل السيرك ، ولأن الأجير يبقى تابعاً والتابع ( هنا الملوك والأمراء ) لا يتحمل أية مسؤولية ، لأنه ينفذ أوامر المتبوع ( هنا أمريكا ) ، وهذا مقر بكل القوانين الدولية .
.
لكن ونحن في معرض هذا الرئيس الذي اثار الضحك ، بسبب تبجحاته الجوفاء من على منبر الأمم المتحدة ، عندما قال وبدون مناسبة : أن ما قدمه للشعب الأمريكي فاق ما قدمه جميع الرؤساء الأمريكيين من قبله ، لابد وأن نعترف بصحة جانب من هذا القول ، لأن ترامب لم يأخذ ( ثمن نفط الجزيرة العربية الذي تملكه دولته فعلياً ، كما كان يفعل ما سبقه ) فحسب ، بل اخذ مبلغ ( 450 ) مليار دولار من قيمة أجور ومخصصات المليك السعودي وأمرائه ، التي خصصها لهم سيدهم مقابل خدماتهم ، فتعالوا نقيس على ضوء تلك الحصة ، الحصة التي دفعها ( تميم أمير قطر ) ليس ثمناً للحماية العامة للجزيرة الصغيرة الغنية فقط ، بل للحؤول دون التهامها من قبل جارتها الكبرى السعودية ، بذلك يكون ترامب قد صدق لهذه الناحية .
.
ولما كان التاريخ قد أثبت أن كل حقبة زمانية تفرز قائداً يمثلها ويماثلها ويشبهها [ كغربتشيف ] ، فان كان التراكم الكمي ( المعرفي ، الاقتصادي ، السياسي ) لمجتمع ما متصاعداً ، فرزت قائداً منها يتحمل مسؤولية استكمال القفذة النوعية نحو الأمام ، والعكس صحيح ، أي أن مرحلة التردي والانهيار يأتي ابنها الذي يشبهها ليقودها إلى الانكفاء والتراجع تمهيداً للتفكك .
فبأي منزلة يمكن أن نضع سياسة هؤلاء الأمراء الأقزام ، وسياسة سيدهم ( ترامب ) ؟ ، هل نضعها في منزلة الصعود ؟، أم في منزلة الهبوط والتردي ؟ ، أم في منزلة بين المنزلتين ؟؟ ، سأترك الجواب للقارئ الفطن .
.
نعم كان الرؤساء الأمريكيون الذين سبقوه ، أسياد العالم لأنهم يقودون قطباً عالمياً واحداً أوحداً يتصرف بمصائر الشعوب ، معتمدين سياسة الحروب والبطش والتجويع ، ومن هذا الباب جاءت حربهم على سورية ، بهدف الحفاظ على تسيدهم على العالم ، وذلك بمنع روسيا من التفكير بتشكيل قطب منافس ، وذلك من خلال حصارها والاطباق عليها من البلقان وجورجيا ، واوكرانيا مستكملين ذلك بإغلاق البحر الأبيض المتوسط أمامها ، وحرمان اسطولها من المياه الدافئة ، من خلال احتلالهم لسورية والعراق ، فذلك من أبجديات الحفاظ على القطبية الواحدة .
.
أما ترامب الرئيس الجديد الذي انقلب على سياسة أوباما ، فلقد جاء لملمة قلوع هذه الأمريكا ، المفرودة على العالم بصفتها شرطي العالم ، بعد خسارتها حربها الأخيرة هذه في الشرق المتوسط ، التي لم تؤد إلى حصار روسيا ومنعها من تشكيل قطبها المنافس ، بل أدت إلى تشكيل القطب المشرقي المنافس من خلال أوار الحرب المستعرة التي خططوا لها وفجروها .
وإذا ما أضفنا إلى خسارة أمريكا الاستراتيجية لحربها في سورية ، مبادرة ترامب إلى تفجير حرب اقتصادية أصابت الصديق قبل العدو ، ولم تسلم منها دولة من دول العالم من العقوبات والملاحقة ، بما فيها حلفاؤه الأوروبيين ، فهل يمكننا أن نعتبر أن حربه الاقتصادية هذه ، هي بنت الضرورة التي تساهم بفكفكة جميع تحالفات أمريكا التاريخية ، التي حققتها بعد الحرب العالمية الثانية ؟؟؟ ،